لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

مؤشرات اقتصادية لا تبشر بخير

ها نحن في بداية عام جديد (2019)، فهل تتراجع هموم الأردنيين من أعباء المعيشة؟ هل يتعافى الاقتصاد؟ هل تخف حدة المشاكل الاقتصادية، المديونية، البطالة، الفقر، التضخم؟ هل تحدث معجزة ويرتفع معدل النمو الاقتصادي؟
للحق الحكومة الراحلة برئاسة الملقي، وكذلك الحكومة الحالية برئاسة عمر الرزاز لم تنكر أن الوضع الاقتصادي برمته يعاني، لكنها لم تتوقف عند هذه المفردة (المعاناة) بل وعدت باقتصاد يتعافى ويتحسن، وقالتها بكل عنجهية، فعلى ماذا اعتمدت في طمأنتها للأردنيين؟ أم أنها أرادت امتصاص نقمتهم فحسب؟
الشارع الأردني لم يعد يجهل المعطيات والمؤشرات التي تبين التفاؤل من التشاؤم، كما أنه يلمس الأوضاع عن كثب ويقيس هذه الأوضاع فقراً وبطالة وجوعاً وارتفاع أسعار وضرائب.
النظريات الاقتصادية تتفق على عدة مؤشرات اقتصادية تبني عليها تقييمها للسنة أو السنوات المقبلة. من ابرز هذه المؤشرات:
* الاسعار وتكاليف المعيشة.
* سوق العمل ومعدلات البطالة.
* الفقر وارتفاع أو انخفاض معدلاته.
* النمو الاقتصادي.
* ميزان المدفوعات.
* التجارة الخارجية.
* رخص الأبنية.

هل يوجد في أي من هذه المؤشرات ما يوحي باطمئنان المواطن الأردني أم أنها في مجملها تجعله يضع يده على قلبه وهو قلق، خائف ومرتعب من أيام سوداء قاتمة؟
من حيث تكاليف المعيشة، ومعدلات الأسعار، فالمؤشر لا يبشر بخير، فالتضخم بلغ (3.7%) حسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة 2/1/2019، وقد أظهرت مقارنة حديثة للأسعار نشرها التلفزيون الألماني الرسمي نقلاً عن صحيفة الإيكونوميست البريطانية أن العاصمة عمان هي الأغلى من بين كافة العواصم العربية، حيث تناولت المقارنة (155) سلعة وخدمة في (133) مدينة في العالم وصلت عمان في (المركز الأول) عربياً والمركز (28) عالمياً.
ويستطيع المواطن أن يلمس هذا الغلاء في المعيشة من خلال تراجع قدرته الشرائية، وبالمنطق لا يمكن لبلد يعاني من العجز الاقتصادي وسياسته تقوم على استمرار فرص الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم إلا وتكون نسبة غلاء المعيشة في ارتفاع مستمر.
سوق العمل: تشير البيانات الرسمية إلى أن معدل البطالة بلغ في الربع الثالث من العام (2018) ما مقداره (18.5%) بزيادة قدرها (0.3%) خلال الربع الأول من نفس العام. وهناك ارقام غير رسمية مفزعة تشير إلى أن المعدل يبلغ (24%) وهذا طبيعي في ظل تراجع حجم الاستثمارات وانسحاب مستثمرين وكذلك تراجع معدلات النمو.
النمو الاقتصادي: سبق وتوقعت موازنة هذا العام (2019) نسبة النمو الاقتصادي بـــ(2.5%) وكذلك صندوق النقد الدولي توقع نفس المعدل فيما البنك الدولي توقع (2.2%).
لكن دائرة الاحصاءات العامة في بيانها بتاريخ 2/1/2019 أظهرت أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ (2%) في الربع الثالث من العام (2018).
ومن الطبيعي أن تكون زيادة الضرائب والرسوم لها تأثير سلبي على الطلب العام وهذا سيؤثر حتماً على النشاط الاقتصادي وبالتالي إلى الركود الاقتصادي، كما أن الاستمرار في فرض المزيد من الضرائب المباشرة مثل ضريبة الدخل وغير المباشرة مثل ضريبة المبيعات سوف يساعد في تراجع حجم الاستثمارات ويقلل من القدرة الشرائية وتآكل الأجور مما يؤدي إلى تراجع معدل النمو وبالتالي يزيد من نسبة التضخم، ويقدر المختصون نسبة النمو الاقتصادي اللازمة لإحداث توازن بـــ(4%) حتى تتوفر الإمكانية للتصدي للمشاكل الاقتصادية الرئيسية.
عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات:
وهذا يرتبط بواقع التجارة الخارجية، حيث يشهد الأردن تراجعاً في حجم السوق المحلي نتيجة لتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار، وتراجع حجم الصادرات نسبة إلى الواردات، حيث بلغ عجز الحساب الجاري (8.3%) كما أن المنح الخارجية تراجعت بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المنطقة، حيث قدرت نسبته في المنح الخارجية بـــ(10%) لتبلغ (7000) مليون دينار مقابل (777) مليون دينار العام السابق.
كذلك عدم التمويل الكامل لخطة الاستجابة للأزمة السورية من الدول المانحة، إذ حصل الأردن على (59%) من حاجته لمواجهة تكاليف اللجوء السوري.
المديونية العامة: وهذه كارثة الكوارث لأن الحلول التي تعتمدها الحكومة أكثر من عقيمة، فهي تلجأ للاقتراض كل مرة من أجل سداد أقساط وفوائد الدين الخارجي، ففي عام (2015) حصل الأردن على فرص جديدة قالت الحكومة أنه لدعم الموازنة، وفي شهر نيسان (2018) تقدم الأردن بطلب فرص جديدة قيمته (500) مليون دولار كدعم للموازنة وقرض آخر من فرنسا بقيمة (100) مليون يورو. وتدعي الحكومة أن القروض الجديدة تتم بتسهيلات أكبر لجدولة قروض قديمة بسعر فائدة كبير، وقد بلغ حجم الدين العام (28.5) مليار دينار (حوالي (41) مليار دولار).
مؤشر رخص الأبنية: من المؤشرات التي تكشف مدى الحالة الاقتصادية والاستثمارات. وفق دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغ إجمالي عدد رخص الأبنية الصادرة في الأردن (28640) رخصة خلال الـــ(11) شهر الأولى من عام (2018) مقارنة مع (34960) رخصة خلال نفس الفترة من العام الذي سبقه (2017)، بانخفاض نسبته (18.1%) أما مساحة الأبنية المرخصة فقد بلغت حوالي (9.2) مليون متر مربع حتى نهاية شهر تشرين الأول العام (2018) بانخفاض نسبته (12.5%) مقارنة مع نفس الفترة من عام (2017).
إذن، نلاحظ أن كافة المؤشرات الاقتصادية الواردة تدعو للقلق والخوف من قبل المواطن الأردني في العام الجديد، وكل ما خرج على لسان الحكومة، أنها تجترح حلاً يقوم على الاعتماد على الذات لقاء نقوص الدول عن تقديم المنح، وهذا ليس له تفسير سوى تفسير واحد وهو الاعتماد على فرض مزيد من الضرائب ورفع الدعم عن السلع والخدمات وتجويع وإفقار المواطنين، دون أن تجرؤ الحكومة على الإقدام على حلول جذرية تقوم على التخلص من وصاية صندوق النقد والبنك الدوليين، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والحيلولة دون إغراق السوق الأردني بالمنتجات الأجنبية والتي تسببت في توجيه ضربة قاصمة للصناعة والزراعة في الأردن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى