لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
ثقافة وأدب

“دولة غسان كنفاني”

الكتابة هي توثيق الماضي، ووصف الحاضر وطريق المستقبل، والمستقبل هو الطريق المفعم بالأمل والحب.

طريق غسان كنفاني .. الدم والورد

في ذكرى رحيل كنفاني، كل ورود العالم لا يمكن ان تنتزع رصاصة واحدة او عبوة تفجير واحدة من بقايا جسده المتناثر حتى اليوم في شوارع بيروت، ورود العالم بكل بريقها لا يمكن ان تمسح دم غسان كنفاني من شوارع بيروت حتى اليوم ولا رائحته من الشواطئ، ولا وجهه عن الحيطان، ولا صوته عبر الاذعات ينادي حتى اخر قطرة دم في عروقه “فإما عظماء فوق الأرض أوعظاما في جوفها”.

لم يكن غسان كنفاني اسطورة الماضي، ولم يكن بقدر تلك المسافة واصفا لحاضره، كان ممتدا الى أوله، الى اول القضية ومنتهيا الى اخرها، اخرها الذي لم يصل ولن يصله أحد؛ الا عندما يعود الوطن الكامل فوق التراب الفلسطيني الكامل.

استعادة غسان كنفاني، لن تكون بالورد .. ستكون بالدم، لان المقاومة هي فعل الاستمرار لا فعل التصالح.

عشق غسان كنفاني .. العتمة والنور

لم يكن عشقا عاديا، كان بمثابة حرب لا نهاية لها، الرجل الذي اعتاد الحروب لا يمكن ان يسير في طريق خالٍ من الألغام، والحرب على طريقة غسان كانت مختلفة، كان هو الجلاد والضحية، الرجل المسكون بالوطن والمتوجع من المنفى والمنهك من امراض الجسد والقابض على جمر القضية كان من البعيد جدا ان يكون سقوطه في الحب مدوياً لهذه الدرجة رغم ايمانه المنقطع بأن “الحب وحده لا يستطيع مهما بلغت حرارته أن يخبز رغيفاً” الا انه كان على يقينٍ كامل بأن الحب قادرا على ان يخبزه بنيران هادئة الى ان تحولت النيران الى بركان من الرسائل فجرته الاديبة غادة السمان عندما نشرت الرسائل لأول مرة.

قدّم كنفاني الحب من وجهة نظر جديدة، رغم ان الحب ليس له وجهة نظر بالأصل ولا يعرف النظر بتاتا، الا ان وجهة النظ كانت في ان يكون الحب بأغلى ما يمكن للرجل ان يحمله في صدره؛ وربما حَاكَها بطريقة ابسط واكثر عمقا في رسالته “أقرب الأشياء إلى الرجل و أكثرها تجذرا في صدره، الوطن والحبّ”.

جيش غسان كنفاني .. يتجدد كل يوم

كان دوما يكتب للاطفال، كان دوما يكتب للمستقبل، الامل في عينيه لم يمت وهو يرسم لوحاته التي يرى فيها ابطالا لعالم اخر “عالم ليس لنا” فكانت النتيجة جيشا لا ينقطع، جيشا لا يحصر في دولة ولا يمشي وراء راية واحدة ولا يحارب من اجل مصلحة وحيدة، جيش غسان كنفاني الذي كبر على مبادئه، وخط اول رسالة حب على طريقته، وحمل او بندقية على نهجه، وخط اجمل اللوحات بلون ريشته.

جيش غسان كنفاني الذي يكبر كل يوم، يزداد نضوجا وولعاً بحب الوطن والايمان بالحب الاصيل، جيلا انصفه في وقت نسيه البعض والبعض الاخر نسي القضية برمتها وتحول الوطن لكرسي خشبي بلا أرجل، يقف على اخر ما تبقى من عظام شهدائه، رحل غسان كنفاني جسدا وعاش فكرة، عاش واستمر في غيابه يصنع جيلا وطنيا بامتياز ليؤسس دولة لا تعرف حدوداً او نهاية، صنع دولة من الدم والورد واطلقها للمستقبل البعيد، للوطن القريب وللحب الباقي .. انها دولة غسان كنفاني.

كتبه حاتم الشولي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى