لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

التلويح بالحل ليس حلاً! / ماجد توبة

حتى قبل أن تدخل نقابة المعلمين الأردنيين في إضرابها المفتوح عن العمل بالمدارس الحكومية منذ أكثر من أسبوع تم تسريب خيار اللجوء إلى حل النقابة لمعالجة الأزمة حكوميا في حال عدم تراجع النقابة عن الإضراب والإصرار على مطلبها برفع علاوة المهنة 50 %، فيما كان هذا “المطلب” الأكثر ترديدا على لسان المعارضين لتحرك النقابة، على قاعدة عدم جواز ليّ ذراع الحكومة وتعطيل العملية التعليمية وبما يوقف الإضراب فورا!

المشكلة؛ ابتداء، هي في أن مؤيدي هذا الخيار صنف منذ البداية النقابة والمعلمين كمذنبين حتى دون محاكمة، وكأنهم خرجوا لتخريب العملية التعليمية كنوع من الترف أو الاستهتار، دون ملاحظة حقهم بالاحتجاج والمطالبة بتحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية المتردّية، ولا حتى ملاحظة الإدارة الحكومية لأزمة اعتصام المعلمين يوم الخميس الذي تقرر فيه الذهاب لخيار الإضراب المفتوح، بعد أن وفرت تلك الإدارة البيئة النفسية المناسبة للقفز مباشرة لخيار الاضراب.

ومع استمرار الاستعصاء حتى الآن في حلحلة أزمة الإضراب وعدم وضع القدمين على طريق الحل والتوافق بين الحكومة والنقابة، يتزايد التلويح وتتعدد الرسائل باحتمال اللجوء لخيار حل النقابة، دون أي تقدير لخطورة مثل هذا القرار ليس فقط على أزمة المعلمين ذاتها بل وعلى مجمل الأزمة العامة في البلاد، التي لا تحتاج لمزيد من الشروح والتوصيف، حيث الاحتقان السياسي والاجتماعي يتزايد والعجز الرسمي عن الخروج من “عنق الزجاجة” اقتصاديا ومعيشيا يراوح مكانه.

التلويح بخيار الحل للنقابة يتقصّد -كما يبدو- ترك الأمر معوما وغامضا في المقصود بالحل، هل هي النقابة ككيان قانوني قائم؟ أم هو مجلس النقابة المنتخب؟ واعتقد أن الخيارين سيئان وسيفاقمان الأزمة ولن يحلاها، ناهيك عن الآثار السياسية والقانونية السلبية الأخرى لمثل هذه الخيارات، وما يمكن أن ترسخه من سابقة خطيرة يمكن أن تسعى الحكومة، الحالية أو غيرها لاحقا، إلى اللجوء إليها في الخلاف مع نقابات مهنية أو عمالية أخرى إذا ما دخلت في إجراءات تصعيدية ما للمطالبة بحقوق لمنتسبيها.

أستبعد جدا اللجوء إلى خيار حل النقابة ككيان قانوني، فكلفة مثل هذا القرار كبيرة جدا وليس سهلا تمريره باعتباره ضربة في الصميم لما تحقق من اصلاحات سياسية في العقد الأخير لا يمكن أن يمرره المجتمع. أما خيار حل مجلس نقابة المعلمين واللجوء إلى تعيين لجان مؤقتة لإدارتها فهو الأكثر تداولا ويرى عرابوه بأنه حل مقبول أكثر وكلفته أقل على الحكومة!

وبحسب بعض المعلومات الراشحة فإن خيار حل مجلس نقابة المعلمين يتبناه تيار في الحكومة باعتباره الخيار السريع والمباشر لوقف الإضراب وكسر شوكة النقابة وعدم التنازل لها وبما يرسل رسالة “حازمة” لنقابات وقطاعات أخرى بـ”صلابة” الموقف الحكومي وعدم قبولها “الابتزاز”. لكن هذا التيار المنْبتّ عن الواقع والذي لا يستشعر حجم الاحتقانات والأزمة في الشارع، لم يسد رأيه حتى الآن، ويواجه بمعارضة تيار آخر له الغلبة حتى الآن يقدر حجم الكلفة المرتفعة سياسيا واجتماعيا وقانونيا لمثل هذا الخيار السيئ.

ورغم التعنت العام للحكومة والتخبط بإدارتها للأزمة حتى الآن، فإن خيار الحوار والسعي للوصول إلى توافقات، وحتى تنازلات، من نقابة المعلمين، هو الصوت السائد، بعيدا عن اللجوء إلى خيارات تأزيمية من قبيل حل مجلس النقابة ولجانها وهيئاتها المنتخبة، وهو خيار سيفتح الباب لأزمات متناسلة قد لا تقف عند المعلمين!

الحوار والتفهم والاحترام للمعلمين ونقابتهم والحرص على كرامة هذه الشريحة الأساسية في المجتمع هو المدخل لتفكيك أزمة الإضراب والوصول إلى توافقات حول مطالب المعلمين وبما يراعي وضع الموازنة العامة وتحفظات الحكومة.

المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى