آراء ومقالات

كرنفال الموازنة | د. سعيد ذياب

تستحق مناقشة البرلمان لقانون الموازنة والأسلوب الشعبوي للمتحدثين، لقب كرنفال، لأن تلك الكلمات وأصحابها لا يصمدون عند التصويت عليها، إذ سرعان ما تحدث الاستدارة وتتبخر الكلمات الهادرة والمتباكية على حال الأردنيين لقاء وعود من الحكومة للنواب إن هم وافقوا على الموازنة.

في حقيقة الأمر يعتبر قانون الموازنة من أهم القوانين، فهي ليست مجرد أرقام بل هي الأداة التي من خلالها تحقق الدولة أهدافها، هذا يقودنا إلى الأهداف المتوخاة من الموازنة وذلك لفهم مدى الجدية والمصداقية الحكومية في التعاطي مع هذه المسألة.


أرى أن أي موازنة جادة لا بد أن تنطلق من فلسفة، ما هي الشرائح التي تنوي خدمتها، كيف لها إحداث تحول في بنية الاقتصاد من اقتصاد خدمي إلى اقتصاد على طريق الإنتاج.
على الحكومة أن تحدد إن كان العجز في الموازنة في ازدياد وهو كذلك، عليها وضع الخطط المتدرجه لتقليص العجز، علما ان العجز بلغ(٣٦٠٢) مليون دينار، لأن تناول موضوع العجز يرتبط بشكل وثيق بالمديونيه التي تتصاعد بشكل مذهل كل عام.

أرى أن أي معالجة لموضوع الموازنة لن تكون جديرة بالثقة إن هي لم تعيد النظر بالسياسة الضريبية وبالتالي التهرب الضريبي، في واقع الحال سيستمر العجز وبازدياد إذا لم يتم ضبط الإنفاق والكف عن البذخ والإنفاق الترفي.
وهنا يبرز السؤال الأكثر أهمية في غياب الاستثمار الحكومي وضعف بل هامشية الاستثمار من القطاع الخاص، كيف سيكون حال البطالة عندنا وهي الآن تشكل ربع القوة العاملة الباحثة عن عمل.


من هنا فالموازنة رؤيه شاملة يجب أن تلحظ مشكلاتنا الاجتماعية التي تتعمق كل يوم، وأن تلحظ تراجع الخدمات من تعليم وصحة، حتى لا نغرق في زيادة هنا أو هناك فالمسالة أكبر بكثير من أرقام صماء.


كان على هذه الموازنة أن تلحظ واقعنا الاقتصادي الراكد وسبل تنشيطه، فالمحلات التجارية التي تغلق أبوابها في ازدياد، فالإيهام بجمال الأيام القادمة بات أقرب إلى الكوميديا السوداء.
قد تكون الملاحظة الأخيرة من شأنها أن تلعب دور الكشاف بعدم مصداقية الحكومة هو حديثها المتكرر عن إعادة الهيكلة والإصلاح الغداري واستمرار التمسك بالمؤسسات المستقلة، فالمماطلة في حسم هذه المسألة يعكس عدم الرغبة بإجراء أي إصلاح.

وهذا ليس غريبا فالحكومة التي لا تزال تتمسك بقانون الدفاع وتقوم بالاعتداء السافر على الحريات العامة وتضرب مبدأ التعددية ومع هذا تتحدث ليل نهار عن الإصلاح السياسي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى