نداء وطن!…وسام الخطيب
سأعرج قليلاً على بعض من جماليات لغتنا الأم – العربية – وأستعرض جزئيةً صغيرةً فيما يخص الكلمات – علم الصرف – وتبديل أو تغيير الأحرف، والتنقيط، وحتى تغيير الحركات – التشكيل – فهذه التغييرات البسيطة تؤدي بدورها إلى قلب المعنى والإتيان بكلمة جديدة تختلف كلياً عن سابقتها.
وبمناسبة الحديث عن اللغة العربية وبعض من علم الصرف، يجول في خاطري تساؤلات “عربية” عدّة حول “العرب والعروبة”، وكيف أن حالهم يتقلب كما تتقلب الأحرف في الكلمة العربية.. فالعرب اليوم ليس أنهم لم يعودوا يتقنون فنّ العربية فحسب، بل بفقدانهم تلك المهارة فقدوا كل ما يربطهم بعروبتهم..
أصبحنا نسمع عن شيء يسمى “نخوة”، ونقرأ عن آخر يسمى “شهامة”، لكن لا نجد لهما تفسيراً في معاجمنا العربية الحديثة، فصفخات معاجمنا تزدحم بكلمات ترجع للأصل الثلاثي “سلم”، أذكر منها: سلام واستسلام وتسليم.. لكن مؤخراً الكلمة الأكثر رواجاً والتي جذبت انتباهي – شخصياً – هي كلمة “دعاء”، بالطبع المقصود هنا هو فعل الإبتهال إلى الله بالسؤال وليس اسم علم مؤنث..! وبالحديث عن “الدعاء” يراودني شك أنها ليست كلمة عربية أصلاً، أو أنها دخيلة على اللغة، أو استُحدثت مؤخراً؛ لأني حين بحثت عنها في المعاجم العربية القديمة لم أعثرها.. ومن بعض الصفحات التي بحثت بها صفحة الخليفة المعتصم التي جاء فيها أنه وبعد ما بلغه أن امرأةً “عربية” على حدود بلاد الروم قد صاحت باسمه مستنجدةً بعد الاعتداء عليها، ما كان منه إلا أن جهّز جيشاً عرمرماً أوله عند بلاد الروم وآخره عنده! تُرى لماذا لم “يدعُ” لها المعتصم، ما الذي استفزه..؟!!
يبدو أنه ما استفزّ الخليفة العربي أصبح “موضة قديمة” فنحن الآن أصبحنا في العام الثاني عشر بعد الألفين.. يعني من باب انه التغيير هو الثابت الوحيد، فمن الضروري أن يتغير حالنا.. لكن هل من الصدفة أن يصل بنا الحال إلى أن نصاب بـ “الطَّرَش”، أو أن يصبح فهمنا وإدراكنا للأمور مقلوباً.. فهنالك فرق كبير بين ما يطلبه الوطن وما نقدمه له، مع أن كلاهما كلمة من أربعة أحرف تختلف في حرف واحد فقط، لكن اختلاف الحرف يؤول إلى اختلاف شاسع في المعنى والتطبيق!
وطننا لا يطلب منا “الدعاء”، فأيدينا التي نرفعها إلى السماء، نستطيع أن نحمل بها بنادق.. حجارة.. أي شيء.. يُبدّل حرفاً مما نقدمه لنُلبّي نداء الوطن كما يجب، ونقدّم “الدماء” عوضاً عن “الدعاء”.. دماءاً نروي بها ظمأ الوطن.. دماءاً بحجم تضحيات الشهداء الذين لبّوا النداء.. دماءاً نرسم فيها ابتسامة على ثغر الوطن..
لذا، للذين لا يفرّقون بين “الدّين” و”التين”..
للباعة المتجولين في المحافل الدولية،
“للإسلامجيين”.. للمتخاذلين والمتقاسمين..
أُذكّركم إن كنتم من الناسين.. إنها فلسطين..
أرض الرسالات والمرسلين..
مسرى الرسول الأمين..
فيها قبلتكم الأولى قبل أن تصبح في بلاد الحرمين..
فماذا عساكم منتظرين..؟!
أن يُمددكم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مُردفين!!
إن كنتم تعبتم فانصرفوا،
أما نحن، فكلّا والتين والزيتون والبرتقال الحزين..
وذكريات اللاجئين..
لن نهدأ ولن نستكين
ولن تُرهبنا مُعتقلات وزنازين
فنحن أبناء الحكيم، والشهيد، والسجين..
نحن هنا باقين…
وبوصلتنا فلسطين
وسام الخطيب
20 شباط 2012