من عنجره الى فلسطين .. رانيا لصوي
من عنجره الى فلسطين
رانيا لصوي
كان لفلسطين مكانة تاريخية وجغرافية جعلت منها قيمة معنوية وروحية وجعلتها محور صراع دائم منذ القدم، الى ان وصلت اليوم لتكون معيارا حقيقيا للوطنية والقومية وتعبيرا عن العروبية لأي شعب عربي وحتى الانظمة العربية، فشكلت القضية الوطنية الفلسطينية العمق العربي المؤثر في كل الدول والشعوب، وما حدث في العراق في الماضي القريب من احتلال امريكي، او مايحدث الان في الوطن العربي ومايفرزه حراكا يسمى بالربيع العربي في تونس ومصر ومايراد لسوريا ان تكون عليه وكذلك لبنان لا يمكن فصله بشكل أو بأخر عن الموقف الرسمي لأنظمة هذه الدول من القضية الوطنية الفلسطينية والتي لاشك تحوز على اجماع الشعوب كافة.
هذا الرابط العميق ما بين القضية الفلسطينية كما أسلفنا يزيده قوة التجانس بين الاردن وفلسطين تحديدا والتقارب الجفرافي والسكاني والمعيشي، تكرس هذا الترابط بتضحيات وشهداء وأسرى مازالو الى اليوم في سجون الاحتلال الصهيوني على الأرض الفلسطينية التي ناضلو لأجلها حره.
نتوقف اليوم عند بطولة أسد عنجره وفارسها الطيار فراس العجلوني الذي كان قائد سرب مع مجموعه طيارين في مطار المفرق حين بدأت الطائرات الصهيونية بالاغاره على مطار المفرق لتدميره وتدمير الطائرات هناك في الخامس من حزيران 1967.
فراس لم يجد سوى طائرة واحده صالحه للاقلاع، اختار أن يكون هو طيراها رغم وجود العديد من زملائة ، فكان هو القائد المقاوم المبادر .بدأ فراس وأثناء القصف الجوي المستمر بالاقلاع وحده والهبوط عدة مرات مشتبكا مع طائرات العدو وقصف أهدافا في العمق “الاسرائيلي.
استمرار القصف الاسرائيلي على مطار المفرق دمر مدرجات المطار وأعاق فراس عن الاقلاع في المره الاخيره قبل استشهاده في طائرته وعلى أرض مطار المفرق.
حزيران 67 لم يكن نكسة فحسب بل كان تقسيما جديدا واحتلالا لفلسطين لازلنا نبكية ليومينا هذا، فكانت هذا الحرب لتقسيم فلسطين لاجئ ونازح، أراضي 48 و 67، ونسينا أنها فلسطين التاريخيه المحتلة من ذات العدو ونفس الكيان، حزيران 67 أضاف تهجيرا لمئات الالاف من الفلسطيني، وفتح الباب امام هيمنة أسرائيلية جديده على المنطقة كلها وجلب لنا اتفاقية كامب ديفيد فيما بعد.
فراس العجلوني كان جانبا مضيئا في نكسة حزيران ومثالا لشهداء لم يلتقطو حجم المؤامره حينها، ولكنة التقط حلمه لرؤية فلسطين حره. قبل استشهاده كتب جملة تضامن في سماء فلسطين “أن القضية الوطنية الفلسطينية هي محور صراعنا ومعيار عروبتنا”.
كان يعي أن الأرض لن تعود الا بالوحده العربية والحشد وتوحيد الطاقات لاطلاق مشروع تحرري عربي قومي، فمقومات تحرير فلسطين لا تنفصل عن مقومات تحرير الشعوب العربيه والاراضي العربية والانظمة العربية ايضا لتحقيق سياده كاملة وفعلية على الاوطان.
فلسطين اليوم تترقب الربيع العربي وتتأمل أن لا يختطف ويتحول الى نكسة أخرى تضاف الى تاريخنا، ولاشك أن فلسطين لا تستنكر الحرية والديمقراطية على الشعوب العربية بل العكس ترى ذلك أملا يقربها من الوحده الوطنية العربية وفك التبعية وانهاء الانظمة الرجعية والخائنة.
فلسطين تخشى ربيعا عربيا لا يجلب سوى تقسيما جديدا للدول العربية، واحتساب جديد أخر طائفي وفئوي يبعدها عن الوحده الوطنية الجامعه، فلسطين تخشى أن تتحول التبعية من شكل الى اخر، وتتحول الانظمة الرجعية الى وجوه أخرى تحمل الاسلام ورقة سياسية ضاغطه ومحركه كما الأفيون.
عيون فلسطين ترنو لربيع عربي لا يزهر الا على أرضها. ويحتضن دماءا عربية وفلسطينية سالت كرمى لها.