لك الله يا غزة …سامر عطياني
لا تزال الأحداث السياسية في الشرق الاوسط تلقي بظلالها على الشعوب العربية وتعيد الى الأذهان عقود الديكتاتورية والظلم والإستبداد وذلك من خلال تغيير الشخوص وإستمرار النهج والأسلوب والطريقة .
إن ما يحدث في غزة حاليا يشكل حالة إنسانية تضامنية أكبر من أنها حالة سياسية لها تبعاتها وبرنامجها وأجندتها ، فعودة الحصار الخانق الى غزة وبشكل أكبر مما سبق وذلك من خلال إغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق والذي يترتب عليه منع دخول الدواء والغذاء والشراب ، ينذر بحدوث كارثة حقيقة على كافة الأصعدة الصحية والبيئية والإنسانية والتي لن تحمد عاقبتها ، كما انها تعيد الى الأذهان عهود مبارك الظلامية وتحديدا منتصف عام 2006 وما يليه من سنوات ، عندما أتم مبارك ونظامه الحصار على غزة من خلال إغلاق كافة المعابر المفتوحة مع القطاع .
ولكن على ما يبدو أن مبارك ونظامه قد رحلوا ولكن لم تذهب سياسة تجويع أهل غزة وحصارهم ومحاولات ثنيهم حيث عاد الرئيس الجديد والمنتخب لاغلاق معبر رفح الحدودي دون أي سبب مقنع وبدأت الوعود والمماطلات بفتح المعبر والتمنن على الشعب العربي الفلسطيني في غزة .
إن ما حدث على الحدود المصرية الفلسطينية وبالتحديد على معبر كرم أبو سالم والذي يديره الكيان الصهيوني مع مصر بناءا على الإتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني ، والتي أدت الى إستشهاد 16 جندي مصري من ضباط وجنود شكلت فاجعة للأمة العربية بأسرها وليس للمصريين وحدهم ، حيث تمثلت تلك الفاجعة بأمرين رئيسيين أولهما إستشهاد الجنود والآخر قيام النظام المصري الجديد بتمرير مؤامرة أحيكت لايقاع الفتنة بين الشعبين المصري والفلسطيني وكان ذلك من خلال تسويق رواية أن المخطط لقتل الجنود كان لفصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في غزة وتم ذلك من خلال الإعلام حتى وإن ظهرت الرواية بعيدا عن الرسمية ولكن ترك الباب مفتوحا للمزاودين وكثر الحديث واللغو عن الموضوع دون أي تصريح لتهدئة الأمور على غرار تصريح الرئيس المنتخب بإحترام الإتفاقيات مع الكيان الصهيوني وعدم وقف تصدير الغاز الى الكيان بالإضافة الى عدم ذكر فلسطين في ذلك الخطاب والتصريح إبان فترة الإنتخابات الرئاسية وتوليه مقاليد السلطة والحكم في مصر
يضاف إليها قيام النظام المصري بتدمير أنفاق الحياة الموصولة بغزة وإغلاق معبر رفح مما يعزز أن النظام يشير بإصبع الإتهام نحو غزة وشعبها ومقاومتها ويسوق الرواية التي حاكها الكيان الصهيوني في سابقة خطيرة في تاريخ مصر أرضا وشعبا ، حيث أن حادثة تدمير الأنفاق وقطع الإمدادات لم تحدث حتى في نظام مبارك بالطريقة الوحشية والهمجية التي قام بها الرئيس مرسي .
على ما يبدو أن غزة ستعيش أياما أكثر قحطا وحصارا وجحيما من التي عاشتها في سابق الأوقات ، ولكن الى الآن لا أستطيع إدراك أو تفسير الحالة الشعبية للشعب المصري جراء هذه الحادثة أو الحوادث فبالأمس خرج ملايين المصريين يصلون الفجر في مليونية هزت الصهيونية ليتجهوا بعدها الى الحدود المصرية الفلسطينية لكسر حصار غزة والتحرير في ذكرى النكبة بالرغم من حالة عدم الإستقرار التي كانت تسود تلك الفترة ، أما اليوم فبالرغم من حالة الإستقرار النسبي التي وصلت له مصر الا أننا نرى صمتا غريبا عجيبا لا مبرر له ، أهو الخنوع والخضوع للقائد ؟؟ أم أنه الإنقياد الأعمى ؟؟ أو العودة لعهود الظلام ؟؟
الآن وفي ظل المتغيرات على الساحة العربية والمصرية وفي ظل الهجمة الشرسة على القضية الفلسطينية بشكل عام والمقاومة بشكل خاص من خلال جعلها قضية ثانوية للأمة العربية وإحلال عدة قضايا مكانها ، وفي ظل الهجمة الشرسة على غزة وعلى ما يبدو أن غزة ستعيش حصارا لم تعايشه من قبل وحقبة أكثر تجبرا من سابقاتها ولا يسعنى أن نقول سوى لكِ الله يا غزة