تحليل بدائي 1 … أسماء فيصل عواد
أذكر وأنا بأحد الصفوف الأساسية عندما تملكني الخجل من فعلة أرخميدس الخادشة للحياء بركضه عارياً بعد خروجه من الحمام لدرجة أني عبت ومن هم في جيلي ذلك الفعل الشنيع ملتفتةً لمظهره العاري غير عابئة بجوهر ذلك العري الذي أضاف لعلم الفيزياء قانوناً جديداً تبعته آلاف القوانيين، فقد أصرت تلك المعلمة التي نسيت اسمها على تأكيد فكرة ركضه عارياً أكثر من تأكيدها لقاعدة أرخميدس للأجسام المغمورة!!!!
لن أخوض في مسألة مناهجنا وطريقة التدريس وآلياته فلذلك مقام آخر ولكني أجد نفسي مسؤولة على تأكيد ونشر ثقافة الجوهر بعيداً عن ثقافة المظهر الذي قد يكون خادعاً أو غير حقيقي بقصد أو بدون قصد وهنا أقر واعترف بأنني وجدت ضالتي بإعادة قراءة بدائية لصراعنا التناحري مع العدو الصهيوني الذي أراه مجرد مظهر لصراعنا الحقيقي المتمثل بالصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج عندما تكون خاصة هذه الجملة البسيطة أخذتني هناك عميقاً لأدرك أن الإمبريالية بمكوناتها وأدوات عملها لا تعبأ إلا بمصالحها ولا تعرف إلا التغول أكثر فأكثر لتشرب الثروات الطبيعية وتهيمن على إرادات سياسية وتكتسح ما يمكن إكتساحه من أرض وما عليها من بشر وشجر وحجر وعليه تستدعي الأمانة العلمية أن نعلم الأجيال الجديدة أن غرس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية ما هو إلا طريقة لإخراج محتكري المال اليهود من أرض أوروبا بعد أن ضاق ذرعاً المستقرض الأوروبي بتلك الفئة الجشعة المحتكرة التي تغولت على مشاريع الصناعة والزراعة والتجارة مما أدى للخضوع لشروط صاحب رأس المال اليهودي فجاءت فكرة الوطن القومي اليهودي كمخرج ذكي لإنهاء الأزمة اليهودية الأوروبية بأقل خسائر، ولتسهيل المهمة تم إستحضار الإرث التوراتي ليتم اللعب على الوتر الديني مترافقاً مع الرؤية الإستعمارية في المنطقة العربية فكان أن غرز هذا الكيان في خاصرة الوطن العربي بوعد أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق وما زلنا نغص بالأثر السلبي لهذا الإحتلال.
العدو لم يقف عند هذا الحد بل ابتدع مظاهر خادعة أخرى لجوهر صراعه مع قوى الإنتاج فاجج الخلافات الدينية والطائفية والعرقية وابتدع مفاهيم لماعة وبراقة تحسبها ذهباً خالصاً وما هي إلا إطباق محكم على عقول شردت و ضلت بوصلتها.
عربياً بقيت فكرة الإحتلال لأرض فلسطين التاريخية مقتصرة فقط على وجود الكيان الصهيوني حتى انه لم يتم التعاطي مع هذا الكيان كمحتكر لرأس مال الأرض الفلسطينية بل بقينا نراوح في هامش مقاومة قد يمتد أحياناً و قد ينحسر أحيان أخرى مع محاولات مستمرة لأجهاضه من قبل الأنظمة الرجهية التابعة والمنفذة لقرارالإمبريالية وأدواتها.
مرحلياً أرى أن مهمتنا الملحة العودة لسكة الصراع بجوهره حيث أن الدخول والتشعب في صراعات ثانوية ومعارك جانبية لا تخدم مشروعنا التحرري المحلي على طريق مشروع التحرر العربي ومن ثم إنعتاق البشرية من نير الظلم والإستبداد ولا يكون ذلك إلا بإعادة قراءة متأنية لجوهر صراعنا ودراسة الإمكانيات إن كانت واقعية أو مجردة فبالضرورة حتمية التاريخ تستدعي أن تنفجر قوى الإنتاج في وجه الملكية الخاصة و مالكيها مع التأكيد على أن دراسة الخارطة الطبقية يجب أن يكون في مقطعه الأفقي الصحيح وإلا ستكون قراءة فاشلة ستنقلنا لمربع صراع وهمي و ستسخر منا بطون الكتب أكثر مما سخرت من الدونكيشوت.
إذن صراعنا بجوهره طبقي والخارطة الطبقية أفقية ونقطة الإنطلاق تكون من مصالح الطبقات الأقل فقراً وليس من مصالح فئة إجتماعية محددة تمتد عامودياً في المجتمع كما يروج البعض هذه الفترة.