لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

خلاف ام صراع

منذ ان دخل ترامب البيت الابيض سارع الى تنفيذ وعوده التي اطلقها تحت شعار امريكا اولا بشكل عام واسرائيل اولا بما يخص السياسة الامريكية في الشرق الاوسط.
حدد كذلك ثلاث مستويات للعلاقات الامريكية مع الاقوياء التي تستند الى منهجين ما يخص الحلفاء وما يخص الخصوم والضعفاء والتابعين
ما يخص الحلفاء ادار معهم الخلاف من منظور دورهم في حلف الاطلسي وطلبه زيادة مساهمتهم بالحلف ونجح في ذلك وطرح على الطاولة موضوعات تجارية ما يخص الضرائب والرسوم على السلع المتبادلة حيث فرض تعريفات جديدة وانتقائية على مجموعة من السلع التي تنتج من الدول التي تعتبر منافسة للدور الامريكي في منظومة تحالف النظام الراسمالي الغربي مثلا(السيارات الالمانية والنبيذ الفرنسي.
سياسيا شجع ترامب النزعات الانفصالية عن الاتحاد الاوروبي وقدم مغريات تجارية لبريطانيا في حال خروجها من الاتحاد الاوروبي لتكون مثلا يقتدى للدول التي تتململ من قيود الاتحاد كايطاليا واليونان.
اما الخصوم كالصين وروسيا فقد تعامل معهم من خلفيات مختلفة في حين وتحت الضغط الديمقراطي الامريكي دخل في لعبة تصعيد العقوبات الاقتصادية على روسيا ومحاولة للتضييق على تصدير الاسلحة الروسية التي اخذت سمعة جيدة لما حققته ميدانيا في سوريا وحصر الخلاف الرئيسي مع روسيا بعنواني السلاح وصفقاته لدول تعتبرها واشنطن مجالا حيويا لنفوذها وابرزها الهند ومصر والامارات وتركيا التي تكتسب اهمية خاصة كونها عضو مهم في منظومة حلف الاطلسي وبدونها فان الحلف سيدخل في مرحلة الموت السريري كما صرح الرئيس الفرنسي مكرون تركيا تدرك اهميتها بالنسبة لواشنطن واوروبا وتعمل بشكل ذكي لابتزازهم ماليا واقتصاديا وتعلم واشنطن ان خروج تركيا من حلف الاطلسي سيفقد الحلف مجالا حيويا وتقليصا في بنيته العسكرية من الناحية العددية والاستخباراتية وعمقه في شرق اسيا.
العنوان الخلافي الاخر هوالتمدد الروسي الجيوسياسي في اوكرانيا وسوريا وثلاثية دول البلطيق اما الصين فان الصراع معها يعبر بالجوهر عن شعار امريكا اولا حيث يتجلى الصراع الاقتصادي بابرز اشكاله.
الصراع مع الصين بدء به ترامب من خلال عنوان العجز في الميزان التجاري بين البلدين واراد تعديله من خلال رفع التعريفات الجمركية على البضائع الصينية وقام برفعها على مرحلتين منذ بداية حزيران الاولى 50 مليار والثانية بعد ان اضاف 10% على التعريفة الجمركية لتصبح 25% ليحقق 200 مليار اخرى.
ترمب برر ذلك بان الخلل بالميزان التجاري للسلع يبلغ 500 مليار وسرقة الملكية الفكرية التي يتهم الصين بها تبلغ 300 مليار دولار اي محموع العجز 800 مليار دولار . تصعيد ترامب الاقتصادي مع الصين اراد منه سياسيا توجيه اللوم والاخفاق للرؤساء السابقين ان كانوا جمهوريون او ديمقراطيون ويريد ان يظهر تميزه عن سابقيه وهذه رسالة للداخل الامريكي لاعادة انتخابه.
اما خارجيا اراد ترامب اعادة تجديد هيمنة راس المال الامريكي ضمن منظومة راس المال واعطاء طابع قومي للهيمنة في اطار الحلفاء والخصوم.
هذا الصراع لم يكن بلا رد بل اتخذت الصين اجراءات مماثلة برفع التعريفة الجمركية على قطاعات مهمة في الاقتصاد الامريكي خاصة الزراعية منها والاهم ان الصين لديها هامشا في تحريك سعر عملتها صعودا وهبوطا حيث خفضت سعر عملتها لترد على الاجراءات الامريكية هذا الهامش الذي لا تملكه الولايات المتحدة. هذا الاجراء الصيني كانت له اصداء في سوق المال حيث بدأت البنوك المركزية بخفض اسعار الفائدة كرد استباقي لازمة اقتصادية تلوح بالافق .
الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة انتقل الى اسواق تنافسية مثل القارة الافريقية حيث اعلن ترامب عن خطة ازدهار افريقيا التي اطلقها من القاهرة في بداية نوفمبر الجاري.
الصراع الامريكي الصيني خرج لاسواق محايدة التي تعتبر افريقيا احد اهمها وبدء يهدد النمو العالمي ويدخل النظام الراسمالي في صراع مع ذاته في حلقتين الحلفاء والخصوم مما سينعكس على الاسواق عامة بما فيها الامريكية والصينية وسيخرج مئات الشركات المتوسطة والاف الشركات الصغيرة من الاسواق وما سيعكسه ذلك من تغييرات عميقة . وهذا الصراع سينعكس على مؤسسات راس المال والاتفاقيات التجارية الدولية ومنظمة التجارة الحرة التي ستفقد جوهرها الحر.
ترامب وما يمثله يقامر بالنظام الاقتصادي الدولي وحرية التجارة وتداخل المصالح الاستثمارية الراسمالية من خلال اعادة تموضع راس المال القومي مكان راس المال المعولم من خلال الشركات المتعددة الجنسية ترامب يريد ان يعود بالنظام الراسمالي خطوة للوراء وما يمكن ان تشكله من مخاطر على اسسه القائمة ان استمرار الصراع سيعيد اصطفاف المصالح الراسمالية وسيؤثر على عمل المنظومات القائمة وستكون له انعكاسات قريبة وبعيدة المدى على العلاقات الدولية والمؤسسات الدولية القائمة سياسيا واقتصادية وماليا.
اما عن الضعفاء فقد صنفهم ترمب بناء على ما يمكن ان يحصل عليه من ثروات واموال يملكونها مقابل الحماية من شعوبهم اما الدول اوالشعوب الفقيرة فلا قيمة لها عنده الا بقدر استثمارها في عملية ممنهجة للفوضى الخلاقة.
هذه المعايير التي وضعها ترمب لادارته وشعاره امريكا اولا
ترمب يملك الامكانيات الاقتصادية والعسكرية والمالية ليشرع شعاره لكن الدول التابعة والملحقة والتي لا تملك مقومات استمرارها بدون المساعدات الامريكية ان كانت مساعدات الحماية او العيش والتي تغرق بالمديونية التي تهيمن على قرارها فان هذا الشعار يكون مشبوها وتضليليا وهو في الجوهر( النظام اولا) ويهدف مطلقوه لتقويض اية رؤية وحدوية للسوق التي تعززالمصالح المشتركة للشعوب وتمكنها من استثمار امكانياتها المادية ان كانت اقتصادية او سياسية او مالية من خلال توحيد السوق الاستهلاكية للمنتجات الوطنية لا يمكن تحقيق ذلك من خلال شعار اردن اولا او سورية اولا او العراق اولا او لبنان اولا………الخ التنمية المشتركة عبر رفع الحواجز الجمركية والتجارية هي المدخل للتنمية.
اما الخصوم لامريكا فقد خطوا خطوات جدية من خلال مجموعة بريكس لمواجهة الخطوات الامريكية التي تستخدم المؤسسات المالية والاقتصادية لفرض هيمنتها.
ترمب المقامر حالة استثنائية في النظام الراسمالي يريد ان يقامر بكل ما يملك من امكانيات ليوظفها من اجل فرض وقائع تخرج امريكا من ازمتها مستندا على مجموعة من العناوين الداخلية مثل الهجرة وعودة راس المال الصناعي وخارجية بعناوين اقتصادية مدعومة بالالة العسكرية الامريكية سياسته معتمدة على ابتزاز عقلانية الاخرين ولكن الى اي حد ممكن ان يتحمل الاخرون مقامرته ان كانوا خصوم داخليين او خارجيين.

بواسطة
حاتم استانبولي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى