لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
نداء الوطن

حقوق اللاجئين “على كفّ تمويل”

نظمت “أونروا”، بالعام 2017، ما أسمته “مبدأ الحيادية”، وعمّمته على موظفيها، ويتضمنّ- فيما يتضمنه- وجوب عدم خوض العاملين لديها في القضايا السياسية، والامتناع عن التعليق عليها بأي شكل من أشكال التعبير عن الرأي. من لا يلتزم يكون تحت طائلة المحاسبة، التي تشمل عقوبات إدارية و/ أو مالية. حلقة أخرى من سلسلة الضغط على اللاجئين لسلخهم عن واقعهم وقضاياهم الوطنية. وعليه تتحفّظ الهدف عن ذكر المعلومات الشخصية لكل المُستطلعة آراؤهم في هذا التقرير.

أرّخت نكبةُ الفلسطينيين بالعام 1948 لبداية مآسٍ لم تتوقّف عن جلد رؤوسهم، فمن اللّجوءٍ وضنكِ العيشِ إلى ضياع الحقوق وسرقة الأرض. عامان مرّا قبل أن تبدأ “وكالة الغوث” عمليّاتها، بعد تأسيسها “لإغاثة وتشغيل اللاجئين.. إلى حين إيجاد حلّ عادل لقضيّتهم”. وتُواصِل تقديم خدماتها وبرامجها مذّاك. وشهدت طيلة 7 عقودٍ ما يُمارَسُ على لاجئي فلسطين من جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، بِـيَد “إسرائيل”.

يـا “كرت المؤن”!

تجرّع الفلسطينيّ اللاجئ شتّى صنوفِ الظلم وسلبِ الحقوق، حتى صار من قهرِه يقول- بحضرة (الأونروا) الشاهد الأول على عدالة قضيّته- “مالنا غير الله وكرت المؤن”. وبات يستحضر هذا القول “في كلّ كبيرة وصغيرة”، هذه العبارة الشهيرة تتزعزع اليوم، مع ضرباتٍ قوية ومتتالية باتت تهزّ هذا الصرح، منذ سنوات.

تقول اللّاجئة الفلسطينية، والتي تعمل مُدرّسة لدى “الأونروا”: الوكالة تأسست لحماية حقّنا في الوجود كما حقّنا في العودة، لا يُمكن أن يتغيّر دورها أو يتقلّص وإلّا فهذا استهدافٌ لقضيّة اللاجئين.

750 ألف لاجئٍ عام 1948، صاروا اليوم 5 ملايين ونيّف، يُواجهون خطر شطب الوكالة الدولية، لهدفٍ أخطر وهو نسف قضيتهم، عبر سياسات وقرارات متلاحقة، بصناعة أمريكية صهيونية، تطال مختلف برامج عمل “الأونروا”، من خدمات وتعليم وتشغيل وإغاثة. وبلغ أوج تلك السياسات بوقف الدعم الأمريكي- الأكبر مساهمةً (300مليون$)- في موازنة الوكالة، نهاية أغسطس 2018. والذي يتسبّب بعجزٍ مالي سنوي صارخ يُهدد استمرارية خدمات وبرامج الوكالة.

تُتابع المُعلّمة الموظفة منذ أكثر من 10 أعوام “نحن في دوامة العجز المالي منذ سنوات، وفي كلّ مرة تعصف الأزمة بأحد البرامج، من الطوارئ إلى المساعدات الغذائية فالتعليم والتشغيل، وصولًا إلى رواتبنا!”.

إِبَر بِنج..

“العجز المالي حاليًا يبلغ 114 مليون دولار، الأونروا تسلّمت هذا العام أقل مستوى من التبرعات منذ 2012.. لن نستطيع دفع رواتب أكثر من 28 ألف موظفٍ وموظفة، إذا لم يصل-فورًا- تمويل كافٍ.” والحديث للمُفوَّض العام لوكالة الغوث فيليب لازاريني، الثلاثاء 24 نوفمبر.

المعلّمة قالت- للهدف- “رواتبنا حقّنا وليست منّة من أحد، كلّ موظف لديه التزامات وحياة، ماذا سنفعل إذا طالت الأزمة رواتبنا بالفعل، واستمرّت؟!”. لدى المُعلّمة الأربعينية 7 أبناء، بينهم طلبة جامعيون وأطفال، “سيُحرمون من احتياجات أساسية إذا طُبّق القرار” كما أشارت.

تُكمل “إدارة الأونروا هي المسؤول الأول عنها، وعن اللاجئين ومنهم الموظفون. حرِيٌّ بها حلّ الأزمة بدلًا من إزاحتها علينا، لا بدّ من وجود حلول- بدائل- خطط”، مُتسائلةً بنبرةٍ ملأها القهرُ “لماذا تنتهي كل أزمة بمزيدٍ من تآكل حقوقِنا وتقليصٍ لما يُقدّم لنا من خدمات؟!”. وأكملت “يُعطوننا (إِبَر بنج) تقليص تدريجي- حتى إنهاء دور الأونروا بالكامل”.

المفوض العام للوكالة قال “هذه هي المرة الأولى التي نصل فيها إلى حافة الهاوية”. مُجددًا دعوته إلى إيجاد “تمويل متعدد السنوات للأونروا”.

أخصائي الأشعة الشاب، الموظف لدى وكالة الغوث، قال “الظروف الاقتصادية صعبة جدًا، خاصة في غزة؛ بالكاد نستطيع تلبية احتياجاتنا براتب كامل”، ورأى أنّ “التخوّف الأكبر هو استمرار الأزمة ما بعد الشهر الحالي، أو أن يكون تقليص الرواتب مُقدّمة لأزمة أخرى تطال الخدمات”.

“على مزاج العالم”

الموظف اللاجئ، الذي شارك مراتٍ عدّة بالحراك الاحتجاجي الذي يقوده اتحاد العاملين ضدّ تقليصات الوكالة، انتقد خلال حديثه للهدف، عدم وجود تحرّكات شعبية على الأرض، تُدافع عن موظفي الأونروا، علمًا بأن الأزمة تطال الجميع، فالرواتب تُحرّك الاقتصاد، فضلًا عن كونها لا تخصّ العاملين فقط، بل عوائل بأكملها!”

“رواتبنا خط أحمر، ونرفض المساس بها تحت أيّ ظرف”، قالت موظفة أخرى لاجئة وتعمل لدى الأونروا، وأضافت- للهدف- أن الموظف لن يتحمّل الاجتزاء من الراتب، في ظل وضع معيشيٍّ متردٍ أصلًا. الجميع مُرتبط بالتزامات مختلفة، قروض لبنوك ومصاريف منزل وأطفال وطلبة وجامعات!”

التخوّف ذاته ممّا تخرج به إدارة الأونروا من قرارات عبّرت عنه مُمرضة، وموظّفة لدى الوكالة، بالقول “هذا إنذار خطير جدًا، والمساس بحقوقنا المالية مساسٌ بكرامتنا”.

اللاجئة العشرينيّة، أمٌ لطفليْن، قالت- للهدف- “تداعيات الاقتطاع من الراتب لا تطال الموظف وحده، بل تمتدّ لعائلته وأطفاله”، مُتسائلةً “لماذا لا يكون للأونروا موازنة ثابتة، غير خاضعة لأهواء دول كُبرى أو جهات مانحة، لماذا على اللاجئ وحقوقه واحتياجاته وكرامته البقاء رهنّ توفّر تلك الأموال من عدمه”.

كذلك عبّر العامل في القطاع الصحي بالأونروا عن قلقه الشديد من قادم الأيام، بالتزامن مع التلويح بالاقتطاع من الرواتب، وقال للهدف “أعمل لدى الوكالة منذ عدة سنوات، وحاليًا يقتطع البنك نصف راتبي لتسديد قرضٍ كنتُ لجأت إليه لشراء منزلي. في حال صرفت الأونروا لنا نصف راتب، لن يتبقّى لي شيء منه!”

إلى حين….

عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم أونروا في غزة، لفت إلى أنّه “إذا تقرر صرف رواتب غير كاملة لموظفين فهذا إجراء مؤقت لشهر نوفمبر نأمل ألًا يمتدّ لشهر ديسمبر”. مُعبرًا عن أمله باستئناف واشنطن مساهمتها في موازنة الوكالة، بعد تسلّم الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها مطلع 2021. مع الإشارة إلى أنّه من المقرر أن يعقد المفوّض العام مؤتمرًا صحفيًا يوم غدٍ الخميس، سيُعلن عبره القرار النهائي بشأن الرواتب، وكذلك نتيجة التحركات الأخيرة لإدارة الوكالة، المتعلقة بالتمويل.

وإلى حينه، وإلى حين “إيجاد حل عادل لقضيّة لاجئي فلسطين”، تبقى حقوقُهم رهنَ تمويلٍ هُنا وقرار سياسي هناك، فضلًا عن عشرات الأزمات الحياتيّة التي تعصف بهم كلّ يوم، كما عبّر الموظفون وقالوا- للهدف- حتى صارت حياتُهم كلّها “على كف عفريت” لا ضمانَ لحقّهم، ولا أمان لغدِهم.

*صحفيّة – من غزة/ فلسطين

بواسطة
نداء الوطن
المصدر
بيسان الشرافي \ غزة \ فلسطين المحتلة
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى