الشعب يريد تمزيق الاتفاق… وسام الخطيب
ما يزيد عن عام مضى حين أطلق الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل والشتات، والعرب والعالم عموماً شعاراً يخصّ جزئية في القضية الفلسطينية على غرار شعار “الشعب يريد..” في الثورات العربية آنفاً، وهو شعار “الشعب يريد تنفيذ الاتفاق” – أي اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، أو كما يُسمّون: سلطة رام الله وحكومة غزة المُقالة -، ويجدر الذكر هنا أنه خلال هذا العام المنصرم نفّذ أسرانا الأبطال في سجون الاحتلال الغاشم إضرابان مفتوحان عن الطعام بعزم وإرادة وهمم عالية تفوق الجبال، كان آخرهما إضراب “النصر أو الموت” الذي جنى قادتنا الأسرى ثماره قبل أسبوعين تقريباً، هذا ولا زال الشعار والاتفاق “قيد التنفيذ”!
بعيداً عن أننا أُتخمنا من الكلام أو الخوض في تفاصيل ما يسمى بـ “المصالحة” التي أوراقها كُثُر، حتى أن ذاكرتي قد لا تسعفني في تذكُّر الأوراق كلّها، ابتداءً بورقة آب / أغسطس 2004 في غزة، واتفاقية مكة، واتفاقية الدوحة بعدها، وليس انتهاءً باتفاق القاهرة الأول والثاني والثالث..
فهو واضحٌ جليّ موقف الطرفين من المصالحة، فكلٌّ “يُقسِّم على ليلاه!”، وذلك ليس بحاجة إلى معجم وطني أو ثوري لتفسيره، ومن يتلكّأ في إيضاح أو قول موقفه منهم هو أُمّيّ ما قرأ “الوطن” أبداً، ولن يقرأه..!
أما آن الأوان بعد كل هذه الأكاذيب والاستخفاف بعقول الفلسطينيين واللعب بعواطفهم أن نُسقط شعار “الشعب يريد تنفيذ الاتفاق” أو “الشعب يريد إنهاء الاقتسام” ونستبدلهما بشعار “الشعب يريد إسقاط المُقتسمين”.. ألم يئن الأوان أن يلقي الشعب بمن أشبعه أكاذيباً إلى مزبلة التاريخ – إن كانت تقبله أصلاً – !
أكادُ أجزم أن من لا يزال يقف في صفّ سلطة العار والتنسيق الأمني يعاني من مشاكل إدراكية أو تأخُّر في نمو العقل، فموقف بحجم هذا الخزي وهذي الفضائح لا يحتاج لتفسير فهو كعين الشمس واضح، ومَن لا يراه – أو يشيح بنظره عنه – فهو “أعمى بعيون صهيو أمريكية”، هذه سلطة “بيّاعة” لا تريد تحرير ولا كرامة.. فمن ينبذ الكفاح المسلح ويُنسّق أمنياً مع العدو الصهيوني لتسليم أبطال المقاومة وملاحقتهم أنّى كانوا لا يأبه للوطن، حتى وإن أمطَرَنا بذرائع واهية هو نفسه غير مقتنع بها.. مَن يرضى أن يعيش ذليلاً مطأطئ الرأس خشية انقطاع “مصروفه” من العم سام، ويرتضي أن يُزيّن نفسه بالعار لا يستحق العيش، بل هو ميّت في الأساس.. فبيع الوطن بحدّ ذاته ميتة حقيرة…
إن سطلة كتلك هي عبارة عن ورم خبيث في الجسم الفلسطيني، وللأسف مؤخراً هو – أي الورم – في انتشار، لذا فإن الخطوة الأولى تمهيداً لعودتنا للمربع الأول، يجب أن يكون استئصال هذا الجسم السرطاني وخلاياه المصابة حتى يتعافى الجسم الفلسطيني ويستعيد قوته ويقف على رجليه من جديد ماسكاً بندقيّته معلناً انتفاضته الشعبية على طريق التحرير.. وحتى يتحقق لنا ذلك علينا أن نغضب وتدوّي صرخاتنا ملء السماء:
“الشعب يريد تمزيق الإتفاق”.. “الشعب يريد إسقاط أوسلو”… “الشعب يريد تحرير فلسطين”…