لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار دولية

التوظيف الصهيوني لقرار أيا صوفيا / د. موفق محادين

ظهرت قراءات عديدة حول قرار الزعيم التركي أردوغان، إعادة تحويل (أيا صوفيا) من متحف إلى مسجد، كما فعل السلطان محمد الفاتح بعد دخول القسطنطينية وتحويله الكنيسة الأرثوذكسية البيزنطية السابقة إلى مسجد وكان قرار الفاتح آنذاك مخالفًا لتقليد الإسلام العربي الذي دشنه الخليفة عمر بن الخطاب عندما دخل القدس ورفض الصلاة في كنيسة القيامة أو وضع اليد عليها وتحويلها إلى مسجد.

ويشار هنا أيضًا إلى مسألتين: الأولى أن ما يسيطر على عقل أوروبا بخصوص قرار أردوغان غير ما يسيطر على العقل العثماني وأنصاره أي ليس المماحكة الطائفية بحد ذاتها وليس أيا صوفيا بوصفها كنيسة بل أيا صوفيا كمتحف يذكر بـــبيزنطة الأوروبية.

والثانية أن أيا صوفيا من الصعب أن تصبح مسجدًا بالمعنى الإيماني حتى عندما توهم ذلك محمد الفاتح فقد ظل العثمانيون يصلون في كنيسة وهم غافلون عما يفعلون ومثلهم أردوغان وأنصاره ذلك أن تكوين أيا صوفيا وتصميمها الترميزي العمراني الثقافي والديني وكذلك الهندسي هو تصميم كنسي بالكامل يجمع بين ما يعرف بـــ الباسيقليا والكاتدرائية.

من القراءات التي انتشرت حول قرار أردوغان المذكور….

1) أنه أراد من ذلك شد عصبية جمهوره بعد خسارته الانتخابات البلدية في إسطنبول أمام مرشح حزب الشعب الأتاتوركي العلماني.

2) أنه يبحث عن مرجعية عثمانية منافسة للمراكز العربية (مكة، الأزهر، القدس).

3) أنه يلعب على سيكولوجيا الرأي العام الإسلامي العالمي في إطار مشروعه للتوسع الطوراني بغطاء إسلامي.

4) إن القرار أصلًا كحليفه القومي الطوراني المعنوي (الحركة القومية) التي ترى في (أيا صوفيا) رمزًا قوميًا لا دينيًا.

بيد أن القراءات السابقة وغيرها أغفلت ما يترتب على ذلك من توظيف مشترك (صهيوني نازي) وهو البعد الذي يذكرنا بعشرات العمليات الإرهابية التكفيرية التي وقعت بحق المدنيين في أوروبا واتخذت من الإسلام غطاءً لها، وتبين أن غالبيتها نفذت من قبل سجناء سابقين كانوا يتعاونون مع البوليس وأقلام الاستخبارات الأوروبية والأمريكية وخرجوا من السجون في ظروف مشبوهة إما لإرسالهم إلى سوريا والعراق أو لتنفيذ العمليات المذكورة.

ولمن لا يعرف أو يشك في هذا الاستنتاج نُحيلهُ إلى ما كتبه المؤرخ البريطاني كورتيس كما إلى ما ناقشه مؤتمر هرتسليا في  إحدى دوراته حول سيناريو (أمني) (الموساد بالتأكيد) لتحريض أوروبا على المسلمين والعرب بعد تزايد أعدادهم وما اعتبر (تهديدات) ديموغرافية للقارة الأوروبية العجوز إلى أن تتفاءل فيها الولادات بصورة (مفزعة) مقابل الهجرات وتزايد الولادات في العشوائيات العمالية الإسلامية والعربية.

ومن مؤشرات تلك التداعيات تصاعد المناخات العدائية المترافقة مع صعود النازية واليمين عمومًا وإطلاق دعوات هستيرية تدعو للتهجير الوعي القسري (وأوربا) القارة من جديد…

ومما يعزز هذه القراءة المعطيات التالية:

1) منذ انهيار المعسكر الاشتراكي بدأت عمالة أوروبا الشرقية الرخيصة والمدربة تحل محل العمالة الإسلامية التي استوردتها الشركات الرأسمالية، سواء بطرق (شرعية) أو عبر مافيات لاجئي القوارب.

2) الثورة العلمية الهائلة من الجيل الرابع والخامس وما أدت وتؤدي إليه من تقليص سوق العمل أصلًا.

3) تزايد نفوذ وتأثير (الثقافة الأصولية) داخل الجاليات الإسلامية والعربية وما تعيشه من أوضاع اقتصادية اجتماعية في العشوائيات العمالية وهو التزايد الذي يترافق مع تراجع اليسار والقوى الديمقراطية.

4) تكثيف كل ما سبق بصعود النازية والفاشية واليمين في كل أرجاء أوروبا.

في ضوء ما سبق، فإن القرار المذكور للزعيم التركي أردوغان والحركة القومية الطورانية العنصرية أفضل بيئة تحريضية في يد العدو الصهيوني الذي تلفق هذه الهدية إن لم يكن شريكًا في صناعتها.

فلا أفضل من قرار كهذا لتخويف الأوروبيين من الجاليات العربية الإسلامية والتحريض ضدهم وضد القضايا العربية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والعودة وإعادة أو ترشيح التحالف العدواني بين الحركة الصهيونية والإمبريالية العالمية وخاصة في أوروبا التي بدأت ترتفع فيها أصوات مؤيدة للعرب عمومًا والفلسطينيين خصوصًا.

بواسطة
د. موفق محادين
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى