لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

إیران والعرب وصراع الرهانات! / ماجد توبة

سعت الولایات المتحدة عبر مؤتمر وارسو الاخیر، الذي حشدت لھ عشرات الدول الى تكریس وتتویج ایران كعدوة رئیسیة ان لم نقل وحیدة للاقلیم والعالم واستقرارھما، فیما كان الھدف الثاني الذي سعت لھ على ھامش الأول ھو التمھید للتطبیع العلني بین الدول العربیة وبیناسرائیل، كھدف یصب من وجھة نظرھا بالھدف الأول، وھو إحكام الطوق أكثر على إیران، وربما التمھید لبناء ما سمي ”ناتو عربي“!

من نافلة القول أن الرھان عربیا وخلیجیا على الحلیف الأمیركي لحسم الصراع او الازمة مع ایران باتجاه تحجیم دورھا بالاقلیم ھو رھان فاشل ومحفوف بالمخاطر الجوھریة التي یمكن لھا ان تودي بامن المنطقة واستقرارھا، وبالضد بصورة قطعیة من المصالح العربیة.

الراھن أن الصراع العسكري والاستراتیجي العربي، او الخلیجي بصورة أدق، مع ایران جرب عبر الوكلاء وبتوظیف الدعم السیاسي والمالي وبالأسلحة في العقد الأخیر، في غیر ساحة أھمھا سوریة، ولم یتمخض عنھ سوى مراكمة انتصارات ایرانیة في تلك الساحات لم تكن تحظى بھا قبل اللجوء الى الخیار العسكري غیر المباشر، تحدیدا بسوریة، والمباشر في الیمن.

قد یكون من المفید التذكیر بأن سوریة ما قبل اندلاع أزمتھا الطاحنة في 2011 ،لم تكن العلاقة والتحالف بینھا وبین ایران قد وصل الى ما ھو علیھ من تحالف حالیا، بل ان استعراض تطورات الازمة العراقیة بعد احتلال بغداد العام 2003 ،لا بد ان یسجل ان التأیید المبطن او المباشر من دول عربیة، ولم یكن من بینھا سوریة، للحملة الأمیركیة التي انتھت باحتلال العراق، ھو ما یتحمل جزءا مھما من مسؤولیة فرض السیطرة الایرانیة على العراق التي تمخضت عنھا سنوات الاحتلال الأمیركي.

ولا یجوز الیوم تجاھل ان سوریة ما قبل 2010 اتھمت من قبل الولایات المتحدة وساسة العراق بدعم المقاومة العراقیة للاحتلال بل والتحشید والتلویح بالحرب ضدھا، بالرغم من علاقات دمشق الدافئة مع طھران وتلاقیھما مصلحیا بملف المقاومة اللبنانیة وحزب  الله في لبنان.

اندلاع الازمة الداخلیة في سوریة العام 2011 سرعان ما استغل من قبل الولایات المتحدة، باتجاه تصفیة الحسابات مع القیادة السوریة، وتم حشد الحلفاء والاموال والسلاح والدعم السیاسي لتسریع اسقاط النظام السوري، قبل ان تدخل عوامل لم تكن بالحسبان، كان من اھمھا الدعم الایراني الكبیر للنظام السوري، ولاحقا دخول حزب الله بقوتھ العسكریة بالازمة، ومن ثم أخیرا التدخل الروسي الكاسح الذي قلب كل المعادلات!

الشاھد؛ أن الرھان على الخیار العسكري او الصراع عبر الوكلاء مع ایران، في سوریة تحدیدا، تمخض عن نفوذ ایراني كبیر بالمعادلة السوریة. دع عنك ما حصل على الجبھة الیمنیة من دمار واستنزاف لكل الاطراف وتعمق للازمة ھناك تكاد لا ترى افقا لحلھا.

ھل ثمة بدیل او خیار اخر امام الدول العربیة وایران للحالة السابقة؟ بلا شك ان الحل والخیار الاسلم والاجدى لاستقرار المنطقة ومصالح الدول العربیة وایران ومستقبل شعوبھا، ھو اللقاء والحوار، وترسیم نقاط الالتقاء والاختلاف، وصولا الى توافقات على المصالح المشتركة للطرفین واحترامھا والبناء علیھا.

تجربة الحوار لیست تمنیات ولا مثالیات حالمة في العلاقة العربیة مع ایران، فقد سبق للاخیرة ان دخلت في حوار استراتیجي مع الغرب؛ الولایات المتحدة واوروبا، والذي تمخض عنھ الاتفاق الایراني مع الدول الست في زمن الرئیس الامیركي السابق باراك اوباما، قبل ان یعود دونالد ترامب لیلغي الاتفاق من طرف واحد، فیما ما یزال ھذا الاتفاق صامدا مع الدول الكبرى الاخرى الموقعة.

الحوار الاستراتیجي بین العرب وایران وترسیم العلاقات والتوافقات بین الطرفین واحترام مصالح كل منھما، ھو السبیل الوحید والخیار الاجدى الذي یخدم شعوبنا والشعب الایراني، ودون ذلك مجرد رھان على المزید من عدم الاستقرار والحروب والمعاناة ولصالح العدو التاریخي والوجودي للأمتین العربیة والاسلامیة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى