الكاتب والمحلل السياسي نواف الزرو: الحرب على سورية تمهيد لتصفية القضية الفلسطينية
اعتبر أن وحدة الأمة العربية ووحدة البندقية هما أهم عوامل انهيار الكيان الصهيوني
نستضيف في هذا العدد الكاتب الصحفي الأستاذ نواف الزرو المختص بالشؤون الفلسطينية والصهيونية. حيث تناولنا ملفات القضية الفلسطينية والذكرى السبعين للنكبة، وما يتم تداوله حول صفقة القرن، إضافة إلى ارتباط القضية الفلسطينية بما يحدث في سورية ومستقبل الكيان الصهيوني.
نداء الوطن: يحيي الشعب الفلسطيني الذكرى السبعين للنكبة، كيف لك أن تصف لنا أهم محطات وأخطاء الحركة الوطنية الفلسطينية خلال السبعين عاماً الماضية؟
الزرو: في الذكرى السبعين للنكبة واغتصاب فلسطين، اعتقد انه من الأجدر أن نستحضر القضية بماضيها وحاضرها كي نقرأ مستقبلها والى اين تسير، ومستقبل الصراع العربي الصهيوني، وإن كنا بصدد الحركة الحركة الوطنية الفلسطينية فسؤال المحطات والاخطاء كبير ويحتاج الى مساحة اوسع بكثير، غير ان ما يعنينا ربما بالدرجة الاولى هي الوحدة الوطنية الفلسطينية باعتبارها الممر الاجباري نحو التقدم والتحرير، وأقصد بالوحدة الوطنية وحدة الخنادق والبنادق أولا، ثم وحدة البرنامج السياسي التحرري، يضاف الى ذلك ضرورة العمل من جديد على العمق العربي للقضية والصراع.
وفي الذكرى السبعين للنكبة، يتوجب علينا دائما ان نحفر في الذاكرة العربية والوعي الجمعي العربي ثوابت القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، ولعل أولى ثوابتنا التي ننقلها للاجيال: أن أرض فلسطين أرض عربية بجذورها وحضارتها وتاريخها، وهي جزء من الوطن العربي الكبير. لقد بنى مدنها وقراها أجدادنا العرب اليبوسيون والكنعانيون منذ فجر التاريخ، وتوارثها الأبناء والأحفاد عن الآباء والأجداد، جيلا بعد جيل حتى ولدنا فيها، وما زلنا فيها، ان حقنا في أرضنا حق تاريخي راسخ.
– مواليد القدس وتعلم في مدارسها المعروفة: البكرية، العمرية فخليل السكاكيني.
– بعد الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس عام 1967، شارك إلى جانب شباب القدس في مواجهة مباشرة مع جنود الاحتلال.
– انخرط في شبكة فدائية تتكون من حوالي عشرين شابا، حيث قامت بتنفيذ سلسلة عمليات-تفجيرات في القدس وفي المحطة المركزية في تل ابيب، أسفرت عن عدد كبير من القتلى والجرحى الاسرائيليين، إلا ان العدو نجح في اعتقال افراد الشبكة، وكان ذلك في آب وايلول 1968، فصدرت احكام بالسجن المؤبد مدى الحياة عليه.
– أمضى أحد عشر عاما في الاعتقال، ثم أطلق سراحه في عملية النورس-تبادل الأسرى- ، وكان ذلك في آذار 1979.
– استقر وعدد من الرفاق في لبنان، والتحق بالعمل الفدائي، ولم تطل اقامته في لبنان، حيث اضطر للمجيء للاردن لاسباب عائلية.
– انخرط في إطار العمل الصحافي والإعلامي، منذ الأيام الأولى لوصوله إلى عمان. وتخصص في الشأن الفلسطيني-«الاسرائيلي» . فبدأ في صحيفة صوت الشعب عام 1982 محررا للشؤون الفلسطينية-الاسرائيلية، ورئيسا للقسم العبري، ثم انتقل عام 1989 لجريدة الدستور، ثم انتقل بعدها لجريدة العرب اليوم.
– أصدر العديد من المؤلفات المختصة بالصراع العربي الصهيوني وصلت الى خمسة وعشرين كتابا منها:الانتفاضة الفلسطينية الكبرى / 1988، ومحمود درويش…وداعا /ايلول/2008/ ، وغيرها. كما صدر له: موسوعة الهولوكوست الفلسطيني المفتوح، وموسوعة :قراءات استراتيجية في الصراع العربي الصهيوني.
– عضو رابطة الكتاب الأردنيين ونقابة الصحفيين الأردنيين، وعضو الهيئة الادارية للمنتدى العربي الناصري، ورئيس اللجنة التنسيقية الثقافية للهيئات المقدسية.
– حائز على جائزة يعقوب عويس لافضل كاتب للمقالة الصحفية في الاردن للعام 2004-2005
ثم نأتي إلى أهم الثوابت في هذه المرحلة، وهو حقنا في النضال والكفاح و التحرير والعودة، ويقول شيخ المجاهدين الفلسطينيين المرحوم بهجت ابو غربية في هذا السياق» ما دمنا نؤمن أن أرض فلسطين أرض عربية، لا يمكن ولا يجوز التنازل عن حقنا فيها، فذلك يؤكد حقنا في تحريرها من الاحتلال الصهيوني وإعادة السيادة العربية الإسلامية عليها، وإلى أن تتوافر مقومات ومستلزمات التحرير، من حقنا وواجبنا أن نستمر في الصراع ضد العدو بكل الوسائل المتيسرة، من الكلمة إلى الحجر إلى الرصاصة، كي نحرمه من الاستقرار والاستمرار. وكذلك نوثق ان الكيان الصهيوني كيان استعماري استيطاني عنصري ارهابي مدعوم من الاستعمار الغربي، والصراع ضده ليس صراع حدود بل صراع وجود لا مجال فيه للتفاوض او المصالحة او التطبيع او التعايش.
صفقة القرن والفيتو الشعبي الفلسطيني!!
نداء الوطن: كيف تقرأ واقع ومستقبل القضية الفلسطينيية، في ظل ما يسمى بصفقة القرن؟
الزرو: اعتقد انه يجب ان يكون واضحا بداية ان اهتمامات الادارة الامريكية الحالية كما سابقاتها، تتركز حول عناوين ومطالب هي اسرائيلية بالاساس مثل: الانتقال من المسار الفلسطيني-الاسرائيلي الى المسار الاقليمي، بمعنى حل القضية الفلسطينية في إطار «صفقة اقليمية» بمشاركة الدول العربية السنية التي زارها كوشنير في جولاته المكوكية، كما طالب نتنياهو ووزير الامن الاسرائيلي ليبرمان مرارا-، وفي هذه المسألة لوحظ منذ بدايات التحركات الامريكية « أنّ منسوب الخطاب السياسيّ الذي يتناول المسار الإقليميّ للتسوية مع إسرائيل، باعتباره الخيار البديل لعملية التسوية على المسار الفلسطيني، قد ارتفع، وتجلّى ذلك في الحديث المتكرر عن «صفقة إقليمية-صفقة القرن».
وفي مضامين هذه الصفقة التي لم تعلن رسميا حتى كتابة هذه السطور: إسقاط القضايا الرئيسية عن أجندة المفاوضات والحل مثل: القدس التي منحها ترامب»عاصمة ابدية لاسرائيل» واعتبرها غير مطروحة على طاولة المفاوضات، وكذلك قضية اللاجئين وحق العودة، وضم المستعمرات اليهودية المنتشرة في جسم الضفة الى السيادة الاسرائيلية، والتأكيد على «دولة فلسطينية بدون سيادة حقيقية على الارض، وبدون حدود ..الخ، وكان كوشنير حامل الصفقة الى العرب تحدث عن الحاجة الى «ضمان الامن الاسرائيلي»كما يتحدث ترامب ومبعوثيه الى المنطقة، وعن «الحل الاقتصادي»، ناهيكم عن تأكيده على ضرورة الانفتاح والتطبيع العربي مع «اسرائيل».
في الامن الاسرائيلي ، الملاحظ انه تحول الى سيمفونية ممجوجة على لسان المسؤولين الاسرائيليين ومعهم المسؤولين الامريكان، وفي الحل الاقتصادي، فان نتنياهو يطرحه منذ سنوات كبديل عن الحل السياسي واقامة الدولة الفلسطينية، أما في التطبيع، فقد تحول كذلك الى ذريعة مملة لدى الاسرائيليين الذين يطالبون ليل نهار ب»التطبيع العربي قبل التوقيع على تسوية مع الفلسطينيين»، والمؤسف هنا ان بعض العرب انفتحوا تطبيعيا مع الكيان على نحو هستيري.
ولعلنا نوثق في الحاصل في ما يتعلق بصفقة القرن بان الشعب العربي الفلسطيني يمتلك حق النقض-الفيتو- في مواجهة الصفقة وغيرها من صفقات التصفية.
نداءالوطن: كمختص بالشؤون «الإسرائيلية»، كيف تنظر لمستقبل دولة الكيان؟ وأين ترى أهم عوامل تهديد وجودها؟
-الزرو: سؤال استراتيجي هام، وحسب اعتقادي هذا السؤال هو الذي يجب ان تشتغل عليه كل القوى المقاومة والمناهضة للكيان والمشروع الصهيوني، ووفق متابعتي لاستراتيجياتهم وادبياتهم ومخاوفهم، فان اهم العوامل التي تهدد وجودهم هي: العلم والتعلم والتكنولوجيا، لذلك هم يسعون مع حلفائهم لابقاء الامة في حالة أمية وتخلف. العامل الآخر هوالوحدة العربية باي شكل من الاشكال، لذلك يعملون على ضرب اي وحدة عربية محتملة، بل ضرب اي دولة عربية قموحدة قوية، وحصول العرب على اسلحة استراتيجية وخاصة النووية.
وفلسطينيا تحديدا فان عوامل التهديد الفلسطيني لهم: الوحدة الوطنية-وحدة الخنادق والبنادق والبرامج السياسية ، والقيادة التاريخية، فمن اهم استراتيجياتهم اغتيال وتصفية القيادات الفلسطينية والعربية المرشحة لان تشكل تهديدا لهم، والعلم والتعلم والعلماء، لذلك تعمل اجهزتهم الاستخبارية على مطاردة واغتيال العلماء الفلسطينيين والعرب ايضا، وثقافة المقاومة، وفعل المقاومة، ويعتبرون ان المسيرات الجماهيرية بعشرات وربما بمئات الآلاف هي الاخطر عليهم. ومن جهة اخرى فهم يصرون في مفاوضاتهم دائما على ان يغير الفلسطينيون مناهجم التعليمية ليثقفوا اجيالهم على ثقافة السلام.
سوريا ومستقبل القضية الفلسطينية
نداء الوطن: ما هو حجم تأثير الأحداث في سوريا على القضية اللفلسطينية؟
الزرو: الواضح تماما في مشهد الصراع العربي الصهيوني، ان دولة العدو لا تنام ابدا، فهي تتحرك وتعمل على مدار الساعة من اجل بقائها واستمرارها، ومن وجهة نظرهم الاستراتيجية فان بقاء تلك الدولة واستمرارها لاطول فترة من الزمن رهن بتفكيك الامة والدول والاوطان العربية واضعافها، والادارة الامريكية والغرب الاستعماري متحالف معها في ذلك.
ومنذ اندلاع ما يسمى ب»الربيع العربي» كان للدولة الصهيونية رؤيتها وتدخلاتها كما الادارة الامريكية، فكانت عين صهيونية وما تزال على مصر-الجبهة الجنوبية-، تبث قلقا مستقبليا، والعين الأخرى على الجبهة الشمالية لفلسطين، وخاصة سورية التي تشكل العمق الاستراتيجي لحزب الله والمقاومة، تبث هي الأخرى قلقا متزايدا منذ الهزيمة الحارقة في حرب/2006، لذلك تبدي الدولة الصهيونية اهتماما بالغا لما يجري في سورية، بل انها ترهن مستقبل المنطقة والقضية والصراع بنتائج وتداعيات ما يجري هناك، وأدبياتهم في ذلك كثيرة، ويكفي للدلالة على مدى وعمق تأثير ما يجري في سوريا على القضية الفلسطينية وكيان العدو، أن نستشهد ببعض من أدبياتهم السياسية:
فهاهما رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي ورئيس الموساد السابق مائير داغان يعلنان: إن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيكون جيدا بالنسبة لإسرائيل وأنه يجب إقامة نظام سني في سورية- ، بينما إعتبر الرئيس الأسبق للموساد الإسرائيلي أفراييم هليفي»أنه إذا أحل السلام داخل سوريا، ووافق العالم على استمرار حكم الأسد، وإذا وافقت تركيا وروسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا على بقائه، فإننا سنشهد أصعب هزيمة إستراتيجية لإسرائيل في الشرق الأوسط منذ أن أصبحنا دولة-صحيفة «يديعوت أحرونوت». وقال الجنرال احتياط عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) السابق»ان التغيير في سورية، إذا ما حصل، تحول استراتيجي ايجابي بالنسبة لإسرائيل».
ولعل خلاصة التقدير العسكري الاسرائيلي لما يجري في سورية جاءت في تقدير استراتيجي لهيئة الاركان العسكرية ومجلس الامن القومي الاسرائيلي، ويؤكد التقدير الذي قدم لنتنياهو:»ان سقوط نظام بشار الاسد سيشكل ضربة كبرى لمحور التطرف في العالم العربي والاسلامي وسيقلم اظافر حزب الله، وان على اسرائيل ان تعلن تاييدها صراحة لاسقاط الاسد»، وجاء في خلاصة الخلاصة العسكرية الاسرائيلية:» ان الصراع العربي الاسرائيلي سينتهي بسقوط بشار الاسد»، معتبرة «ان سقوط الرئيس السوري يعني غياب لاي تهديد حقيقي من الجهة الشرقية على الدولة العبرية- نقلا عن اذاعة جيش الاحتلال».
هذا بعض ما جاء على لسان ابرز جنرالات اسرائيل-وهناك كم هائل من الادبيات الاخرى على لسان عدد كبير من الجنرالات والسياسيين والمحللين الاستراتيجيين كلها تصب في ذات الاتجاه… للاطلاع والعبرة لمن يريد ان يرى ويعتبر…؟!
ليتبين لنا وفق هذه الادبيات -الشهادات الاسرائيلية ان هذه الحرب الكونية على سوريا بقيادة امريكية اسرائيلية انما يراد من ورائها تدمير سوريا كما دمرت العراق خدمة للأجندة الصهيونية، وتمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية، ولذلك نقول ونوثق: ان انتصار سوريا هو انتصار لفلسطين والقضية.