كايد الغول القيادي في “الشعبية” والكاتبة سعد الدين يستعرضان لنداء الوطن بانوراما فلسطين 2015: انتفاضة السكاكين تقلب الأوراق على الجميع
العديد من المحطات والأحداث والمواقف التي شهدها العام 2015.
ونحن نودع هذا العام، تقدم نداء الوطن في هذا الجزء بانوراما لأهم هذه الأحداث من وجهة نظر قادة الرأي العام من ساسة وكُتاب على الصعيد الفلسطيني.
د. سعد الدين: انطلاق شرارة الانتفاضة في ظل غياب الدعم العربي واستمرار الانقسام وتصعيد العدوان الصهيوني
الدكتورة نادية سعد الدين مديرة تحرير “الشؤون الفلسطينية” في جريدة “الغد” وأستاذة جامعية: إن “العام 2015، يعدّ عاماً غير محمود بالنسبة للجانب الفلسطيني، بينما لا يوجد ما يشير إلى عام مقبل مختلف عن سابقه، حيث ستكون أجندته حافلة بالقضايا المرّحلة من بين ثنايا العدوان الإسرائيلي المتصاعد، والانقسام الفلسطيني المستمر، وضعف الدعم العربي الإسلامي للقضية الفلسطينية، مقابل الانحياز الأمريكي المفتوح للاحتلال في فلسطين المحتلة“.
إن “هذا العام، الموشك على الانتهاء، شهد تصعيداً عدوانياً إسرائيلياً ضدّ الشعب الفلسطيني، عبر ارتفاع وتيرة الانتهاكات للمسجد الأقصى المبارك، والمضيّ في مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً، والتهويد، والتنكيل، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي والاستيطان، الذي رفع عدد المستوطنين لأكثر من 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة“.
إن “السياسة الإسرائيلية العدوانية تسببت في تقويض المساحة المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية، ضمن حدود عام 1967 بالمستوطنات، والشوارع الالتفافية، والحواجز العسكرية، وما تبع ذلك من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المعيشية للفلسطينيين، تزامناً مع حصار قطاع غزة، وإحكام السيطرة على الاقتصاد والموارد الطبيعية الفلسطينية، وشلّ حركة التنقل، وضرب الحركة التجارية في القدس المحتلة“.
وزاد من ذلك “غياب الأفق السياسي، واستمرار الانقسام منذ عام 2007 بدون أي مؤشرات إيجابية تلوح في فضاء المصالحة، فضلاً عن تراكم الأزمات الفلسطينية، وغياب البدائل والحلول الناجعة لها، والتي حلت مكانها “أنصاف” الخطوات غير المكتملة، من دون وضع رؤية استراتيجية موحدة لمستقبل المشروع الوطني“.
بيدّ أنه “في المقابل، انطلقت انتفاضة الشعب الفلسطيني، في ظل المشهد الإقليمي العربي الصعب، وانشغاله بقضاياه الداخلية، والتجاهل الدولي للقضية الفلسطينية، وتراكم الأزمات في الساحة المحتلة، وذلك لتذكير العالم بأن قضيته حيّة ونابضة لم تمت، ولإعلان غضبه من كل ما يجري في الداخل، وعلى المستويات العربية والإقليمية والدولية، ولتحقيق أهداف إنهاء الاحتلال والتحرير وتقرير المصير وحق العودة، وهي أهداف وطنية جمعية لم تغب يوماً، إذ ليس شرطاً أن تستمر المقاومة على الوتيرة ذاتها، فقد تخبو أحياناً، وقد تنشط في أحايين كثيرة من دون أن يعني ذلك توقفها“.
الغول: الانتفاضة تعيد “فلسطين” إلى الواجهة، تزايد الاعتراف الرسمي الغربي بفلسطين ومقاطعة واسعة لدولة الكيان الصهيوني
الرفيق الدكتور كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: فلسطينياً عشنا في 2015 أحداث لها وجهان، سلبي وإيجابي، السلبي هو استمرار حالة الانقسام أولاً، وعدم القدرة على معالجة آثار الحرب الأخيرة على قطاع غزة، من إعادة الإعمار وإنهاء الحصار وما ترتب على استمرار الانقسام ونتائج الحرب من مضاعفات في معاناة سكان القطاع الذين شهد القطاع ازدياد في حالة الفقر وتفاقم البطالة وتفاقم الخدمات الصحية وتلوث المياه وأزمات الكهرباء وازدياد غلاء المعيشة بحكم الضرائب المتزايدة التي تمارسها حركة حماس لتغطية نفقات إدارة قطاع غزة، واستمرار إغلاق معبر رفح لفترات طويلة.
إلى جانب ذلك جرت محاولات دولية لاستثمار هذا الوضع الصعب لسكان القطاع لمحاولة تدفيع الشعب الفلسطيني ثمناً سياسياً من خلال تحركات توني بلير وبعض المبعوثين الأوروبيين إلى قطاع غزة الذين كان هدفهم تكريس الفصل التام بين الضفة والقطاع والتعامل مع مركزين قياديين في فلسطين أحدهما الرئيس أبو مازن وحكومة التوافق في الضفة، والمركز الآخر هو حركة حماس في قطاع غزة، من خلال السعي للوصول إلى اتفاق مع حركة حماس مدخله الاتفاق على هدنة طويلة الأمد تتراوح من 10 – 15 عام على الأقل، ووقف تطوير قدرات المقاومة ووقف بناء الأنفاق خاصة المتصلة مع حدود 48. مقابل التخفيف من الحصار من خلال ممر مائي يقوم برقابة دولية يجري من خلاله التنقل ما بين غزة وقبرص ومن خلال تزويد محطة الكهرباء في غزة بالغاز لزيادة قدراتها التشغيلية.
وبرأينا أن هذه الجهود السياسية تخدم حكومة العدو الصهيوني بشكل كبير لأنها تؤسس مرة أخرى إلى الفصل التام بين الضفة والقطاع وتمكن من طرح حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال حل إقليمي يمكن أن يعطي الفلسطينيين كياناً ما في قطاع غزة وفي ذات الوقت تعالج قضية الضفة من خلال كانتونات أو حكم إداري ذاتي أو تقاسم وظيفي.
ومشروع الحل الإقليمي هذا الذي يمكن أن تسعى له دولة العدو الصهيوني يستفيد بطبيعة الحال من الحالة الرسمية العربية التي بدأت تتراجع بغالبيتها عن دعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل تحقيق أهدافه الوطنية من خلال علاقات جديدة لبعض هذه البلدان مع كيان العدو الصهيوني الذي بنى تحالفات غير معلنة في الحروب التي تخوضها بعض البلدان العربية في أقطار عربية أخرى.
السلبي الآخر هو ما عاشته مخيمات الشعب الفلسطيني وبشكل خاص في سورية، وانعكاسات الأحداث الجارية في بلدان الإقليم وخاصة المحيطة بفلسطين، من خطر يمس الوجود الفلسطيني أولاً في هذه البلدان واستتباعاً ما يمس حق اللاجئين في العودة إلى فلسطين. وهو الهدف الثابت في السياسة الإسرائيلية من جهة، وفي من يدعمها وبخاصة الإدارة الأمريكية.
طبعاً في سياق ما هو سلبي هو ما شهدته الأراضي الفلسطينية من تسارع لتجسيد المشروع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية بتزايد الاستيطان وتزايد إجراءات تهويد القدس بما في ذلك استباحة المسجد الأقصى وسن قوانين تعيد سيطرة قوات الاحتلال على ما هو رئيسي في الضفة الغربية إلى جانب سن قوانين تمييزية فاشية بحق أهلنا في مناطق 48.
وفي سياق هذه العملية شهدنا تصاعد لليمين الصهيوني واعتداءات المستوطنين التي وصلت إلى حد إحراق عائلة الدوابشه والتغطية عليها من قبل سلطات العدو الصهيوني.
مقابل هذه الصورة هناك إضاءات مشرقة منها انطلاق الانتفاضة التي كانت نتاج لعوامل موضوعية يعيشها الشعب الفلسطيني منذ سنوات وجاءت هذه الانتفاضة لتعيد الاعتبار أولاً للقضية الوطنية الفلسطينية ولنضال الشعب الفلسطيني باعتباره نضالاً تحررياً وطنياً وديمقراطياً وهو ما أدى إلى أن يجري بحث الوضع الفلسطيني في أكثر من مناسبة رغم انشغال الإقليم والمجتمع الدولي في الحرب على سورية وفي مواجهة داعش وأخواتها في العراق وسورية ورغم الانشغال بما يجري من حرب عدوانية ومجازر في اليمن.
وللأسف الشديد أن هذه الانتفاضة التي تشكل فرصة لإعادة تصويب الأوضاع في الساحة الفلسطينية من خلال القطع مع مسار المفاوضات والمراهنة عليه بإمكانية تحقيق أي من الحقوق الوطنية، فإن عدم اتفاق الفصائل على تشكيل قيادة وطنية موحدة يتفرع عنها لجان في الأحياء والمدن والمخيمات، لإدارة الانتفاضة، يشكل أحد المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى إجهاضها وبرأينا أن ما يحول دون ذلك هو الانقسام ذاته لأن طرفي الانقسام لم يتجاوبا مع دعوة الجبهة وغيرها من القوى بأهمية وضرورة تشكيل قيادة وطنية موحدة. وارتباطاً بذلك فإن غياب الهدف السياسي للانتفاضة، يبقيها عرضة لتجاذبات وانقسامات حول الوجهة التي نريد بها الوصول بالانتفاضة إلى تحقيقها.
نحن في الجبهة دعونا إلى أن يرفع شعار إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية كهدف ناظم لهذه الانتفاضة وأن تكون هناك أهداف فرعية للوصول إلى تحقيق هذا الهدف مرتبطة بمقاومة الاستيطان والتهويد وغيرها من المعارك اليومية.
إن ما يهدد الانتفاضة أو يمكن أن يساعد على إجهاضها كما تسعى الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو هو عدم الاتفاق على شكل فعل الانتفاضة. هناك من يدعو إلى أن تكون سلمية بالكامل، وهناك من يدعو إلى أن تكون ذات طابع عسكري. نحن برأينا أن غياب التوافق يمكن أيضاً أن يؤدي إلى انقسامات تضعف وتيرة الانتفاضة وتعمل على إجهاضها.
من الإيجابيات تزايد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وخاصة من قبل برلمانات أوروبية كان آخرها اعتراف برلمان اليونان بدولة فلسطين فضلاً عن الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية التي توفر فرصة لملاحقة قادة العدو الصهيوني كمجرمي حرب.
فضلاً عن رفع علم فلسطين على الأمم المتحدة لما له من مدلول سياسي.
اتساع المقاطعة لدولة العدو الصهيوني، بعناوين مقاطعة منتجات المستوطنات والتي رسمها أخيراً قرار الاتحاد الأوروبي بوسم المنتجات الواردة من المستوطنات إلى أسواقه. وتزايد عدد الجامعات والمعاهد في أوروبا بمقاطعة التعاون الأكاديمي والعلمي مع جامعات إسرائيل.