د. أحمد سعيد نوفل: صعوبات داخلية وخارجية تفرض على «إسرائيل» تطرح جدية مستقبل المشروع الصهيوني
أكد على أن صفقة القرن نتاج طبيعي لاتفاق أوسلو وإفرازاته وأن فشلها حتمي
نلتقي في هذا العدد مع الأستاذ الدكتور أحمد سعيد نوفل أستاذ العلوم السياسية والمختص في الشؤون الفلسطينية، وحديث حول صفقة القرن وروافع نجاحها وفشلها، ومستقبل الحركة الصهيونية، إضافة إلى الحديث حول منظمة التحرير الفلسطينية ومستقبلها في ظل استمرار حالة الانقسام.نداء الوطن: تم الحديث كثيراً عن صفقة القرن، ولا نريد هنا الدخول بتفاصيل وتسريبات الصفقة من شطب حق العودة والقدس، لأنها أصبحت معلنة، ولكن نريد ان نسألك كدكتور للعلوم السياسية ومن أكثر الأكاديميين تعمقا في القضية الفلسطينية، ما هي روافع صفقة القرن؟ وعلى ماذا يراهن ترامب ونتنياهو في تمرير هذه الصفقة؟
د. نوفل: أنا أؤمن بأن قضيتنا قضية عربية كأساس وهذا لا يعني أن نترك القضية للأنظمة العربية. ومؤمن بجماهيرية القضية الفلسطينية وجماهيريتها العربية ولكن في نفس الوقت أنا أشك بأن الأنظمة العربية تعمل لصالح القضية الفلسطينية. ووجود الأنظمة القمعية يمنع الجماهير العربية أن تتحرك لصالح القضية الفلسطينية يعني يجب ان نفصل بين الجماهير العربية وتأييدها الكبير للقضية الفلسطينية وبين الأنظمة العربية لأنه لو يوجد ديموقراطية ممكن للأحزاب الديموقراطية الشعبية الوطنية أن تعمل لصالح القضية الفلسطينية لكن في ظل عدم وجود الديموقراطية وفي ظل وجود هذه الأنظمة التي تقود النظام الرسمي العربي الان وبالتالي تجرنا نحو تحقيق مصلح الأنظمة الرأسمالية على حساب القضية الفلسطينية.
أحمد سعيد نوفل: – من بلدة بورين ومواليد مدينة حيفا عام 1947
– درست البكالوريوس في العلوم السياسية في جامعة في لبنان.
– حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا.
– عمل أستاذاً محاضراً في جامعة الكويت ثم عمل في مؤسسة فلسطينية اسمها ولفير للتعاون في جنيف من عام 84 الى ال 90 تجمع بين رأس المال الوطني والمثقفين وكان مركزها في جنيف. حيث كان مدير تنمية الموارد فيها.
– في ال 93 عاد إلى الأردن وعمل أستاذاّ محاضراً في جامعة اليرموك.
– من أهم كتبه كتاب «دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي» ودراسات تتناول قضية اللاجئين وقضية القدس.
وبالتالي عندما تتحدث عن إمكانية محاولة هذه الأنظمة العمل مع القوى الغربية الأخرى والولايات المتحدة والكيان الصهيوني من أجل الحفاظ على هذه الأنظمة على حساب القضية الفلسطينية من هنا يأتي الخوف كما حدث في ثورة 36 التي توقفت بسبب ضغوطات عربية والان أيضا يؤثر ذلك على القضية الفلسطينية
نداء الوطن: ولكن هل هنالك قيادة فلسطينية قادرة على قبول هذه الصفقة وتمريرها على الشعب الفلسطيني؟ الموضوع يحتاج رافعة فلسطينية كون الرافعة العربية لا تكفي.
د. نوفل: خطورة الموقف الرسمي الفلسطيني تأتي لانه أوصلنا لهذه الحالة. هذا التفتت في الساحة الفلسطينية تلام السلطة الفلسطينية عليه، وأقصد هنا اتفاق اوسلو الذي كان بمثابة زلزال على القضية الفلسطينية ولهذا لا اسأل هل السلطة الفلسطينية توافق او لا توافق الان بل من اوصلنا لهذه المرحلة في اللحظة التي كان يزداد فيها الاستيطان والممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والتهويد الى آخره. وأيضا القول بان السلطة الفلسطينية على مقربة من تحقيق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، هذا الخداع للشعب الفلسطيني بالداخل والخارج جعل أيضا بعض الأنظمة العربية تقول ان الفلسطينيين وافقوا على ذلك وبالتالي لحقوا بهم كما حدث في معاهدة وادي عربة.
أنا لا أريد أن أحاسب السلطة الآن هل توافق او لا توافق؟ بالتأكيد اتفاقية صفقة القرن لن توافق عليها السلطة بشكل مباشر. الذي أوصلنا لهذه المرحلة هو الذي يشكل الخطورة، أي أننا بعد 20 عام من المفاوضات اين وصلنا؟ وصلنا إلى أن يخرج علينا شخص كترامب ليقول لنا ان القدس عاصمة الكيان الصهيوني. الآن أبو مازن يقول لنا انه ضد الصفقة، ولكن في النهاية هو من أوصلنا لهذه المرحلة. لماذا وصلنا الى هذه المرحلة؟ يجب ان تكون هنا المحاسبة. يقول غسان كنفاني «إذا فشلت في تحقيق هدفك يجب أن تغير الفاشلين وليس الهدف». إذا هؤلاء أنفسهم الذي قادوا المفاوضات وفشلوا هم من سيقودوا المرحلة الحالية، والمرحلة الحالية تحتم التغيير والتغيير ليس حبا بالتغيير ولكن يجب تغيير النهج السياسي الى نهج المقاومة.
نداء الوطن: إذن، كيف يمكن للشعب الفلسطيني أن يقف ضد هذا المشروع وما دور الفصائل الفلسطينية خصوصا بعد تصريح ترامب بشأن الاحتجاجات بأنها لن تصمد أكثر من أسبوعين وستنتهي، وفعلا هذا ما حصل. كما أن الحركة الاحتجاجية في الضفة الغربية كانت متواضعة مقارنة بحجم الحدث؟ بتصورك ما المطلوب من الشعب الفلسطيني؟
د. نوفل: باعتقادي ان الشعب الفلسطيني قادر على افشال هذا المخطط أولا ليس فقط من خلال نضال الشعب الفلسطيني لأنه ايضا ليس من مصلحة الأردن نجاح هذا المشروع وهذا مرتبط أيضا بتحقيق بعض المصالح لبعض الأنظمة العربية التي هي حريصة لتقوية علاقاتها مع الكيان الصهيوني وعلاقاتها الامريكية ولكن هل هذا كافي للضغط على الشعب الفلسطيني وبالتالي عن تفاؤل كبير باستنهاض الامة القضية ليست مرتبطة فقط بالشعب الفلسطيني.
أنا مؤمن بأن وجود الكيان الصهيوني لا يهدد فقط الشعب الفلسطيني ولكن هذا المشروع الاستعماري الامبريالي في المنطقة يهدد الأنظمة العربية واستقرار المنطقة. ككل رئيس الاستخبارات العسكرية الصهيونيةهاركابي يقول انه إذا فتحت مدرسة في جنوب السودان هذا يهدد امن إسرائيل.
ومن هذا المنطلق انا اراهن على استنهاض الامة بمعنى الامة العربية بشكل كامل. واستنهاض الامة يأتي بتضحيات من هذه الامة الى جانب الشعب الفلسطيني أيضا منظمات المجتمع المدني والأحزاب العربية الى اخره فستجد ان القضية أصبحت قاب قوسين او أدني من التنفيذ.
مستقبل المشروع الصهيوني في المنطقة العربية
نداء الوطن: ننتقل للحديث عن مستقبل الحركة الصهيونية. هل هذه الحركة قابلة للاستمرارية؟ هل هذه الدولة القائمة على الفكر الصهيوني قابلة للاستمرار أم أنها أصبحت تشكل عبئاً على الدول المنشئة لها؟
د. نوفل: أنا الآن بصدد عمل كتاب بعنوان (مستقبل إسرائيل). إسرائيل تواجه مشاكل داخلية كثيرة. باعتقادي ان داخل الكيان كحركة صهيونية يوجد لديها ازمة وأكبر دليل على ذلك ان قيادات إسرائيل كثير منها متهم بالفساد او المشاكل والصراعات بين الاشكنازيين والسفرادييم الى اخره ولكن في المقابل عندما فكر هرتزل بعمل الكيان الصهيوني في فلسطين على أساس تجميع جميع اليهود في فلسطين فهل نجح في ذلك؟ وبالتالي هذه القضية الأساسية، لأنه لا يوجد دولة في العالم بعد 70 سنة من وجودها بعد الحرب العالمية الثانية ما زال يوجد من يطالب بزوالها.
نداء الوطن: هل لا تزال إسرائيل تشكل داعما للمشروع الغربي في المنطقة ام انها تحولت الى عبء عليه؟
د. نوفل: انا أرى ان الاستراتيجية الغربية والامريكية في السابق من محاربة الاتحاد السوفيتي وحماية مصالحهم النفطية وحماية إسرائيل، تم تغيير فيها مع الوجود العسكري الأمريكي وجودا مباشرا في دول النفط، وبالتالي ليس بحاجة لإسرائيل لتحمي مصالحه والاتحاد السوفيتي قد انهار فلم يعد بحاجة لقواعد عسكرية تحيط بالاتحاد السوفيتي، وفي نفس الوقت وظيفة الكيان الصهيوني قد تغيرت لان الوجود العسكري الأمريكي المباشر موجود لحماية هذه المصالح لهذا أرى ان إسحاق رابين وشمعون بيريز قد فهموا ذلك عندما بدأوا بالتحدث عن تسوية وبانها ليست بصالحهم ولكن على أساس ان إسرائيل تبحث عن رؤية جديدة لها وسوق اقتصادي ومشاريع اقتصادية في عمان .. المغرب الى اخره.
عندما يتحدث رئيس الكنيست السابق عن الى أي مدى ممكن ان تبقى إسرائيل في المنطقة ورأيت في التقرير الذي صدر قبل فترة عن المخابرات الامريكية الذي تحدث بصراحة عن هذا الموضوع وانا بصدد تجميع هذه التقارير وهؤلاء لا يتكلمون ضد إسرائيل ولكن يتحدثون عن سياسة إسرائيل الهوجاء العنصرية يعني هل كان أحد يتوقع ان ينهار النظام العنصري في جنوب افريقيا ويأتي نظام باغليية سوداء إذا استمرارية النضال الفلسطيني هو من سيفرض على العالم
كما يمكننا رصد الهجرة العكسية من داخل فلسطين الى الخارج من قبل اليهود في ازدياد سنة عن سنة وهذا ما تبينه الأرقام يعني وجود اليهود في اعداد كبيرة في نيويورك مع ان هرتزل كان يريد ان يتجمع كل اليهود في فلسطين وانا اعرف انه في فرنسا يوجد عدد كبير مع انه كان هناك تسهيلات كبيرة لليهود الفرنسيين ولكن في النهاية قالوا بانهم فرنسيين لماذا يرحلون الى منطقة مشتعلة ويوجد بها اضطرابات وهذا كله غير الهجرة العكسية لأنها أصبحت غير قادرة على خل مشاكل المجتمع ولم يحدث هناك تجانس بين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين بين المتدينين والمتطرفين
نداء الوطن: فكرة وجود دولة بحجم إيران تعتبر ان إسرائيل الى زوال، ولها حالياً حجم وحضور كبيران بالمنطقة، كيف تقرأ تأثير هذا الحضورالإيراني على الكيان الصهيوني؟
د. نوفل: انا من الأشخاص الذين يقولون باننا نفلح فقط بالبحث عن أعداء، فلتكن لدى إيران مصالح لكن هذه المصالح تتقاطع معي. انا كفلسطيني عربي اعتبر إسرائيل هي العدو فلتأخذها من ناحية دينية هي محتلة للأقصى من ناحية وطنية محتلة فلسطين من ناحية ما تمثله من عدو متقدم للإمبريالية العالمية إسرائيل
فلنقارن بين النظام السابق والحالي في إيران، نظام شاه إيران كان بشكل مباشر يؤيد الكيان الصهيوني ولم يكن البعض يعتبر إيران عدو الان اختلف الامر وفي النهاية عندما أفكر بمشكلتي كابن النكبة في النهاية يجب ان أؤيد ما تفكر به هذه الانظمة بعد تغيرها. وبالتالي باعتقادي حتى هذه اللحظة إيران تشكل فعلا عائقا امام المشروع الصهيوني في المنطقة.
منظمة التحرير «لتحرير فلسطين»
نداء الوطن: كيف تنظر لمستقبل منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة ونحن على أعتاب دعوة لعقد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في 30/4 في الداخل الفلسطيني بما يخالف كل الاتفاقيات المتوافق عليها والمؤتمرات والاجتماعات واخرها مؤتمر بيروت؟
د. نوفل: لم تعد منظمة التحرير لتحرير فلسطين، ولم تعد تشكل هذا الخطر على الكيان، وهذا بسبب أوسلو. إذن عندما نتحدث عن إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير فذلك لكون منظمة التحرير وجدت في ال 64 في خارج فلسطين من اجل تحرير فلسطين.
هنالك عبء كبير على الفلسطينيين لإعادة بناء منظمة التحرير لتصبح «لتحرير فلسطين». لكن هذا الامر لا اعتقد ان القيادة المتنفذة في المنظمة تؤيده وصراحة يوجد بعض التنظيمات داخل المجلس الوطني وداخل الدائرة التنفيذية لا قيمة لها على الساحة الفلسطينية. وهل يعقل أن حركة حماس والجهاد كفصائل مقاومة موجودة ولو في غزة ولا يوجد لها تمثيل في المجلس الوطني؟!
النضال الفلسطيني يعني ان تكون البوصلة فلسطين. أذكر انه عندما كنت اعمل في جريدة القبس اتى ناجي العلي وقال له أبو اياد لماذا تهاجمنا؟ فأجابه انني لا اهاجمكم، عندما كنتم في بيروت ضد إسرائيل كنت معكم اما عندما توقفت عن «الطخ» أوقفت تأيدي لكم. عودوا الى «الطخ» فسأعود معكم. بمعنى ان فلسطين هي البوصلة أما أن نكون كالسلفيين ونبقى نقول انه قبل 100 عام كنا نناضل اما الان اين هم في النضال الفلسطيني؟!
أجرى المقابلة: د. فاخر دعاس