الضربات الروسية في سورية.. هل اقتربنا من نهاية النفق؟!!
هلسا: التدخل الروسي العسكري يؤسس لمرحلة جديدة سمتها تفوَق الشرعية السورية
المنسي: الغرب والمنظمات الإرهابية وبعض القوى الرجعية العربية، تريد سورية عبارة عن كانتونات صغيرة مقسمة إلى مذاهب وطوائف وملل
نداء الوطن-رانيا عباس
في وقت سابق من ظهر يوم الأربعاء 30/9، وفور الإعلان عن مصادقة مجلس الاتحاد الروسي على طلب الرئيس بوتين استخدام القوة العسكرية خارج الأراضي الروسية، بدأت أولى ضربات سلاح الجو الروسي في سورية.
حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها بدأت أولى ضرباتها ضد الإرهابعلى مواقع قيادية لداعش في مناطق جبلية، استهدفت فيها عتاداً عسكرياً وأجهزة اتصال ومستودعات أسلحة وذخيرة ووقوداً في خمسة غارات على مواقع في تلبيسة والرستن والزعفرانة والمكرمية في ريف حمص، ليصل عدد الضربات إلى 20 غارة على ثمانية مواقع للإرهابيين في يوم واحد.
وأشار المتحدث بإسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف إلى أن جميع الضربات وجهت بعد إجراء مهمة استطلاع جوي والتحقق من معلومات تلقاها الطيران الروسي من هيئة الأركان العامة السورية، مضيفاً أن الغارات لم تنفذ على منشآت للبُنية التحتية المدنية والمناطق المحيطة بها.
وقال كوناشينكوف إلى أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أبلغ الشركاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي بماهيّة الأهداف التي تعكف الطائرات الحربية الروسية على تدميرها في منطقة الشرق الأوسط.
ورداً على ردود الفعل التي حصلت، أعلن المتحدث الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف أن روسيا هي البلد الوحيد الذي تمتاز عمليته العسكرية في سوريا بالشرعية، وأكد على أن الرئيس الأسد تقدم بطلب إلى موسكو بتقديم مساعدات عسكرية إلى دمشق.
كما أعلن المكتب الإعلامي للرئاسة السورية أن الرئيس السوري بشار الأسد كان قد أرسل رسالة إلى الرئيس بوتين طلب فيها الدعم العسكري، كاشفاً عن إرسال قوة جوية روسية إلى سوريا بعد طلب من دمشقوأن أي زيادة في الدعم العسكري الروسي لسوريا تمت وتتم بطلب من الدولة السورية.
فيما أكد الرئيس بوتين أن القوات المسلحة الروسية في سوريا ستقوم بعمليات جوية فقط، قائلاً: “نحن بالطبع لا ننوي أن تغرس رأسنا في النزاع السوري. وسننفذ خطواتنا في الأطر المحددة بدقة. أولاً سندعم الجيش السوري فقط في كفاحه الشرعي للتنظيمات الإرهابية تحديداً. ثانياً سيكون هذا الدعم جوياً فقط دون مشاركة في عمليات برية”، وتابع: “ثالثاً، مثل هذا الدعم سيقتصر من ناحية الزمن على فترة قيام الجيش السوري بإجراء عمليات هجومية“.
يذكر في هذا السياق، أن مجلس الاتحاد الروسي وافق بالإجماع في آذار/ مارس عام 2014 الماضي، على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن استخدام قوات مسلحة روسية في (جمهورية القرم ذاتية الحكم قبل انضمامها إلى الاتحاد الروسي)، حتى تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة.
وفي اتصال هاتفي أجرته نداء الوطن مع الصحفي الأستاذ جهاد المنسي حول هذا الموضوع، يرى أن الضربات الجوية الروسية في الأراضي السورية ليست تدخلاً أجنبياً، لأنها جاءت بناءً على طلب من القيادة الشرعية السورية، وهي تأتي في سياق كبح جماح المتطرفين والإرهابيين في سورية، وفي إطار معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين.
وأشار المنسي إلى أنه في نهاية المطاف، سيكون هناك حل في سورية، ونحن نريد سورية قوية وجيشها متماسك وأراضيها تحت حماية الدولة بدون استثناء، لا تقطيع ولا تجزيء فيها، لكن الغرب والمنظمات الإرهابية وبعض القوى الرجعية العربية، تريد سورية عبارة عن كانتونات صغيرة مقسمة إلى مذاهب وطوائف وملل، وذلك حتى تفسح المجال لإسرائيل لتعلن قيام دولة دينية خالصة في فلسطين المحتلة.
وأكد على أن ما يحصل في سورية له علاقة وثيقة وأكيدة ومباشرة بوجود مغتصب في فلسطين، إذا أن قوى الجهل والظلام والتطرف وقوى الرجعية العربية، تريد خلق حواضن جديدة بخلاف الحواضن العربية التي كانت موجودة وعلى رأسها سورية، وهذا يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة بداية ونهاية.
فيما يرى الرفيق عمار هلسا عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية أن الضربات الجوية الروسية على مواقع لداعش في سوريا جاءت بناءاً على طلب رسمي من الرئيس السوري بشار الأسد حسب مصادر رسمية في البلدين، وذلك استناداً لمعاهدة الدفاع المشترك بينهما مما يضفي على هذه الضربات شرعية قانونية حسب القانون الدولي ناهيك عن الشرعية السياسية الدولية المستندة على الاجماع الدولي على مجابهة الإرهاب والشرعية الأخلاقية الإنسانية أمام مشهد عشرات بل مئات آلاف الضحايا والمشردين .لذلك لامجال للتشكيك بشرعية الضربات إلا من قبيل تشوية الدور الروسي ومحاصرته وهذا ما تسعى إليه أمريكا وحلفائها والتي تعي تماماً أن التدخل العسكري الروسي سوف يعدل من موازين القوى على الأرض لصالح الجيش السوري الوطني وهذا ما لا تريده أمريكا, لكنها لم تستطيع أن تدين هذه الضربات لأنها تتوافق مع سياساتها المعلنة في مواجهة الارهاب مما دفعها إلى الادعاء أن الضربات الروسية استهدفت مواقع لا يوجد فيها داعش .
ويشير هلسا إلى أن المتابع للسياسة الامريكية بخصوص سوريا، يجد أنها هدفت لتدمير الكيان الوطني السوري بحرب تخوضها بالوكالة عنها قوى محلية وعصابات ارهابية والى الابقاء على حالة الصراع الدموي دائرة لاطول مدة ممكنة لتحقيق هدف انهاك النظام والجيش السوري ومن ثم سقوط الرئيس بشار . ومن مجمل ردود الفعل الامريكية على الضربة الروسية ما جاء على لسان وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر ” إن هذه الضربات بمثابة “صب الزيت على النار”، مؤكدا أن أي عمليات عسكرية في سوريا لا تدعمها تدابير لنقل السلطة ستكون لها نتائج عكسية تهدد بتنامي الحرب الأهلية في سوريا ” , ويعكس هذا التصريح السياسة الامريكية اتجاه سوريا التي تنحصر في تغيير النظام .
ويعتقد هلسا أن التدخل الروسي العسكري والذي يقتصر حاليا على القصف الجوي يؤسس لمرحلة جديدة سمتها تفوَق الشرعية السورية (خاصة ان القيادة الروسية لم تغلق الباب امام التدخل البري) والذي سينعكس ايجابا على موقفها في أي مفاوضات قادمة في اطار حل سياسي يغدو اكثر واقعية في ظل شرعية قوية تواجه قوى غالبيتها العظوى عصابات متطرفة ومصنفة دوليا بالارهابية مما يوفر ارضية وبيئة مناسبة لامكانية توافق دولي واقليمي علي حل سياسي بمعزل عن القوى الارهابية, ويرى الرفيق عمار هلسا، بأنه هنا تكمن جدية التدخل الروسي في مواجهة الارهاب في سوريا وإنتاجيته في الدفع باتجاه الحل السياسي الواقعي للازمة السورية وليس مزيداً من التأزيم والدماء بدعم قوى التطرف والارهاب .