فكر

نداءات المعارضة الخائبة

بما أن صياغة البرنامج السياسي كانت واحدة من الأضلاع الغائبة في موجة الربيع العربي، بالإضافة إلى الكتلة التاريخية والتنظيم الطليعي، فمن المجدي الحديث عن بنود البرنامج الغائب أو “البرنامج” القائم.شعارات من شاكلة تعديل مواد الدستور، والعلمانية، والدولة المدنية، والهوية لم تبن حزباً سياسياً منظماً، ولا أسست لتراكم كتلة تاريخية، ويعود ذلك بالأساس إلى خروج هذه الشعارات عن أي سياق يحملها.
العلمانية في أوروبا كانت نتيجة ولم تكن بنداً في برنامج، كانت النتيجة النهائية لصدام تيار علمي مع الكنيسة من جهة أولى، وتسوية اجتماعية لحقن الدماء من جهة ثانية، ونتيجة موضوعية وتلقائية لاستقرار نمط الإنتاج البرجوازي والثورة الصناعية من جهة ثالثة. لم ترفع شعارات العلمانية في الشوراع، ولم تعقد محاضرات لشرح مفهومها، وهنا اتحدث على مستوى الانتفاضات الشعبية ومكوناتها التي لم تكن مشغولة في تفكيك المفهوم، ولكن مشاركتها الفاعلة في سياق صراعاتها أسست لهذه الثقافة العلمانية، التي اشتكى ريتشارد دوكنز ضعفها بسبب وجود 40% من البريطانيين يؤمنون إيماناً كاملاً في الماورائيات.
الهوية الروسية العميقة تاريخياُ، لم تكن شعار النجاح في ثورة أكتوبر، وإنما ازدادت هذه الهوية استقراراً في كل محطة تاريخية صاخبة، فازدادت استقراراً مع شعار الانسحاب من الحرب العالمية الاولى، وازدادت استقراراً مع شعار القتال حتى النصر في الثانية. الهوية هي نتاج مشاركة الأفراد في إطار مجموعات منظمة يجمع بينها ناظم تاريخي ما، الإنتاج، الحرب، المقاومة، وحتى الاستعمار و الكوارث الإنسانية التي وحدت اليابانيين في قسم جماعي للثأر من بوابة الاقتصاد وليس السلاح . ليس هنالك من أمل للجهود الإرادوية مع شعارات الهوية والعلمانية.
لا الربيع العربي، ولا ظروف التبعية التي تعيشها المنطقة ظروف مواتية لشعارات الهوية والعلمانية، ولكنها حتماً مراحل مواتية لإنتاجها عملياً.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى