القدس على صفيح ساخن
شددت شرطة الاحتلال صباح اليوم الأحد، من إجراءاتها على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك , وخاصة بعد ليلة ساخنة من المواجهات العنيفة ضد الاحتلال الصهيوني كرد فعلٍ غاضب على استشهاد الطفل علي محمد أبو غنام من حي جبل الزيتون/ الطور المُطل على القدس القديمة فجر أمس برصاص الاحتلال على الحاجز العسكري قرب مدخل قرية الزعيّم قُبالة الطور، فيما تؤشّر الأحداث لانتفاضة جديدة ضد الاحتلال في المدينة المقدسة.
وذكرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، أن الشرطة تحتجز هويات النساء والرجال من المصلين عند بوابات المسجد، فيما منعت بعض طلبة المدرسة الشرعية في المسجد من الدخول إليه.
وكانت ليلة أمس قد شهدت عملية دهس وقعت في الطور وإصابة ثلاثة جنود من قواتها ، ونجاح منفذ العملية بالفرار وفقا للناطقة بلسان شرطة الاحتلال في القدس .
وتضاربت الأنباء حول كيفية تنفيذ العملية والمشاركين فيها، إلا أن مصادر عبرية وشهود عيان أكدوا أن شرطة الاحتلال عثرت على المركبة المستخدمة في العملية، وأن المنفذ لاذ بالفرار راجلاً، دون أن يتم العثور عليه حتى صباح اليوم الأحد.
وأكدت مصادر عبرية، أن ثلاثة جنود أصيبوا بجراح متفاوتة إثر عملية الدهس التي وقعت في الطور، فيما أُغلقت كافة الحواجز الواصلة بين القدس والضفة، في محاولة لمحاصرة الشاب داخل المدينة.
وقال شهود عيان ان قوات الاحتلال تعمدت اطلاق قنابل الغاز السام المسيل للدموع باتجاه مستشفى المقاصد القريب من موقع عملية الدهس، والتي تسببت بأذى كبير للمرضى، في ما تجددت المواجهات في الحي وزادت حدتها، واتسعت رقعتها لتصل إلى العديد من الأحياء المجاورة، وتلك الواقعة في القدس القديمة، وتحديداً في شارع الواد وحارتي السعدية وباب حطة، ومقر الجالية الافريقية قرب باب الناظر من بوابات الأقصى المبارك.
من جانبها، دفعت قوات الاحتلال بالمزيد من عناصر وحداتها الخاصة الى حي الطور وحوّلته الى ثكنة عسكرية بفعل الانتشار العسكري المكثف وتسيير الدوريات الراجلة والمحمولة والخيالة في شوارعها وطرقاتها، فضلاً عن الاشتباكات المستمرة والمتواصلة والتي تجددت صباح اليوم مع طلبة مدارس الحي وسط اصابة العشرات من الطلبة دون تبليغ عن اعتقالات.
وفي شارع الواد، استهدف الشبان بالمفرقعات النارية بؤرة استيطانية “منزل رئيس وزراء الاحتلال الأسبق شارون”، في حين تعرضت سيارة رئيس بلدية الاحتلال في القدس “نير براخات” للرشق بالحجارة في حي الطور الليلة الماضية، وما زالت الأوضاع مرشحة للتصعيد في الحي في ظل الانتشار العسكري غير المسبوق فيه.
وشهدت بلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى مواجهات موازية ضد قوات الاحتلال، تر كزت في حيي عين اللوزة وبطن الهوى “الحارة الوسطى” وسط اطلاق كثيف وعشوائي للقنابل السامة المسيلة للدموع.
وفي بلدة العيسوية وسط المدينة، امتدت المواجهات ضد قوات الاحتلال حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية، أطلقت خلاله قوات الاحتلال وابلاً من القنابل الصوتية الحارقة والغازية السامة المسيلة للدموع وحاصرت البلدة بسيارات عسكرية وشُرطية.
وكانت قوات الاحتلال أغلقت بالكامل مدخل قرية عناتا شمال شرق القدس الليلة الماضية، في الوقت الذي هاجم فيه شبان غاضبون، مساء أمس، الحاجز العسكري قرب مدخل مخيم شعفاط وسط القدس المحتلة بالحجارة والزجاجات الحارقة والفارغة، وأطلق خلالها جنود الاحتلال عشرات القنابل الصوتية الحارقة والغازية السامة المسيلة للدموع والأعيرة النارية على الشبان والفتيان دون ابلاغ عن اصابات أو اعتقالات.
في السياق، تعرضت حافلة مخصصة لنقل المستوطنين، وهي فارغة، لحجارة شبان في حي بيت حنينا شمال القدس قبل أن تصل قوة كبيرة من جنود وشرطة الاحتلال وتنتشر في المنطقة، في حين أكدت مصادر عبرية تعرُّض حافلة تابعة لشركة “كافييم” التابعة للمستوطنين، الليلة الماضية، الى الحرق في شارع 443 اثر القاء زجاجة حارقه على الحافلة.
من جانبها، رفضت مخابرات الاحتلال مساء السبت تسليم جثمان الشهيد الطفل أبو غنام، بحجة تنفيذ عملية الدهس لعدد من الجنود في الطور مسقط رأس الشهيد.
وكان محامي مؤسسة الضمير محمد محمود ومحامي وزارة الأسرى طارق برغوث تقدما في ساعات المساء بطلب لمحكمة الاحتلال “الصلح” غربي القدس طالبا فيه بتسليم جثمان الشهيد ابو غنام دون قيد أو شرط، إلا ان القاضي قرر في نهاية الجلسة أن المخابرات ستحدد موعد تسليم الجثمان عقب انتهاء التحقيق في حادثة “محاولة الطعن” التي حاول تنفيذها الطفل على حاجز زعيّم ضمن شروطها، كما قرر القاضي ان لا يتجاوز عدد المشاركين في التشييع 50 شخصا.
وأوضح المحاميان انهما تمكنا من الوصول الى اتفاق مع شرطة الاحتلال يقضي بتسليم جثمان الشهيد خلال ساعات ليلة (السبت الأحد) لدفنه في مقبرة الطور، بشرط وجود 70 شخصا فقط عند استلام الجثمان، وبالمقابل لن يتم فرض أي قيود أو تحديد أعداد المشيعين في المقبرة، كما اشترطت الشرطة استلام الجثمان ودفنه مباشرة.
وأضاف المحاميان انهما توجها الى منزل عائلة الشهيد أبو غنام وتم ابلاغهم بشروط تسليم الجثمان، وعقب ذلك توجها برفقة بعض وجهاء الطور الى مخابرات الاحتلال في (غُرف 4) في مركز “المسكوبية” غربي المدينة للاتفاق على موعد وشروط التسليم بصورة نهائية.
وأضاف المحاميان أن ضابط المخابرات أبلغهم برفض تسليم الجثمان الليلة بسبب الأوضاع الأمنية في الطور عقب عملية الدهس الجنود.
الى ذلك، طالب محاميا مؤسسة الضمير ووزارة الأسرى بتسليمها نسخة من تسجيلات كاميرات المراقبة لحاجز “الزعيّم” العسكري للكشف عن أسباب اطلاق النار على الطفل أبو غنام والتي أدت الى استشهاده.
وأكد المحاميان محمد محمود وطارق برغوث انهما سيقومان عقب تسليم الجثمان ودفنه بتقديم طلب منفصل لاستلام التسجيلات الخاصة بإطلاق النار على الطفل ابو غنام، لفتح ملف تحقيق في الحادث.
وكان الاحتلال زعم أن الطفل أبو غنام حاول طعن الجنود مستخدما “بلطة” ولذلك اطلق الجنود عليه النيران، بينما نفت العائلة رواية الاحتلال وقالت ان نجلها كان خرج من منزله متوجها الى سهرة أحد أقاربه وأن عملية القتل تمت عقب مشادة كلامية مع جنود الاحتلال.
وفي تطور لاحق، أعلنت شرطة الاحتلال، في بيان لها، قبل قليل، عن اعتقال منفذ عملية دهس جنود الاحتلال صباح اليوم الأحد، وتم إحالته للتحقيق في “المسكوبية” غربي القدس، وهو شاب في الثلاثينات من عمره ومن سكان شمال القدس المحتلة.