أخبار عربية

11/11 في مصر.. احتجاجات لن تصل حد الثورة

رغم وجود حالة من الغضب الشعبي المتصاعد، لا سيما في ظل الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، إلا أنه من المستبعد حدوث ثورة حاليًا على الرئيس عبد الفتاح السيسي، وان كان متوقعا اندلاع مظاهرات محدودة يوم الجمعة المقبل؛ على خلفية الانتشار الأمني غير المسبوق وحالة التعبئة الإعلامية المكثفة، فضلا عن تحصين السيسي لنفسه بالشرطة والجيش والقضاء..تلك الرؤية يتفق عليها تقريبا أكثر من خبير أمني وسياسي مصري..

ومنذ فترة، تنتشر دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبين قطاعات من المصريين، تطالب بالتظاهر يوم الجمعة 11 نوفمبر/تشرين ثان الجاري، تحت عنوان “ثورة الغلابة (الفقراء)” ضد الغلاء، ورغم أنه لم تتبناها جهة معارضة، لكنها لاقت صدى، خاصة بعد قرارات اقتصادية تقشفية جديدة في بلد تجاوزت فبه نسبة الفقر الـ27%، بحسب إحصاءات رسمية.

فقد قرر البنك المركزي (حكومي مسؤول عن السياسات النقدية)، الخميس الماضي، تحرير سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) أمام العملات الأجنبية؛ ما أدى إلى انخفاض قيمتها رسميا، وبعدها بساعات زادت الحكومة أسعار الوقود بنسب بين 30% و46.8 %.

الرئيس السابق لقسم التحليل والتنبؤ بجهاز أمن الدولة (الأمن الوطني حاليا)، حسين حمودة مصطفى، يتوقع أن “الجمعة المقبل، ورغم الدعاية الكبيرة حوله، سيكون ضجيجا بلا طحن”.

ويمضي الخبير الأمني متحدثا عن ذلك اليوم: “لن يخلو من مظاهرات، لكن في محافظات مثل الفيوم والجيزة والقليوبية والشرقية (مسقط رأس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا).. وهي أماكن يتظاهر فيها مؤيدون لمرسي، على مدار أكثر من ثلاثة أعوام، في مواجهة استعدادات أمنية مكثفة”.

لكن رغم تقليله من شأن الاستجابة لدعوات التظاهر، يقول مصطفى إن “قوات الجيش والشرطة على أهبة الاستعداد، ضمن بما يسمى السيناريو الأسوأ، وهو أسلوب متبع للتعامل مع أي حشود أو عمليات إرهابية”.

وفيما يبدو توقعا حكوميا باحتمال حدوث استجابة شعبية كبيرة لدعوات التظاهر، “تشهد مصر انتشارا يكاد يكون غير مسبوق الكثافة من الجيش والشرطة حول الميادين الرئيسية والسجون ومؤسسات حكومية مهمة”، بحسب مصدر أمني تحدث لوكالة الأناضول شريطة عدم نشر اسمه لكونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام.

ويرى الخبير الأمني المصري، في تصريحات صحفية، أن “استعدادات الأمن بدت جلية عبر الإعلان عن ضبط خلايا إخوانية كانت تخطط لعمليات إرهابية يوم الجمعة المقبل”.

ومنذ الإطاحة بالرئيس مرسي (ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين)، يوم 3 يوليو/ تموز 2013، تتهم السلطات قيادات جماعة الإخوان وأفرادها بـ”التحريض على العنف والإرهاب”، وأصدرت السلطات في ديسمبر/ كانون أول 2013 قرارا باعتبار الجماعة “إرهابية”.

فيما تقول جماعة الإخوان إن نهجها “سلمي” في الاحتجاج على ما تعتبره انقلابًا عسكريا على مرسي، الذي أمضى عامًا واحدًا من فترته الرئاسية.

ويعتبر مصطفى أن يوم الجمعة المقبل “رغم عدم خطورته يمثل طبقة من طبقات السخط الشعبي التراكمي، الذي يراهن عليه الإخوان عبر تحميل النظام (الحاكم) مسؤولية الأوضاع الاقتصادية المتردية”.

ويمضى قائلا: “الغضب الشعبي ربما يتسبب في انتفاضة خبز، إلا أنها ستكون عبر فصائل شعبية غير منظمة وبسبب الإجراءات الاقتصادية المؤلمة.. لكن لن تحدث ثورة في القريب المنظور؛ نظرا لوقوف الجيش والشرطة والقضاء في صف النظام، ولعدم وجود زعيم سياسي يحظى برضا الشعب.. كما أن مصر لم تعد مطمعًا لأي فصيل يحكمها نظرًا للأوضاع الاقتصادية المتردية”.

“لن تكون هناك ثورة ثالثة حاليا”.. بهذه العبارة يعلق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، سعيد صادق، على دعوات التظاهر، معتبرا أن “السيسي حصّن نفسه مما وقع فيه مرسي، حيث كسب ثقة وتأييد الشرطة والجيش والقضاء والإعلام والأقباط والمرأة”.

ويتساءل صادق، في حديث مع الأناضول: “الحكومة أصدرت في يوم واحد أصعب قرارات اقتصادية في آخر 6 سنوات، ولا يوجد رد فعل واحد.. أين النقابات العمالية والأحزاب؟!، هل الشعب يحتاج يوما محددا ليثور؟!.. لا أعتقد”.

ويعتبر أن “مصريين ثاروا عام 2011 على الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وفي 2013 على مرسي، ولم يجنوا سوى أوضاع أمنية متدهورة واقتصاد مترهل، ما خلق لديهم حالة ساعد فيها الإعلام الحالي بأن التغيير للإصلاح لن يكون بالثورات، فضلا عن الخوف من مصير دول عربية شهدت ثورات مثل ليبيا وسوريا”.

وتشهد وسائل إعلام حكومية وخاصة، منها قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية، دعوات للمصريين بالصبر على الأوضاع الحالية، على أمل تحسنها، إضافة إلى تحذير المواطنين من تداعيات أي ثورة جديدة محتملة.

ويوميا، يدعو أحمد موسى، وهو موالٍ للنظام الحاكم يقدم برنامجا في قناة تلفزيونية خاصة، المصريين إلى إبلاغ السلطات الأمنية عن أي شخص يحرض على التظاهر، فيما تحذر مقالات في صحف حكومية من سيناريو الفوضى في مصر.

وارتفع معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في مصر إلى 16.4% خلال أغسطس/ آب الماضي، وهو الأعلى خلال ثمانية أعوام.

ومنذ تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية يتزاد القلق على محدودي الدخل من المصريين، وسط توقعات بارتفاع أسعار السلع المستوردة والمحلية في بلد يستورد أكثر من 70 % من احتياجاته.

ويرى الخبير الاقتصادي، عمرو موسى، أن “مصر تعيش أوضاعا اقتصادية سيئة منذ ثورة 2011، وأصبح هم المواطن هو تدبير ميزانية أسرته”.

ويوضح المدير السابق في البنك المركزي، في حديث مع الأناضول، أن “القرارات الاقتصادية الأخيرة تضرر منها قطاع كبير من المصريين، فأكثر من 10 ملايين شخص يمثلون الطبقة الوسطى أصبحوا تحت خط الفقر، بخلاف نسبة بطالة تجاوزت الـ12%”، بحسب إحصاءات رسمية.

ويقر بوجود “حالة احتقان اجتماعي اقتصادي زادتها القرارات الاقتصادية الأخيرة، فبعد الخفض الكبير لقيمة الجنيه أمام الدولار فقد العامل المصري القيمة الشرائية لنصف راتبه أو أكثر، في ظل تخطي سعر صرف الدولار الـ16 جنيها”.

ويختم الخبير الأمني المصري حديثه بأن هذا الوضع “يعزز احتمال الانفجار (الشعبي) في أي وقت، لا سيما مع وجود إجراءات تقشفية مستقبلية، منها خفض النفقات الحكومية وأجور موظفي الدولة، في سبيل حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار على ثلاث سنوات”.

وفي ظل ارتفاع أسعار السلع وتراجع قيمة العملة المصرية، أظهر استطلاع للرأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة- غير حكومي)، تراجع شعبية الرئيس السيسي بنسبة 14%، أي من 82% قبل إلى 68% الآن، وذلك بحسب نتائج نشرها المركز، في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بمناسبة مرور 28 شهرا على انتخاب السيسي.

نقلاً عن: الرأي اليوم المصرية /محمد الريس

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى