كلمة الدكتور سعيد ذياب في حفل تأبين الدكتور المناضل يعقوب زيادين
آل زيادين الكرام
الرفاق والرفيقات قيادة الحزب الشيوعي المحترمين
الأخوة والأخوات الحضور
نلتقي وإياكم اليوم لنؤبن القائد الوطني والعربي والأممي الدكتور يعقوب زيادين، نؤبن المناضل من أجل حقوق شعبه وكادحيه بالحرية والكرامة.
لا يستقيم الحديث عن تاريخ الحركة الشيوعية ولا الحركة الوطنية الأردنية، بل وحتى التاريخ الأردني المعاصر، بدون أن يكون الدكتور يعقوب زيادين حاضراً، لأن الحديث عن الدكتور يعقوب هو حديث عن النضال من أجل الاستقلال، وحديث عن النضال من أجل العدالة الاجتماعية، وهو حديث من أجل تكريس القيم التي كرّسها يعقوب زيادين. فالأجيال القادمة لا يمكن أن تتحدث عن الاعتقال والصمود وسجن الجفر ومواجهة المحقق دون أن تتذكر صمود وصلابة المناضل يعقوب زيادين.
كان دوره بارزاً في صفوف الحزب الشيوعي ونضاله ضد الأحلاف وبشكل خاص حلف بغداد ومن أجل تعريب الجيش، وإلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية. لقد أثبت براعة كبيرة في الربط بين النضال من أجل الديمقراطية والنضال من أجل حق الأردنيين في العمل والتعليم والرعاية الصحية.
إن أكثر ما امتاز به الدكتور يعقوب هو امتلاكه لتلك الروح الوثابة والمبدعة للتحرك في كل المحطات السياسية الهامة، الأمر الذي أدى وعبر مسيرته النضالية التنظيمية الطويلة، وفي المحطات الكبرى، أدى إلى بروز التباينات السياسية بينه وبين رفاقه، وهي على كل حال تباينات مفهومة بل وطبيعية في سياق جدلية التطور.
كان لذاته القلقة منذ الصغر، المليئة بالأسئلة والباحثة عن الأجوبة، سبباً رئيساً في انجذابه للشيوعية، التي قدمت له الإجابة عن أسباب البؤس والفقر وغياب العدالة الاجتماعية.
هذه الانجذابة هي التي جعلت منه مناضلاً في سبيل تغيير ذلك الواقع وبناء واقع جديد خالٍ من الاستغلال.
لقد أمضى الرفيق حياةً زاخرة بالنشاط السياسي والكفاح دفاعاً عن حقوق الكادحين، لهذا السبب في تلك الفترة التي شهدت مدّاً ثورياً وقومياً خاض الانتخابات النيابية عام 1956، انتخبته الجماهير المقدسية، حينما انتخبت كان خيارها للمناضل وخيارها للبرنامج الذي عبر عن مصالحها وآمالها. هذا الخيار الذي عكس في ذلك الوقت عمق الانتماء الوطني على حساب الانتماء المناطقي والطائفي.
وفي هذا المجال يقول (لم أعرف الحقد أو الطائفية يوماً فحياتنا مع الجوار المسلم لم تختلف عنها مع المسيحيين، وعند ذهابي لدمشق، شاهدت الفقر يجلد آخرين غير أهالي قريتي، كان غياب العدالة هاجسي الدائم).
في هذه المرحلة نستذكرك يا أبا خليل، حيث يشهد فيها الوطن العربي الاحتراب الداخلي والاقتتال وإلغاء الهوية الوطنية والقومية، سعياً نحو تفتيت أوطاننا وتقسيمها وفقاً لمشيئة القوى الإمبريالية وعملائهم في المنطقة. إنها مرحلة نفتقد فيها إصرارك على اعتبار أن التحرر من التبعية والارتهان للأجنبي هو الحلقة المركزية في مواجهة الواقع.
لا أعتقد أن يعقوب زيادين من ذلك النوع من الرجال الذين يمكن أن تطويهم ويلفهم النسيان، لأن الشعب الأردني شعب حي، والشعوب الحية لا يمكن أن تحرق رموزها بالنسيان.
يعقوب زيادين كان مقتنعاً أن القضية الفلسطينية والتصدي للمشروع الصهيوني هو أساس وجوهر الصراع، لذلك أفنى عمره من أجل بناء الأردن الوطني الديمقراطي ودعم النضال الوطني الفلسطيني.
لم يتبدل ولم يتراجع، لم تغيره السجون والمحن، عاش ومات منسجماً مع ذاته ومبادئه.
نم قرير العين، شعبك لن يخذلك بداء النسيان فأنت باقٍ في وجدانه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته