أحزاب قومية ويسارية عربية تطلق الجبهة العربية التقدمية بمشاركة “الوحدة الشعبية”
أعلنت أحزاب قومية ويسارية عربية عن تأسيس “الجبهة العربية التقدمية”، بمؤتمر صحفي، عقدته تلك الأحزاب بالعاصمة اللبنانية بيروت.
وجاء إعلان الأحزاب عن تأسيسها الجبهة العربية التقدمية بالتزامن مع ذكرى النكبة الفلسطينية، وتهجير الشعب الفلسطيني بالعام 1948، في إشارة إلى أن “القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وإسرائيل تهديدٌ للأمن العربي بأسره”، وفق بيان أصدرته بهذه المناسبة.
وسبق إعلان تأسيس الجبهة سلسلة من اللقاءات والمؤتمرات استمرت لما يقارب الثلاثة أعوام، كان آخرها لقاءٌ عُقد في تونس.
تجربة الجبهة العربية التقدمية ليست الأولى التي تحاول فيها قوى عربية تحشيد طاقاتها في إطار جامع، فقد سبقها المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العربي الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية. إلا أن هذه التجارب ظلت حبيسة القاعات المغلقة مكتفية بمؤتمر هنا وبيان هناك دون فعل حقيقي مشترك على الأرض.
واكيم: قراءة علمية للعالم اليوم وصراعاته، والتكتلات الدولية المنخرطة في هذا الصراع
ويرى الأستاذ نجاح واكيم الذي تم انتخابه ناطقاً رسمياً باسم الجبهة أن هناك العديد من التجمعات لقوى وشخصيات وطنية وقومية ويسارية، وبعض هذه التجمعات انتهى ولم نعد نسمع عنه شيئاً، وبعضها الآخر لا يزال قائماً بشكل أو بآخر يعقد مؤتمرات أو لقاءات في المناسبات ويكتفي، بعد طول جدال ومعاناة، إلى إصدار بيانات إنشائية. لا بل إن هؤلاء الذين يحملون شعارات ومسميات متماثلة، قومية أو ناصرية أو يسارية أو ماركسية، باتوا مختلفين جداً، وإلى حد التناقض في المواقف إزاء قضايا وتحديات مطروحة اليوم وبقوة على الساحة العربية، كالموقف من قضية فلسطين وما يتصل بها من مواضيع المفاوضات والتسويات وغيرها، كذلك الموقف من الأزمة السورية، ثم اليمن والعراق ومصر.. الخ.
ويعتبر واكيم وهو رئيس حركة الشعب اللبنانية الناصرية أن جزءً كبيراً من هذه القوى افتقدت المشروع العلمي لتحقيق أهداف الأمة في التحرر والتقدم والوحدة. ذلك بالضبط بعد غياب ذلك القائد الكبير جمال عبد الناصر.
وأكد واكيم في حديثه لـ نداء الوطن أن هذه القوى، وبعد غياب جمال عبد الناصر، لم تستطع رؤية عالمها إلا بوعي سلفي متخلف. ولم تقرأ متغيراته وصراعاته والقوانين التي تحكم هذه الصراعات، وبذلك افتقدت القدرة على تحديد خياراتها الاستراتيجية. وبذلك افتقدت الأساس الذي يمكن أن يقوم عليه المشروع العربي للتحرر.
ويلفت واكيم إلى أن مشروع الجبهة العربية التقدمية امتاز عن غيره بالقراءة العلمية للعالم اليوم وصراعاته، والتكتلات الدولية المنخرطة في هذا الصراع، في هذه المرحلة الانتقالية ما بين نظام دولي انتهى بانهيار الاتحاد السوفياتي ومعسكره الاشتراكي ونظام دولي لم يتشكل بعد. ثم انعكاسات هذا الصراع على الأمة العربية.
إدريس: على كل فصيل من هذه الجبهة، أن يعتمد على قواه الذاتية من أجل تطويرها
سماح إدريس رئيس لجنة مقاطعة الكيان الصهيوني في لبنان وأحد أعضاء الجبهة العربية التقدمية أشار إلى أن دور المثقف ودور المناضل هو أن يكرر المطلوب. ولذلك ما نطرحه وما طرحناه منذ عشرات السنين ما زال وارداً، المهم هو أن نجدد في آليات تطبيق الأفكار النبيلة.
وأكد إدريس في رده على استفساراتنا أن الأساليب هي الوسيلة الوحيدة لكي نميز هذه الجبهة عن جبهات أخرى، وهذا تحد حقيقي ولا أستطيع أن أزعم أن لي إجابة فورية عنه. كل ما أعلمه أننا قد قررنا في انطلاقتنا هذا العام أن نعمل على مؤتمرين أو حدثين نعتبر أنهما الأبرز في أمتنا.
الأول هو مؤتمر المقاطعة العربية، نريد أن نحشد كل الناشطين والعاملين في مجال مقاطعة العدو الصهيوني على كافة الصعد الاقتصادية والثقافية والفنية والأكاديمية، فنحن في حاجة إلى فعل ميداني شعبي ثقافي في مواجهة إسرائيل، وخصوصاً في الأماكن التي لا توجد فيها مقاومة مسلحة.
وأشار إدريس إلى أن المؤتمر الثاني الذي سنحاول أن نقيمه وأن نعمل عليه هذا العام، هو مؤتمر عن التكفيرية العربية، لأننا نعتقد أن التكفيرية تشتت النظر عن العدو الأساسي الذي هو إسرائيل وأنا اعتبر أنها مصيبة أخرى من المصائب التي ابتلينا بها في الوطن الوطن.
ولفت الأستاذ سماح إدريس إلى أنه في حال نجحت الجبهة في إقامة هذين النشاطين، تكون قد وضعت الحركة العربية التقدمية على السكة الصحيحة.
ورأى إدريس أنه كي لا تكون هذه الجبهة تكراراً لجبهات سابقة، فعلى كل فصيل من هذه الجبهة، أن يعتمد على قواه الذاتية من أجل تطوير هذه الجبهة. واستطرد “إن لم يعتمد كل فصيل على جهده الذاتي، بل اعتمد على الفصائل الأخرى داخل هذه الجبهة، فلن نفعل شيئاً، ونكون أشبه بما يسمى بــ “تساند الأنقاض”.
ويراهن الناشط اللبناني إدريس كثيراً على النشاطين المزمع تنفيذهما، ويعتقد بأنها سينقلان الجبهة من الخطاب إلى سكة التنفيذ.
ذياب: الأيام القادمة ستكشف مدى اتفاق هذه الجبهة مع الضرورة القومية التي أفرزتها
الدكتور سعيد ذياب الذي شارك في أعمال المؤتمر التأسيسي للجبهة التقدمية العربية عن حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني رأى أنه على مدار أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، تشكل العديد من الأطر القومية لتطوير العمل العربي المشترك، ولكن هذا التعدد لم يكن يعبر عن حالة صحية بقدر ما كان تعبيراً عن أزمة تجلّت بعجز هذه الأطر عن توحيد الجهود العربية في مواجهة التحديات الخطيرة التي تعرضت لها ولا تزال تتعرض لها أمتنا العربية.
ويلفت ذياب في حديثه لـ نداء الوطن أن هذه الجبهة تميزت عن سابقاتها من خلال تقديم مشروع سياسي لها حددت مرتكزاته وآلياته وتمثلت بدعم مشروع المقاومة على المستوى الوطني والقومي كخيار استراتيجي في مواجهة العدو الصهيوني، انطلاقاً من مركزية القضية الفلسطينية، وانطلاقاً من وظيفة الكيان الصهيوني التي كانت ولا تزال تستهدف تفتيت الأمة العربية وإضعافها وفرض الهيمنة والخضوع عليها للاستعمار.
ويردف الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الأردني أن الجبهة أعطت أولوية أيضاً للتعامل مع المشاريع التكفيرية والطائفية بمختلف أشكالها وعناوينها باعتبارها الوجه الآخر للاستعمار والصهيونية، لما تمثله هذه المشاريع من أخطار جدية في إذكاء الاحتراب والاقتتال الداخلي.
ونوه ذياب إلى أن تحويل تلك الأهداف إلى برامج نضالية ملموسة، يضع على عاتق الأحزاب والقوى والفعاليات المشاركة في تلك الجبهة، مسؤولية حقيقية وجدية لتحقيق ذلك، ويجعلها أمام امتحان جدي حول مدى جدارتها في تقديم الصورة المختلفة عن الأطر القائمة والنجاح في تحقيق أهدافها، الأمر الذي يفرض عليها السعي لتوسيع هذا الإطار ليشمل العديد من القوى والأحزاب العربية.
ويبدي ذياب نوعاًمن التفاؤل الحذر معتبراً أن قادم الأيام هو الذي سيكشف مدى اتفاق هذه الجبهة مع الضرورة القومية التي أفرزتها وهذا من خلال نجاحها في القيام بالمهمات الموكلة لها.