الفصائل الفلسطينية تدعو “لانتخابات عامة” لإنهاء الانقسام
تمضي السلطة الفلسطينية قدماً في ترتيبات إجراء الانتخابات التشريعية، عبر تحضير توجه وفدها إلى قطاع غزة لبحث سبل إتمامها وتقديم التسهيلات اللازمة لها، وسط الفرص الضئيلة لنجاح مهمته، إزاء تأكيد غالبية الفصائل الوطنية استعدادها لانتخابات “عامة” وليست “جزئية”.
وقد أوجدت إشكالية “التوقيت” بين “التتابع” و”التزامن” في مسألة إجراء الانتخابات “التشريعية” و”الرئاسية”، جدالاً “فصائلياً” شائكاً للخروج بتوافق حوله، وذلك على وقع اندلاع مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، في أنحاء مختلفة من الأراضي المحتلة، أسفرت عن وقوع الإصابات والاعتقالات بين صفوف المواطنين.
من جانبها، تتخذ السلطة الإجراءات اللازمة لتوجه وفد من لجنة الانتخابات المركزية، برئاسة الدكتور حنا ناصر، إلى قطاع غزة، والالتقاء مع الفصائل الوطنية، لاسيما حركة “حماس”، ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة، لبحث إجراء الانتخابات التشريعية أولاً، التي لم يحدد موعد لها.
ويأتي ذلك في سياق تكليف الرئيس محمود عباس لرئيس لجنة الانتخابات بالتواصل مع القوى والفصائل والفعاليات والجهات المعنية من أجل التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية، على أن يتبعها بعد بضعة أشهر الانتخابات الرئاسية، وفق القوانين والأنظمة المعمول بها، تزامناً مع تشكيل لجنة من “تنفيذية” منظمة التحرير و”مركزية” فتح لمتابعة ملف الانتخابات مع الجهات المعنية.
إلا أن فرص نجاح مهمة تلك اللجنة في غزة ضئيلة، إن لم تكن معدومة، في ظل ترحيب غالبية الفصائل الفلسطينية بإجراء الانتخابات، شريطة عدم اقتصارها على “التشريعية” فقط، بل شمولها “للرئاسية” و”للمجلس الوطني”، بوصفه سبيلاً معتبراً لإنهاء الانقسام، الممتد منذ العام 2007، وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية في مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي.
بينما يسود خلاف حاد بين حركتي “فتح” و”حماس” حول طريقة إتمام الانتخابات، حيث ترى “فتح” أهمية إجرائها تباعاً، لتجنب إحداث “فراغ دستوري”، على أن تلحقها الانتخابات الرئاسية، بينما تطلب “حماس” بإجراء انتخابات عامة ومتزامنة، لتشمل الرئاسية والتشريعية في آن واحد.
ودعت “حماس” الرئيس عباس إلى إعلان موافقته على مبادرة الفصائل الثمانية لإنهاء الإنقسام وإنجاز المصالحة، التي تم إطلاقها حديثاً، عقب موافقة الحركة عليها، بوصفها “مدخلاً مناسباً لتوفير الأجواء لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، والاتفاق على موعد لانتخابات المجلس الوطني”، وذلك وفقما تم الاتفاق عليه في تفاهمات المصالحة.
وأكدت “حماس” أنها أبدت استعدادها للدخول في العملية الانتخابية منذ اللحظة الأولى لإعلان الرئيس عباس نيته الإعلان عن انتخابات عامة، وهي “جاهزة للقيام بما هو مطلوب لإنجاح العملية الانتخابية، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، وحرصاً على مصلحة الشعب الفلسطيني العليا”، وفق قولها.
وفي هذا السياق؛ أصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، أمس، بياناً قالت فيه، على لسان المتحدث باسمها اياد البزم، إن “اللجنة المكلفة بتحديث بيانات موظفي السلطة في قطاع غزة، قامت بجمع معلومات وبيانات تتجاوز ما يتعلق بالموظفين”.
وأضافت الوزارة أنه “لا يوجد لدينا أي موقوفين من أعضاء اللجنة، حيث تم أخذ إفاداتهم وإخلاء سبيلهم”، وذلك في معرض تعقيبها على اتهام الحكومة، في رام الله، لـ”حماس” باعتقال أعضاء اللجنة.
بدورها؛ أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أهمية “إجراء انتخابات عامة لمعالجة انقسام النظام السياسي الفلسطيني وتجديد بنى مؤسساته”.
ورأت في دعوة الرئيس عباس لإجراء الانتخابات “فرصة للوصول إلى هذا الغرض، ومدخلاً لإنهاء الانقسام إذا ما اقترنت هذه الدعوة بتوافقات وطنية تُعزز من دور لجنة الانتخابات المركزية وتوفر البيئة الصحية لإجرائها، وتحول دون الفشل الذي يُمكن أن يتولد عنه مزيدًا من تعميق الانقسام”.
وشددت الجبهة على أن “مواجهة الكيان الصهيوني وداعميه، لاسيما الإدارة الأميركية، يتطلب تحقيق وحدة وطنية لتعزيز الصمود والحفاظ على كامل الحقوق الفلسطينية المشروعة، وإدارة الصراع مع العدو بمختلف الأشكال لتحقيقها، ووقف الرهان على المفاوضات الفاشلة”.
وبالمثل؛ أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ضرورة أن “تكون الانتخابات شاملة الرئاسة، والمجلسين التشريعي في السلطة الفلسطينية، والمجلس الوطني في منظمة التحرير، بموجب نظام التمثيل النسبي، وبما يضمن مشاركة جميع أبناء الشعب الفلسطيني في انتخاب المجلس الوطني، في الداخل والخارج معاً، باعتباره السلطة التشريعية العليا والممثلة لهم جميعاً”.
ودعت إلى “إطلاق حوار وطني فلسطيني شامل، يسبق إجراء الانتخابات الفلسطينية المعلن عنها، يبدأ بين فصائل المنظمة، ثم الانتقال بعدها إلى حوار يشمل جميع القوى الفلسطينية، بمشاركة أعلى المستويات القيادية، بما يشمل اللجنة التنفيذية، والأمناء العامين، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وشخصيات وطنية مستقلة، على أن تحال النتائج المتوافق عليها إلى جهات الاختصاص.” وقالت “الديمقراطية” إن “الانتخابات ليست مجرد عملية يلقي فيها الناخبون أوراقهم في صناديق الإقتراع، بل هي عملية سياسية متكاملة، بما يتطلب إقامة حوار وطني للتوافق على مبدأ الانتخابات، وشروطها وآلياتها وقوانينها”. ونوها إلى ضرورة “إجرائها في أجواء من الحرية والشفافية والديمقراطية، وبما يوفر للمرشحين حرية التحرك في أنحاء الضفة الفلسطينية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، دون مضايقات أو عراقيل”.
وشددت على ضرورة “توفير شروط نجاح العملية الانتخابية، ما يتطلب إفساح مجال لإعلان الرأي، بالتساوي المطلوب بين المرشحين، بغض النظر عن توجهاتهم وبرامجهم، في وسائل إعلام السلطة كافة، باعتبارها وسائل محايدة ولا تنحاز لطرف دون آخر”. في المقابل، أكد الأمين العام “لجبهة التحرير العربية”، ركاد سالم، أنه “تم الاتفاق خلال اجتماع الفصائل، أمس، على ضرورة إجراء الانتخابات العامة، وأن يكون هناك فاصل زمني بين الانتخابات التشريعية والرئاسية، على أن يتم بحث إجراء انتخابات المجلس الوطني، بمزيد من الإعداد والدراسة”.
وقال، في تصريح لإذاعة “صوت فلسطين” الرسمية، إنه “جرى التأكيد على أن الانتخابات العامة تعد الحل للخروج من حالة الانقسام الحالية”، مشيراً إلى أن الحل هو الاحتكام إلى الشعب الفلسطيني عبر صندوق الاقتراع.”
وأضاف أنه “لم يعد هناك ما نختلف عليه سياسياً، لاسيما وأن الجميع يرفض “صفقة القرن” والمخططات الأميركية ضد القضية الفلسطينية، ولهذا لا بد من الخروج بموقف موحد أمام العالم”.