أخبار فلسطين

أكاديميون أميركيون: “صفقة القرن” كارثية للأردن وللفلسطينيين

مع بداية الشهر الحالي؛ وتحضيرا لما بعد الانتخابات “الإسرائيلية” التي ستجري الثلاثاء المقبل، بدأت الإدارة الأميركية بالاستعداد للإعلان عن الجانب السياسي مما تسميه “خطة سلام الشرق الأوسط”، والمتعارف عليها بـ”صفقة القرن”، وفقا لوزير خارجيتها مايك بومبيو، الذي أكد الأسبوع الفائت، ان رئيسه دونالد ترامب، سيكشف عن الخطة، بعيد الانتخابات في “إسرائيل”.

وفيما يترقب العالم بأسره؛ معرفة الصفقة التي طال انتظار تفاصيلها، عبر أكاديميون أميركيون عن تخوفهم من صفقة، تضر بالأردن والفلسطينيين بشكل خاص، وفقا لما تم تسريبه لغاية الآن، معتبرين بأن أي حل من دون اقامة دولة فلسطينية لن ينجح.

وبينما أجمع أكاديميون في حديثهم لـ”الغد” من واشنطن، على عدم تفاؤلهم بالمخرجات المتوقعة للخطة، اعتبروا بان سبب تأجيل الإعلان عن الصفقة، هو عدم الرغبة بالتأثير على نتائج الانتخابات بأي شكل من الاشكال، وعدم التقليل من فرص نتنياهو بالفوز، كون الخطة ستلقى معارضة من “إسرائيليين” ايضا، وليس فقط من الجانب العربي.

وفي سياق الصفقة، يرى محللون أميركيون ان استقالة مبعوث ترامب للمنطقة جيسون غرينبلات المفاجئة، ما هي إلا دليل على فشل الصفقة مبكرا، فيما اعتبر آخرون ان غرينبلات لا يريد بان يذكر التاريخ اسمه مرتبطا بهذه الصفقة، نظرا لسلبيتها.

ولا يتوانى بروفيسور السياسة الخارجية الأميركية بجامعة جونز هوبكينز، تشارلز ستيفنسن، عن وصف الصفقة بأنها ستكون “ميتة فور الإعلان عنها”، أو بانها في أحسن الأحوال “ستكون كالمريض المقيد بسرير، والذي يعيش على أجهزة دعم الحياة”.

ويرى الأستاذ الجامعي بان التأخير المعلن في إطلاق خطة الإدارة، يشير إلى أن تفاصيلها لن تساعد الحملة الانتخابية لنتنياهو، كما يعتقد بان الأهم من ذلك، هو أن رحيل غرينبلات مبكرا، يوحي بأن ترامب لن يكون لديه فريق جاهز للترويج للصفقة بمجرد إصدارها.

وعن تأخير الإعلان لما بعد الانتخابات “الإسرائيلية”، يفترض ستيفنسن أن أي اتفاق، حتى لو كان مواتياً بشكل أساسي “لإسرائيل”، سيظل يحتوي على أمور ستنتقد في “إسرائيل”، ما يلقي بالضغط على نتنياهو، وقد يطرح عليه اسئلة من شعبه مثل “لماذا قبلت بهذا فقط؟” او “كيف تجرأت على الموافقة على اتفاقية، تحد من أي طموحات لدى فئات من الشعب”.

استاذ العلوم السياسية بجامعة ابلاشيان، كيرتس ريان، يعتبر انه من الصعب الحكم في هذه المرحلة بشأن صفقة القرن، لأننا لا نعرف بشكل مؤكد تفاصيلها، “لكن من المؤكد أن كل ما سرب للآن، يبدو كارثيا على الأردن والشعب الفلسطيني”.

وفيما اعرب ريان الذي ألف كتبا عن الأردن، آخرها حمل عنوان (الأردن والثورات العربية)، عن امنياته بألا تكون الصفقة احادية الجانب، وبلا جدوى، كما بدت لنا للآن، قال إنه ليس متفائلا بهذا الصدد، فـ”السلام الحقيقي يتطلب قيام دولة فلسطينية، برأيي، ولا أعتقد بأن هذا ما يدور في خلد ترامب وكوشنر، أخشى بأن يحاولوا الدفع نحو صفقة تضر بالفلسطينيين والأردن على حد سواء، وآمل أن أكون مخطئا بذلك”.

وبالنسبة لريان؛ فان غرينبلات، مثل نموذجا لمسؤولين وموظفين معينيين من ترامب، فهو “شخص ما عين بناء على تحيز أيديولوجي عميق، وليس بناء على المعرفة أو الخبرة، لذلك لا أعتقد بأن أحداً يمكن ان يحزن لرحيله، ولكنني لست متفائلا بمن سيجري تعيينه في المستقبل”.

ويتفق استاذ العلوم السياسية بجامعة تمبل، شون يوم مع ستيفنسن، حول ان خطة سلام ترامب للمنطقة، ستكون ميتة لحظة إعلانها، باعتبار انها لا تلقى قبولا لدى أي أحد باستثناء المحور “الإسرائيلي” الأميركي، وربما القليل من الدول العربية. وبينما يبدو واضحا أن الصفقة مرفوضة بشكل واسع، بخاصة في الأردن وفلسطين، لكن المتغير الحرج، هو حقيقة أنه لم يصدر أي تأييد لها في أي دولة عربية، سواء أكان ذلك على المستوى الحكومي أو مستوى الرأي العام.

ويعتقد الاستاذ يوم؛ بأن هناك سببين لرفضها: “أولاً من المحتم أن تفشل خطة السلام هذه (مثلها مثل أي خطة اخرى بعد أوسلو)، لأنها تطلب من الفلسطينيين التنازل عن الكثير من الأرض والكثير من الحقوق، مقابل دولة ضعيفة ومكسورة وميتة قبل ولادتها، إذ انها تهدف لتقليص وضعهم بشكل دائم، وصولا لأن يشكلوا فقط كيانا يشبه الملحق “لإسرائيل””.

كما يرى بان “القضية الفلسطينية، فقدت جاذبيتها بين جماهير عربية في ضوء النزاعات الإقليمية الأخرى، كسورية واليمن، وكذلك الحالة المتدهورة للعدالة الاقتصادية والحقوق السياسية داخليا لدى دول عربية التي دعمت تقليديا الحقوق الفلسطينية. للأسف، هذه القضية لم يعد لها جاذبية عاطفية وشد سياسي كما كان الحال سابقا”.

ويعتقد بأن هذا يكمن وراء استقالة غرينبلات، وهي الاستقالة التي يفسرها بطريقتين، أولاً، إنها تدل على أن عددا متزايدا من الناس يدركون بأن اتفاق السلام لن ينجح، “بل إنه يشكل حرجا لصهر الرئيس كوشنر ولآخرين، لذا فهم يريدون مغادرة السفينة الغارقة”.

وثانيا، يظهر بأن هذه الإدارة تنفد ببساطة من المسؤولين والمفكرين القادرين على البقاء، ويضرب مثلا لذلك، بالشخص الذي يقال بأنه عين كبديل عن غرينبلات، وهو مساعد كوشنر ويبلغ من العمر 30 عاما، ويصفه يوم بأنه “يفتقر للخبرة في المنطقة”.

وفي هذا السياق؛ يشير الأكاديمي الخبير بالمنطقة العربية، إلى أن الإدارات الأميركية دأبت سابقا على ايكال مهمة المبعوث الخاص الأميركي للسفراء أو الدبلوماسيين أو رجال الأعمال المخضرمين، الذين يتمتعون بخبرة طويلة في مجال التعامل مع المنطقة، لكن “مثل هؤلاء اختفوا ببساطة، تاركين نظام ترامب بلا خيارات، سوى من بقي يعمل لديهم ليختاروا منهم وليروجوا لمثل هذه التعيينات”.

المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى