أخبار فلسطين

محللون: فوز اليمين ونتنياهو يهيئ لمزيد من التأزيم مع الأردن

أكد محللون سیاسیون، على أن نتائج الانتخابات “الإسرائیلیة”، والتي أفضت إلى فوزالیمین المتطرف بقیادة رئیس الوزراء “الإسرائیلي” بنیامین نتنیاھو، لن تغیر من موقف الأردن تجاه صفقة القرن المفترضة.

وشددوا، في أحادیث منفصلة مع ”الغد“، على أن جلالة الملك أكد لأكثر من مرة أمام الأردنیین والعالم، أن فلسطین ستبقى فلسطین، وأنھ لا تنازل عن القدس والأرض الفلسطینیة “لإسرائیل”.

وتوقعوا أن تحمل المرحلة المقبلة ”توترا وفتورا كبیرا وعمیقا“، بین الأردن وبین “إسرائیل”، حیث أشاروا إلى أن القیادة الفلسطینیة، ھي التي علیھا أن تبقى صامدة في وجه الضغوط، الأمر الذي یشكل دعما قویا للموقف الأردني الرافض لصفقة القرن.

یشار إلى نتائج الانتخابات “الإسرائیلیة” التي جرت اول من امس، أظھرت تساوي حزبي”اللیكود“ الیمیني بزعامة نتنیاھو، و“أزرق أبیض“ الوسطي بزعامة بیني غانتس حیث حصل كل منھما على 35 مقعدا. لكن النتائج بینت تفوق كتلة الیمین بزعامة اللیكود على كتلة الوسط –الیسار بزعامة ”أزرق أبیض“ بواقع 65-55 مقعدا حیث یظھر للآن أن نتنیاھو ھو الأقدر على تشكیل حكومة جدیدة بالتحالف مع كتلة الیمین.

وفي ھذا الصدد، اعتبر وزیر الخارجیة الأسبق، د. كامل أبو جابر، أن السنوات العشر الأخیرة، أثبتت وجود أطراف إقلیمیة تتآمر على فلسطین وقضیتھا، فیما ظھرت أطراف أخرى تقف على الحیاد.

وبین أبو جابر، أن الأردن، حالیا، ھو الدولة العربیة الوحیدة، التي تمارس دفاعا مستمیتا على أرض فلسطین والقدس والمقدسات المسیحیة والإسلامیة فیھا.

ولفت إلى أن ھناك أملا، لأن الأمة العربیة تعثرت في وقت سابق أكثر من مرة، إلا أنھا كانت تعود مجددا وتقف على أرجلھا، مشیرا إلى أن الأمة تمر بأسوأ فترة في تاریخ العرب منذ ظھور الإسلام قبل نحو 1500 عام.

وشدد على أن على الأردن ”أن یحافظ على صمود الفلسطینیین في أرضھم، لأنھ لم یبق لدى العرب أي شيء للدفاع عن القدس إلا في تثبیت الفلسطینیین داخل فلسطین“.

وتساءل أبو جابر: ”ھل یمكن للأردن أن یقف وحیدا في وجه العنترة الأمیركیة – الإسرائیلیة، والدول العربیة والإقلیمیة الأخرى تقف متفرجة؟“، مؤكدا أن الأردن ”سیبقى على مواقفه التي شدد علیھا جلالة الملك، بأنه لا للتوطین ولا للوطن البدیل ولا للقدس عاصمة “لإسرائیل”“.

بدوره، قال رئیس جمعیة العلوم السیاسیة، الدكتور محمد مصالحة، إن العوامل المؤثرة في إدارة الصراع العربي – “الإسرائیلي” ومساره، عدیدة، أولھا الانتخابات “الإسرائیلیة”، وذلك بعد أن وصل إلى سدة رئاسة الوزراء، كل من حزب اللیكود ممثلا برئیسھ بنیامین نتنیاھو، والأحزاب الیمینیة المتطرفة مدعومة بأحزاب صغیرة یقودھا جنرالات عسكریون.

وأضاف مصالحة، أن المجتمع الإسرائیلي، یعد عاملاً مھماً آخر، حیث برزت میوله القویة نحو الیمین المتطرف، وأن الطبقة الحاكمة في إسرائیل على مدى السنوات الماضیة، تخیفھ عملیة السلام بوجود حماس وحزب الله وغیرھا.

وبین أن الموقف العربي، أصبح یدفع تجاه مغالاة النخبة الحاكمة “الإسرائیلیة” في مواقفھا المتصلبة، والأردن یواجه القضیة الفلسطینیة وتأثرھا بصفقة القرن، بموقف قوي.

وأكد مصالحة أن الصفقة المزعومة، وعملیة تنفیذھا، تم طرحھا منذ عام ونصف، وھي بحاجة إلى شركاء في المنطقة لتنفیذھا، وأن استمرار الیمین في حكم اسرائیل، لا یعني سھولة تنفیذھا، لأن “إسرائیل” طرف واحد، والطرف العربي الفلسطیني لا یبدي رغبة في تنفیذ الصفقة.

ونوه إلى أن الیمین الإسرائیلي، ھو صاحب الفرصة بتشكیل الحكومة، ولذلك، فإن الجانب العربي غیر مھیأ لا شعبیا ولا رسمیا، لتنفیذ ھذه الصفقة بالصیغة الأمیركیة.

وبالنسبة للأردن، شدد مصالحة على أنه یقف في وجھ ھذه الصفقة، كما عبر عن ذلك جلالة الملك لأكثر من مرة، إذا ما احتوت على مشاریع التوطین أو عدم حل قضیة اللاجئین أو تغییروضع المدینة المقدسة والوصایة الھاشمیة علیھا.

وأضاف أن ھناك ”تباطؤا وتعتیما في الكشف عن تفاصیل الصفقة، وأن ما یتم نشره ھي مجرد تسریبات لجس النبض حول الصفقة وما یمكن التعدیل على بنودھا، بدلیل أن ترامب في آخر ما تم تسریبه، أشار لسعیه لإقامة دولة فلسطینیة في سیناء المصریة، ومنح مساحات شاسعة تضاف لقطاع غزة ونقل سكانھا إلیھا“.

واعتبر مصالحة، أن الأردن ینتظر لیرى كیف ستكون تشكیلة الحكومة “الإسرائیلیة” المقبلة،بقیادة نتنیاھو، وھو ”یملك أوراقا عدة یمكن أن یلعبھا في وجھ ھذه الصفقة وتنفیذھا“.

وشدد على أن “الإسرائیلیین” ”لا یملكون القدرة على التغییر لأن الیمین المتطرف ھو المسیطر حالیا على السلطة ھناك، إضافة إلى أن الجانب العربي غیر قادر على إحداث تغییر لا في الدبلوماسیة ولا القدرة الاقتصادیة ولا العسكریة“.

واعتبر ان التغییر، یحدث فقط عبر صلابة الموقف الفلسطیني في وجه الصفقة، وقدرته على تبني مواقف فیھا مقاومة لكل الأطراف التي تروج لسیاسة التھوید مكانا وزمانا.

إلا أن الكاتب والباحث السیاسي، مدیر عام مركز القدس للدراسات السیاسیة، عریب الرنتاوي، كان أكثر تشاؤما، حیث اعتبر أنه لا یوجد بین الأردن ونتنیاھو وائتلاف الیمین المتطرف “الإسرائیلي”، أي كیمیاء من أي نوع، وأن القیادة الیمینیة “الإسرائیلیة” لا تحتفظ بأي ود أو احترام للحقوق والمصالح الأردنیة، سواء التي نصت علیھا معاھدة وادي عربة كما في الوصایة الھاشمیة على المقدسات، أو تلك المندرجة في ملفات الوضع النھائي للقضیة الفلسطینیة من القدس واللاجئین والحدود والمیاه وغیرھا.

وأضاف الرنتاوي، أن الأردن لدیھ مصالح واشتباك عمیق مع كل ملف من ھذه الملفات، ”لكن حكومة “إسرائیل” لا تقیم وزنا لھذا الأمر، ولذلك، فإن المملكة ستكون أمام نفس الائتلاف الذي حكم “إسرائیل” خلال السنوات الماضیة وربما أكثر تطرفا“.

وتوقع الرنتاوي أن تشھد العلاقة الأردنیة “الإسرائیلیة”، في السنوات المقبلة، المزید من موجات متلاحقة من التوتر والتأزم والفتور، سواء على خلفیة العلاقات الثنائیة او على خلفیة الانھیار المتسارع لحل الدولتین وإقامة الدولة الفلسطینیة وعاصمتھا القدس الشرقیة.

ویرى الرنتاوي أن على الأردن، أن یتھیأ للأسوأ خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن المملكة لدیھا استحقاقات مقبلة قد تشكل بدایة الاشتباك مع الكیان الصھیوني.

وأوضح أن الاستحقاق الأول الجدي أمام الأردن، ھو ”أراضي الباقورة والغمر، وھل من الممكن أن تفي “إسرائیل” بما جاء في اتفاقیة وادي عربة وتقوم بتسلیم ھذه الأراضي للسیادة الأردنیة أم لا؟“.

وقال الرنتاوي، إن الاستحقاق الثاني، ”یدور حول ممارسة الوصایة الھاشمیة، والتي ستستمر، إلا أن الأردن سیكون أمام كتل وأحزاب صغیرة متطرفة ستقوم بتنفیذ إجراءات تشكل إزعاجا للأردن، على الرغم من عدم مشاركتھا في الحكومة “الإسرائیلیة”“.

وأوضح أن الاختبار الأھم للحكومة الأردنیة، ھو حول مستقبل القضیة الفلسطینیة، حیث بدأ الائتلاف الحاكم في “إسرائیل” قبل الانتخابات وأثنائھا، بالحدیث حول ضم الضفة الغربیة ومساحات واسعة أخرى، و“ھذا الأمر ھو ساحة اشتباك مھمة بین الأردن و”إسرائیل”“.

وبین الرنتاوي أن ”الأردن، یقود المواجھة ضد صفقة القرن، وظھره مكشوف، خاصة وأن ّ التھدید الأكبر الذي یتم توجیھه للأردن، یأتي من قبل الحلیف الأكبر لعمان، وھي واشنطن“.

وقال: ”ھل سیتمكن الأردن من المقامرة بعلاقاتھ مع الولایات المتحدة ویتخذ موقفا أشد صرامة أو سیكتفي بما أعلن عنه من مواقف؟“، مبینا أن كل ھذا ”یعد تحدیا یواجھ السیاسة الخارجیة الأردنیة في المرحلة المقبلة“.

وینبھ الرنتاوي، الى أن الأردن ”یجد نفسھ حالیا أمام ائتلاف وضع مسبقا، أولویة التوسع الاستیطاني والتھوید وضم الأراضي على أي أولویة أخرى حتى وإن كانت على حساب المصالح الأردنیة“.

وشدد على أن الأردن ”مقبل على سنوات توتر ومواجھة مع دولة الاحتلال، وقد لا تكون لأربع سنوات قادمة فقط، وإنما ستطول، لأن نتائج الانتخابات “الإسرائیلیة” الأخیرة، تعكس نمطا في اتجاھات تطور المجتمع “الاسرائیلي”، الذي أصبح ینجرف نحو التطرف الدیني وأن الاستیطان التوراتي الإیدیولوجي أصبح یحتل مكانة كبیرة في التكوین السیاسي في “إسرائیل”“.

المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى