يوم الأرض.. نحو الوحدة والعودة والتحرير
بين “محمد سعد” شهيد هذا الصباح، وشهداء يوم الأرض الخالد ٣٠/آذار/٢٠١٩م، خيط من الدم، يرسم خارطة فلسطين، ويمزج جغرافيتها وتاريخها، ويعيد تظهير هوية شعبها، يؤكد صلة الجليل الوثيقة، برفح، وإرتباط صفد بالخليل، فعلى هذا الامتداد الجغرافي والتاريخي انتصبت تضحيات شعب فلسطين، سدًا في وجه الهجمات الوحشية المستمرة للمشروع الاستعماري الصهيوني.
يمثل فعل شعبنا في يوم الأرض الارادة الوطنية للاستقلال وتحقيق المصير، في يومه الأول منذ ٤٣ عامًا، وفي زحف المشاركين في مسيرة العودة على تخوم غزة، حين يمضي هؤلاء ليعانقوا بقية فلسطين، فإنهم يعيدونا جميعًا للمربع الأول، حيث يقف شعب فلسطين في صراعه مع العدو الصهيوني لأجل تأكيد وجوده المادي والمعنوي في هذه الأرض ومنع ابادته.
في قطاع غزة المحاصر، وفي كل شبر من فلسطين، انتقلت مركزية الفعل في يوم الأرض، لتتسلط الأضواء في كل ذكرى على هذه البقعة أو تلك من أرض فلسطين، ولكنها دائمًا كانت تعبير عن هوية فلسطين، كل فلسطين، وتاريخها، وحاضرها، وتوق أهلها لتقرير مصيرهم، وصناعة مستقبل حر كريم تعيشه أجيالهم القادمة، مستقبل يكنس فيه المشروع الصهيوني، بما يمثله من عنصرية، وهمجية فاشية، وعدوان للامبريالية العالمية على هذه المنطقة وشعوبها، فيوم الأرض لا يمكن قراءته كحدث فلسطيني فحسب، ولكن كوقفة صمود للشعوب في وجه الوحشية الامبريالية التي تحاول تعميم الاستعباد كنهج ونظام يحكم هذا العالم، فتنتزع منظومتها المجرمة البشر من مواضعهم، أو تسلط عليهم أصناف القهر والاضطهاد، وتنتظر منهم الخضوع والخنوع لممارساتها.
في يومنا هذا يقول شعب فلسطين، لا، في وجه دونالد ترامب، وصفقته الجديدة مع نظم القمع لتصفية القضية الفلسطينية، وفي وجه قراراه العدواني على هوية الجولان العربي المحتل، فالصوت اليوم فلسطينيًا، وعربيًا، واحدًا موحدًا، هذه الأرض تتكلم العربية، وتعرف أبناؤها جيدًا، من دماء آبائهم وجدودهم التي اختلطت بترابها، وهذا الجيل يعرف هذه الأرض جيدًا ويعرف حقه فيها، ويعرف طريق عودته الذي لن يكون إلا معمّدًا بالكفاح لشعب فلسطين الموحد.
هذا المجموع العظيم من الارادات الشعبية الفاعلة، المكافحة، المضحية، يستحق الحفاظ عليه، والدفاع عن صموده، بإستراتيجية وطنية موحدة، ترفض الشرذمة والتقسيم، وتطوي صفحة الانقسام، إن الوفاء الحقيقي من القوى السياسية الفلسطينية في هذا اليوم هو نبذ الاختلاف، وإعلان وحدة حقيقية، وفية لتضحيات هذا الشعب، ومعبرة عن ارادته الحقيقية، فلا الانقسام قدر مؤبد لهذا الشعب، ولا التقسيم والتقطيع الاحتلالي مصير محتوم له، بل إن ارادته وتضحيات شهدائه هي بوصلة حقيقية نحو أبواب الحرية والاستقلال.