أخبار عربية

لأوّلّ مرّة في التاريخ الإعلام العبريّ على مُختلف مشاربه يُتابِع حديث زعيمٍ عربيٍّ: نصر الله تفوّق على إسرائيل بالضربة القاضيّة: قياداتكم تخدعكم وصحافتكم تختلِق الأكاذيب

يُقال إنّ الصورة تُساوي ألف كلمةٍ: القناة الـ13 في التلفزيون العبريّ، كباقي قنوات التلفزيون في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، انتظرت بفارغ الصبر، المُقابلة مع سيّد المُقاومة، الشيخ حسن نصر الله، وقبل البدء بالمُقابلة كانت هذه القناة تقطع البثّ ليظهر على الشاشة مُحلّل الشؤون العربيّة، حيزي سيمانطوف، ليُذكّر المُشاهدات والمُشاهدين، بأنّه في الساعة الثامنة والنصف بتوقيت فلسطين، سيطّل الأمين العّام لحزب الله عبر شاشة فضائية (الميادين) ليُدلي بدلوه حول أخر المُستجدّات على الساحة اللبنانيّة، الإسرائيليّة، الإقليميّة والدوليّة، ومن الأهميّة بمكان، الإشارة في هذه العُجالة، إلى أنّ الإعلام العبريّ، المُتطوّع لصالِح الأجندة الصهيونيّة العدوانيّة، لم يقُم بخطوةٍ من هذا القبيل، لدى خطابٍ أوْ حديثٍ لزعيمٍ عربيٍّ على الإطلاق، وطبعًا لا يُمكِن المُقارنة بين السيّد نصر الله والرئيس المصريّ الرحِل، جمال عبد الناصر، الذي كان وما زال يقُضّ مضاجِع الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا، بسبب التطورّات الكبيرة التي شهدها الإعلام والتقدّم التكنولوجيّ في هذا المجال.

وهذه المُتابعة والمُواكبة لحديث السيّد نصر الله، نابعةٌ فيما هي نابعةٌ من أنّ الإسرائيليين، وتحديدًا الجمهور، يثِق ويؤمِن لحديثه أكثر بكثير من تصريحات قادته، إذْ أنّ البحث العلميّ الذي أجرته كليّة (تل حاي) في شمال الدولة العبريّة، أكّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ: 80 بالمائة من الإسرائيليين-اليهود يؤمنون للسيّد نصر الله، وفقط 20 بالمائة يُصدّقون تصريحات أركان كيان الاحتلال، وعلى الرغم من أنّ وسائل الإعلام العبريّة، حاولت اليوم الأحد وأمس السبت، البحث عن مكامن الضعف لدى السيّد نصر الله، فإنّ هذا الأمر بات لا ينطلي على أحدٍ، إذْ أنّ جوقة المُحرّضين في وسائل الإعلام العبريّة، الذين نشروا الأكاذيب والشائعات التي لا تمُتّ للحقيقة بصلةٍ حول صحّة الشيخ نصر الله، اضطروا إلى “بلع الضفدع″، لأنّ حديثه أكّد لكلّ مَنْ في رأسه عينان على أنّ الحرب النفسيّة الشرسة والقذرة والسافلة التي تقودها تل أبيب لشيطنة المُقاومة اللبنانيّة وأمينها العّام باءت بالفشل وهُزمَت بالضربة القاضيّة.

وبطبيعة الحال، انشغلت وسائل الإعلام العبريّة في التحليلات، مُحاوِلةً طمأنة الإسرائيليين، ولم تألوا جُهدًا في إقناعهم بأنّ اعتراف السيّد نصر الله بوجود أنفاقٍ وبأنّ إسرائيل قامت بتدميرها هو بحدّ ذاته إنجازًا كبيرًا للمُخابرات في كيان الاحتلال، علمًا أنّ المُحلّل المُخضرم للشؤون العسكريّة، ألون بن دافيد، كذّب وراية الجيش، وأكّد على أنّ الأنفاق التي اكتشفها الجيش الإسرائيليّ كانت موجودةً قبل العدوان الإسرائيليّ على لبنان في العام 2006، والمعروف إعلاميًا بـ”حرب لبنان الثانيّة”، على حدّ قوله.

المُستشرِق الإسرائيليّ، عوديد غرانوت، الذي يعمل مُحللّاً للشؤون العربيّة في صحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة، زعم أنّ الظروف أجبرت نصر الله على الظهور بالإعلام، ولكنّه في الوقت عينه لاحظ أنّ الأمين العّام لحزب الله رفع من سقف تهديداته لإسرائيل، عندما قال إنّ حزب الله سيردّ على أيّ عدوانٍ إسرائيليٍّ بصورةٍ مُؤلمةٍ ومُوجعةٍ، لافتًا إلى أنّ التجديد في التهديدات كان عندما أكّد في المُقابلة على أنّ حزب الله سيردّ على الاعتداءات الإسرائيليّة ضدّ سوريّة، كما اعتبر أنّ إقرار نصر الله بحيازة حزب الله صواريخ دقيقة يجب أنْ يُقلِق صُنّاع القرار في تل أبيب، على حدّ قوله.

على صلةٍ بما سلف، اعتبر المُستشرِق آفي إيسخاروف، في موقع (WALLA)، الإخباريّ-العبريّ، أنّ السيّد نصر الله حوّل ما أسماها بـ”فضيحة” الأنفاق إلى أنجازٍ لحزب الله، لافتًا إلى أنّ توجّه إلى المُواطنين في كيان الاحتلال، وذلك بهدف إرعابهم والمضي قُدُمًا في تكريس ميزان الردع مع إسرائيل، على حدّ تعبيره.

وتابع قائلاً إنّه لو قام أحد الأجانب، الذي لا يعرف موازين القوى بين الطرفين، واستمع إلى حديث نصر الله، لكان سيعتقِد بأنّ إسرائيل تُعاني من تهديدٍ وجوديٍّ، وليس العكس، وأقّر في الوقت عينه أنّ حزب الله ما زال تنظيمًا قويًا وخطيرًا، ويملك القدرات على التسّبب بأضرارٍ فادحةٍ جدًا للدولة العبريّة، ولكنّه لا يُشكّل خطرًا وجوديًا عليها، كما أكّد المُستشرِق الإسرائيليّ.

وتابع إيسخاروف قائلاً إنّ نصر الله يقود حزب الله منذ 27 عامًا، عندما كان في الـ33 من عمره، ومن هنا فإنّ هذه الفترة الطويلة في التنظيم، الذي تحوّل إلى أخطر تنظيمٍ “إرهابيٍّ” في العالم، مع ترسانة الصواريخ الأكبر، تؤثّر تأثيرًا كبيرًا على تعجرف الأمين العّام للحزب، بحسب زعمه.

وللتدليل على أهمية المُقابلة مع السيّد نصر الله، يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ، التابِع لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، قام بنشر مقاطع مُطولّةٍ من المُقابلة مع سيّد المُقاومة مع ترجمةٍ للغة العبريّة، لكي يتسّنى للجمهور العريض في إسرائيل الاستماع إلى الحديث بصورةٍ مُباشرةٍ، وهذا الأمر بحدّ ذاته تعبيرًا عن الأهميّة التي أولاها ويُوليها الإعلام العبريّ لهذه المُقابلة.

فضائية (الميادين) أطلقت على الحوار مع سيّد المُقاومة (حوار العام 2019) ليتبيّن أنّ أكثر المُهتمّين والمُتابعين والمُواكبين للحوار كانوا الإسرائيليون، الذين تمّ تسميمهم على مدار حوالي الشهرين من قبل إعلامهم بأنّ نصر الله في عداد الأموات، وأنّ صحّته خطيرةً للغاية، فكان الردّ من قبل الشيخ نصر الله بالضربة القاضيّة، إذْ أكّد للإسرائيليين أنّ قادتهم كذّابين وإعلامهم يختلِق الأخبار والتقارير التي تبعد عن الحقيقة ألف سنةٍ ضوئيّةٍ، وغنيٌ عن القول إنّ الإعلام العبريّ يعكِس آراء دوائر صُنع القرار من المُستويين السياسيّ والأمنيّ، وهو أيضًا المرآة لأفكارهم.

بواسطة
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس
المصدر
رأي اليوم
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى