هل أعطى القرار العربي “إسرائيل” الضوء الأخضر لمحاربته ؟! .. جامعة الدول العربية تصدر قراراً باعتبار حزب الله إرهابياً
لم يكن إعلان مجلس التعاون الخليجي ومن بعده مجلس الجامعة العربية عن تصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية. لم يكن هذا الموقف خارجاً عن السياق الطبيعي للموقف الرسمي العربي تجاه هذا الحزب المقاوم.
والمتابع لعلاقة حزب الله بما يسمى “دول الاعتدال العربي” بزعامة السعودية ومصر، يلحظ أن تصنيف حزب الله على قائمة الإرهاب لا يتعلق بالملف السوري ودخول الحزب على خط الأحداث السورية. ففي حرب تموز 2006 التي خاضها الحزب في مواجهة الكيان الصهيوني، لم تخجل قوى الاعتدال من إلقاء اللوم على حزب الله واعتبار خطفه للجنديين “الإسرائيليين” (مغامرة غير محسوبة دون الرجوع).إذن، فصراع –إن صحت التسمية- هذه الأنظمة مع حزب الله هو صراع مع نهج المقاومة، وابتدأ منذ دخل هذا الحزب في المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني.
القضية الفلسطينية والعروبة
النائب السابق في البرلمان اللبناني ورئيس حركة الشعب اللبنانية الأستاذ نجاح واكيم أكد في اتصال هاتفي مع نداء الوطن أن هذا القرار جاء مترافقاً مع أحداث عدة ملفتة، منها: إعلان القيادة الإسرائيلية – العسكرية والسياسية – أن حزب الله يشكل الخطر الأكبر على أمن إسرائيل، والحديث المتكرر للقيادة الإسرائيلية عن قيام علاقات وطيدة مع عدد من الدول العربية، وبالتحديد الخليجية، واللقاءات التي تنشرها وسائل الإعلام، والتي تعقد بين ممثلي هذه الدول وقادة الكيان الصهيوني. ثم العمل الدؤوب من أجل إزكاء الانقسامات الطائفية والمذهبية والإثنية في المنطقة والدفع باتجاه الفتنة وإشعال المزيد من الحروب الأهلية.
ويعتبر واكيم أن القراءة الموضوعية لمجريات الصراع الدولي والإقليمي المحتدم في منطقتنا تبين بوضوح أن ما كان مستتراً من علاقات قديمة بين الدول العربية التابعة لأميركا، وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، بات اليوم بحاجة إلى التظهير والإعلان عنه بشكل رسمي. ولكي يتم هذا الأمر لا بد من إشعال المزيد من الحرائق وإغراق الأمة العربية بالمزيد من الفتن والحروب الأهلية، وشل قدرة الشعب العربي على التصدي لهذا المشروع. وهذا يتطلب أيضاً افتعال عداء، تحت يافطة “العروبة”، مع إيران وتسعير هذا العداء. وحذر الأستاذ واكيم من أن ضرب حزب الله سوف يؤدي إلى محاصرة المقاومة في فلسطين وعزلها وإضعافها.
فيما يرى الدكتور سيف دعنا دكتور علم اجتماع وعلاقات دولية في جامعة ويسكنسن أنميزان الذهب الذي يفصل بين العروبة والعروبة المضادة، هي قضية فلسطين.) فكل ما يخدم القضية الفلسطينية هو في صالح العروبة، لأن وجود ونشأة ونشاط واستمرار وجود الكيان الصهيوني يستهدف كل العرب من المشرق العربي إلى المغرب العربي ويستهدف التنمية في الوطن العربي، وهذا أحد أهم أسباب الحالة التي يعيشها الوطن العربي هو وجود الكيان الصهيوني. ومن يتحالف ويقيم علاقات وتنسيق مع الكيان الصهيوني هو لا يخدم العروبة، هو يدّعي العروبة وهذا ما يطلق عليه العروبة المضادة. ومن يدعي العروبة يحارب كل من يحارب الكيان الصهيوني، ويصاحب كل من يتحالف مع الكيان الصهيوني عربياً كان أو غير عربي.
ويضيف دعنا في اتصال هاتفي أجرته نداء الوطن أن هذا القرار يعمل على استثناء فلسطين من الأولويات وتبديل العدو، ويعطي شرعية عربية، وبالتالي دولية، لأي عدوان صهيوني على لبنان وفلسطين بشكل خاص، والدول العربية الأخرى بشكل عام، طالما أن المقاومة إرهابية بالتصنيف العربي الرسمي.
ويحذّر دعنا من أن القرار سيساهم في إعادة تشكيل الوعي العربي ووعي الشعوب العربية. لهذا السبب بالضبط، فإن هذا القرار خطير جداً وربما يكون الأخطر في تاريخ الجامعة العربية. فأساس الوعي القومي لأي أمة يتمحور حول فكرتي “من نحن” و “من هو العدو ومن هو الصديق”. قرار الجامعة العربية يعيد تركيب الفكرتين جذرياً. في حالة فلسطين، حاول الكيان الصهيوني لسبعين عاماً على تسويق فكرة واقعية وطبيعية وجود الكيان وفشل بسبب رفض ومقاومة الشعوب العربية له. القرار العربي يساهم في تحقيق ما لم يستطع الكيان إنجازه لسبعين عاماً.
ويعتبر الرفيق وليد المصري عضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية أن قرار السعودية وبالتالي مجلس الجامعة ما هو إلا تعبير عن هذا الزمن الرديء، حيث المقاومة للاحتلال توصف بالإرهاب، لافتاً إلى أن القرار يصب في خدمة “إسرائيل” مباشرة وهو يخدم تصفية القضية الفلسطينية واتهام فصائل المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وإقفال الملف الفلسطيني، وهذا هو ما تسعى إليه دولة الاحتلال.
ويلفت الرفيق المصري في تصريح لـ نداء الوطن إلى أن “إسرائيل” تصنف حزب الله بالقوة الأساسية التي يمكن أن تؤثر على الكيان وتدخل في مواجهة قاسية معه، وهكذا أمام هكذا قرار عربي فهي سوف تقوم باستغلاله دولياً من أجل استقدام مواجهة لحزب الله باعتباره إرهابياً وهنا الخطر من هذا القرار.
عزل حزب الله وإذكاء الفتنة الطائفية
ويؤكد الأستاذ نجاح واكيم رئيس حركة الشعب اللبنانية أنه ومنذ صدور القرار، عمدت دول الخليج إلى اتخاذ إجراءات عدة ضد لبنان وضد اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي. والأهداف واضحة، فمن جهة نراهم يدفعون باتجاه تعميق الانقسامات الطائفية والمذهبية في هذا البلد ما يضعه على شفير الفتنة والحرب الأهلية. وهذا يشكل هدية ثمينة جداً لإسرائيل لأنه يغرق المقاومة في أتون فتنة دموية.
أما الإجراءات العقابية ضد لبنان واللبنانيين –يضيف واكيم- فهدفها تأليب الرأي العام على المقاومة، وتحميلها مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية لعموم الشعب اللبناني. أي أن هذه الإجراءات جاءت لتكمل الحصار على المقاومة وعزلها، واستنزافها في الداخل اللبناني، ما يهيء الظروف لإسرائيل لكي تشن الحرب على لبنان وتضرب المقاومة.
فيما ينفي الرفيق وليد المصري أن يكون للقرار تداعيات على لبنان والحزب على الساحة اللبنانية والسبب يعود إلى أن الجماهير اللبنانية وقواها السياسية تدرك جيداً أن حزب الله هو عمود رئيسي في المقاومة التي أجبرت الكيان الصهيوني على الانسحاب من الأرض اللبنانية بلا شروط، كما أن الحزب هو الذي لقّن الصهاينة درساً في حرب 2006 لن تنساه دولة الصهاينة. بالإضافة إلى ما تقدم، فإن الحزب يشكل جزءاً من الحياة السياسية اللبنانية، فهو حاضر في البرلمان وموجود في الحكومة عبر وزرائه، كما أنه يشكل عامل استقرار هام في لبنان.
يقول قادة “إسرائيل”، العسكريون والسياسيون، أن حزب الله يشكل الخطر الأكبر على الكيان الصهيوني. فهل أصبح أمن هذا الكيان جزءً من الأمن القومي للأنظمة العربية؟!