أخبار فلسطين

كيف قُتل الشهيد عمر النايف .. تفاصيل جديدة

كل من يعرف عمر نايف تقفز الى ذهنه اذا ذكر اسمه صورة الاقدام والاقتحامية حتى في الحديث، لم يكن مجرد اندفاع الشباب بل كانت لديه حمية من نوع خاص، ولهذا ليس غريبا ان يفكر بعد اعتقاله بالحرية السريعة رغم حكم المؤبد الذي يمكن ان يدفع الى استكانة ما، وتوطين النفس على مدة طويلة انتظارا لعملية تبادل اسرى ممكنة.

عمر النايف خاض اضرابا عن الطعام ، وافتعل مرضا نفسيا ضمن تخطيط محكم للهروب من السجن وانتزاع حريته على طريقته الاقتحامية، حصل ذلك ولكن لم يسأل احد ما هي الصعوبات التي تجاوزها باقتحاميته منذ انتزع الحرية من الاسر وحتى تجاوز الحدود والتلطي هنا وهناك ريثما يؤمن نفسه ويصل الى بلغاريا حيث طافت به الافاق في اكثر من دولة حتى استقر هناك.

فصوفيا التي كانت تعلم الفلسطينيين يوما كل شيء من الطب والهندسة الى اسس الماركسية اللينينية ومآثر ديمتروف صاحب اطول محاكمة في التاريخ على يد النازيين، لم تعد صوفيا… باتت شيئا آخر وبات الفلسطيني هناك كأي مقيم او سائح، ورغم ذلك وطن عمر نفسه وبنى اسرة فيها بين جالية محبة ومتواشجة بصلة الوطن فلسطين.

هل فكر عمر  ان نهاية البطولة ستكون في سفارة لا تحمي احدا، وكأنها مدينة مستباحة  كجنين التي خبرت شوارعها اقدامه، والقدس التي عرفت سكينه. ففي صباح يوم شباطي لئيم وجد عمر ملقى في حديقة السفارة دون اقتحامية، بعد ثلاثة شهور من الاعتصام فيها.

خلال الشهور الثلاث تعرض عمر لضغوط كثيرة كي يسلم نفسه، وسارت مظاهرات وعقدت اعتصامات لاجل حمايته، لكن ذلك لم يجد نفعا، فقد قر القرار على تصفيته هنا تثور الاسئلة في كل الرؤوس من قتله؟ وكيف قتل؟ من المنفذ ومن المتواطيء او المقصر؟

اشقاء عمر واصدقاؤه يجمعون على ان اغتيال عمر لم يكن حادثا صهيونيا مباشرا بل ان وراء الاكمة ما وراءها:

القيادي السابق في الجبهة الشعبية، وصديق الشهيد عمر النايف، سعدي عمّار،  يقول “إن المسؤول عن اغتيال عمر النايف هو الموساد الصهيوني، لكن من نفّذ العملية هي أيادٍ فلسطينية ما“.

وقال عمّار خلال اتصال هاتفي مع “بوابة الهدف”، “إن السفارة الفلسطينية، والطاقم الأمني للسفارة، سهلوا  قتل النايف، وهو ما تبيّن من التحقيقات الأولية التي أجراها رفاق عمر“. وأضاف  عمار “نرفض تدخلّ أي لجان خارجية في التحقيق بالجريمة، لأنها لجان لا نصدّقها ولا نحترمها“.

عمّار يتكلم عن  تفاصيل اغتيال النايف، التي توصّل إليها رفاقه، وقال “آخر من كلّم عمر هو شقيقه أحمد، عند الساعة 12 منتصف ليل الجمعة، وبعدها هاتفه مستشار من طاقم السفارة الفلسطينية في صوفيا، وأخبره أنه يودّ المجيء عنده في السفارة للحديث”، وتحفّظ عمار عن ذكر اسم المستشار، مُكتفياً بالقول “كلُ شيء سينكشف في وقته المناسب“.

وتابع عمّار، المقيم في العاصمة البلغارية، “بقيَ المستشار مع عمر لنحو 15 دقيقة، في مقر السفارة، قبل أن يبدأ النايف بالتقيؤ الشديد، ويُعتقد أن الشخص المذكور وضع مادّة سامة له بطريقة ما”، موضّحاً أن الخطة لم تكن تهدف لقتل النايف، بل كانت تقضي بالاعتداء عليه ونقله للمستشفى، ومن ثمّ إلقاء القبض عليه من قبل الأمن البلغاري، ومن ثمّ تسليمه لسلطات الاحتلال“.

وبعد ما أصاب النايف، عرض عليه المستشار، نقله للمشفى إلّا أن النايف رفض، لما كان يتوقعه من مخطط ينتهي بتسليمه، كما قال عمّار، الذي أضاف أنه “بعدها بدقائق، دخل عدد من الأشخاص، وضربوا الشهيد عمر، بالأيدي والعُصيّ، والسكاكين، ولم تُفلح كل محاولاته بالتصدي لهم، ويُعتقد أنه حين كشف هويّاتهم، اقتضى الأمر بضربه بقصد القتل، ومن ثمّ تركوه، داخل مقر السفارة“.

وزاد عمّار “عند الخامسة والنصف صباح الجمعة، وصل مسؤول المالية، لمقر السفارة، عند عمر النايف، وهاتف مستشار السفارة  وبدلاً من استدعاء طواقم الإسعاف، تركوا عمر غارقاً في دمه لمدّة ساعة ونصف، أي حتى السابعة، وعندما وصل الإسعاف للسفارة استشهد عمر“.

وأوضح أن جثمان الشهيد “نُقل من داخل السفارة إلى الحديقة الخارجية، و وُضع نعله إلى جانب رأسه، للإيحاء بأنه انتحر بالقفز من الطابق الثالث”، لافتاً إلى أنه لم يتبيّن على جثمان النايف سوى كمية ضئيلة من الدماء، وهو ما يُقوّي الاحتمالات التي يذكرهاوأكّد عمّار أن هذا السيناريو يُثبت الترتيب المُحكم لعملية الاغتيال.

وأشار إلى أن السفير  وصل عند التاسعة صباحاً، وبدأت الشخصيات بالتوافد إلى مقر السفارة، مُنتقداً جلوس الطواقم الطبية والأمنية مع السفير، بدلاً من المباشرة بمعاينة موقع الجريمة وآثارهاوامتنع عمّار عن اتّهام الأمن البلغاري، مُكتفياً بالقول بأن كل أمر سيتّضح في أوانه.

وفي مقال كتبه جاد الله صفا وهو من مناصري الشعبية في البرازيل اوضح ان  السفير الفلسطيني طالبه بمغادرة السفارة او تسليمه للسلطات البلغارية، كما منع اي زيارة للنايف من اي طرف او من قبل اقربائه ومحاميه.

وكانت  الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أصدرت بيانا، حذرت فيه السفير الفلسطيني من تسليم النايف وحملته وحملت السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة للحفاظ على حياة الاسير المحرر، وتواصلت الجبهة الشعبية مع السلطة الفلسطينية وقيادة المنظمة برام الله بهذا الشأن، واعلنت السلطة من طرفها انها شكلت خلية ازمة لمتابعة قضية النايف.

بدورها اصدرت وزارة الخارجية ردا على بيان الشعبية بينت فيه انها تتابع الامر وتكذب ما جاء في بيان الشعبية منهية ردها بان الوزارة “لا تحتاج الى من يصيغ لها خطوات عملها في هذا المجال“.

ضمن هذه المعمعة اصدرت الجبهة الديمقراطيةبيانا تعتبر ان السفير الفلسطيني ببلغاريا احد كوادرها، وذكرت ببيانها ان الجبهة الشعبية اعتذرت عن موقفها المتسرع اتجاه سفير الجبهة الديمقراطية والذي نفته الشعبية، كما هددت الجبهة الديمقراطية الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني بايطاليا واتهمتهم بالعمالة لاسرائيل وستقوم بملاحقتهم ومحاسبتهم نتيجة موقفهم من تصرفات السفير، كما منعت الجبهة الديمقراطية عناصرها  وانصارها من المشاركة بحملات التضامن مع النايف بكافة دول العالم.

من جهته وفي اتصال هاتفي لوطن معه اكد نائب الامين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم ان احمد المدبوح هو احد كادرات “الديمقراطية” وأن “سلوكه في  معالجة القضية لم يكن خاطئا، وانه قام بعمله على الوجه الاكمل”، مطالبا “بعدم القاء التهم جزافا وأن يتحمل الكل مسؤوليته في هذا الموضوع“.

ونفى قيس عبد الكريم في اتصال معوطن للأنباء، وجود أي نقاش في هذه القضية بين الجبهتين، حيث ان عمر النايف هو احد كوادر الجبهة الشعبية.

كانت قضية النايف على جدول جولة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ليلى خالد باروبا حيث  التقت نائب رئيس برلمان الاتحاد الاوروبي، كما ناقش البرلمان قبل ايام بجلسة خاصة قضية النايف وتسليمه للسلطات الصهيونية.

احمد النايف  شقيق الشهيد عمر النايف يقول  “شقيقي كان يتعرض لتهديدات مباشرة وغير مباشرة من قبل بعض افراد السفارة وخاصة السفير حيث كانوا يطالبوه بالخروج من السفارة التي احتمى بها بعد تهديده من قبل الموساد الاسرائيلي بالاعتقال”. وتساءل احمد شقيق الشهيد عمر عن وجود عناصر امن في السفارة خلال عملية اغتيال شقيقه؟ واتهم الطاقم الامني بـ”التواطؤ” في عملية الاغتيال.

اما حمزة النايف الشقيق الاخر يقول : “السفير الفلسطيني شريك في اغتيال أخي عمر, السفارة الفلسطينية ومنذ اليوم الأول للجوء عمر إليها وهي تضيق عليه الخناق وحاولوا إخراجه من السفارة, وكانت تطلب منه مغادرة السفارة, والطاقم الأمني لم يشكل له حماية بالمطلق” ويوضح أن السفير الفلسطيني في بلغارياكان يقول لشقيقه حرفياً, “سوف يضعون لك السُم في الطعام ويقتلونك, والطيارة تنتظرك لتعيدك الى اسرائيل“. 

السؤال الذي يطرح نفسه، هل السفارة الفلسطينية عليها حراسة امنية؟ كيف تمكنوا من الدخول الى السفارة واغتيال النايف؟ هل يوجد بالسفارة كاميرات حراسة بامكانها كشف القائمين على الاغتيال؟ ما الذي يمكن ان تقدمه السفارة من معلومات؟ هل تم العبث بمحتويات السفارة واسرارها اذا لديها اسرار؟ وهذا يعيدنا الى عملية اغتيال محمود المبحوح بدبي من قبل الموساد الصهيوني حيث الكاميرات الموزعة بالفندق هي التي كشفت الجريمة.

دخول السفارة واغتيال النايف جاء ليقول ان سفاراتنا مرتع للموساد والجاسوسية والخيانة، فهل هناك سفارة محمية او بعيدة عن عيون الموساد ونشطائها، فالعملاء متواجدون وبقوة داخل مؤسسات السلطة والمنظمة وكافة اجهزتهما ويسرحون ويمرحون، فلا تستغرب عملاء بسفارة فلسطين ببلغاريا.

سؤال يطرحه المتفاعلون على مواقع التواصل الاجتماعي بشدة، ترى ما هو رد الجبهة الشعبية ازاء عملية غدر بأحد أبطالها؟

يجيب نائب الامين العام للجبهة  ابو أحمد فؤاد بتصريح ان “المنفّذ والمتآمر والمتواطئ سيدفعون الثمن غالياً“. و أن “الجريمة التي ارتكبها العدو الصهيوني باغتيال الرفيق القائد المناضل عمر النايف لن تمر بدون عقاب،

وكانت الجبهة الشعبية قد توعدت بالأمس في بيان لها، بملاحقة المنفّذ والقصاص لدم الشهيد عمر النايف. كما اكد ذلك من أسره الامين العام احمد سعدات وقال ” الامر متروك لكم يا رفاق“.

الشعبية كما قال الصحفي غسان شربل هي ام المفاجئات من اول طائرة اختطفت حتى تصفية زئيفي… هذا رغم الضعف الذي يعتريها، الا انها على حد قول احد كبار ضباط المخابرات الاسرائيلية: “نعم صغيرة، لكن خطيرة“.

نقلاً عن وكالة وطن للأنباء

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى