إدلب وحرب السنين السبع: هل تنتهي اللعبة؟!
تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي لسوريا، وتحاذي الحدود السورية التركية ، وقد بلغ عدد سكانها في 2011 حوالي 2.072.266 نسمة، وبلغت مساحتها 5464 كم2 . شاركت المحافظة بالثورة “الملونة” منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة الدولة بشكل كامل في مارس/آذار 2015، بعد سيطرة قوات معارضة ومجموعات أخرى على مركزها.
وبقيت كل من كفريا والفوعة تحت سيطرة الحكومة السورية ورهن لاتفاقية المدن الأربعة (كفريا-الفوعة/الزبداني مضايا) بين الحكومة السورية وأحرار الشام وهيئة تحرير الشام في أبريل/نيسان 2017.
ومع استكمال ترتيبات الآستانة في 15 سبتمبر/أيلول 2017 واتفاقيات خفض التصعيد في إدلب، تمكّن الجيش العربي السوري وحلفاؤه من السيطرة على أجزاء شرق سكة الحديد جنوب شرقي المحافظة ومطار أبو الضهور العسكري، وتقدر مساحة المناطق التي سيطر عليها أكثر 17.5% من مساحة المحافظة.
تبرز أهمية إدلب كونها كانت مركز نزوح من كافة المناطق التي حررها الجيش السوري، وتضم نازحين مدنيين وعسكريين ومنتمين لمجموعات مصنفة كإرهابية ممن رفضوا التسويات والمصالحات، مما عقّد المشهد الديمغرافي ووضع عبئاً على المنظمات الإغاثية والاجتماعية بسبب اختلاط السكان بالمجموعات المسلحة.
تبدو إدلب اذن وكأنها المعضلة المؤجلة حاليّا لاعتبارها المحطة الأخيرة في سلسلة إجراءات وتفاهمات لإنهاء حرب السنين السبع ، و أن العمليات العسكرية المنتظرة التى يحشد لها الجيش السورى ضد هيئة تحرير الشام هي خطوة مشروعة للدولة السورية لتحرير جزء من أراضيها من عناصر إرهابية واستعادة وحدة أراضيها .
لكن هل ستسمح الدول الثلاث الضامنة لاتفاق خفض التصعيد بحرب واسعة ?
تلتقي الدول الثلاث الضامنة لاتفاق استانة بعدم السماح بأي نوع من الحرب الواسعة النطاق في الشمال . سورية ما عاد في مقدورها استيعاب المزيد من المهجّرين فوق مئات آلاف المشردين حاليّا في مختلف مناطقها. لذا تراها حريصة على إجراء مصالحات محلية مع سكان بعض البلدات والقرى لتفادي مفاعيل الاشتباكات الضارية. تركيا تتخوّف من تدفق المزيد من اللاجئين الى ديارها حيث يتآوى نحو مليونين من أقرانهم السوريين الهاربين من أهوال الحرب.
أوروبا قلقة هي الأخرى من احتمال اتجاه آلاف اللاجئين الى دولها المرهقة بآلاف منهم منذ سنوات
روسيا تضع في عين الإعتبار مخاوف سائر أطراف الحرب في سورية وعليها، لكن يهمّها، في الدرجة الاولى، مستقبل وجودها العسكري في سورية ودورها السياسي في المنطقة.
تريد موسكو حماية قاعدتها العسكرية في حميميم، بتأمين المنطقة المجاورة، من أجل الانتقال إلى الخطوة التالية في المسار السياسي، بعد إنهاء ملف جبهة النصرة والجماعات الأخرى المشابهة، وهو ما قد يمهد، وفق مصادر كثيرة، لجعل طريق حلب دمشق الدولي آمن ، بكل ما يحمله ذلك من دلالات ورسائل اقتصادية سياسية في الوقت نفسه.
ستسعى الدولة السورية إلى الدفع باتجاه استعادة السيادة الوطنية عبر مقاربات عسكرية و سياسية فقد تلجأ إلى عدة خيارات بالتوالي أو التوازي مثل :
الدفع نحو صفقات أمنية جزئية بشكل ثنائي ومباشر مع القوى الدولية المتواجدة في سوريا، كتركيا وأميركا و لتحييد القوى العسكرية السورية والأجنبية والسماح للنظام بعودة مؤسساته تدريجيّا لاستعادة تحكمه بمفاصل الخدمات، ومن ثم إعادة اختراق الحاضنة والعودة الأمنية كما فعل في مناطق المصالحات.
عقد صفقات لتحييد الطرق البرية والرئيسية والمعابر التجارية والدولية عن الصراع، وتبدو هذه الخطوة الأسهل لكونها تحقق مصالح مشتركة لكافة القوى، مما يساهم بإعادة امتلاك وظائف الدولة الأساسية وأجزاء من المواقع السيادية.
تحرك الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير ريف اللاذقية الشمالي ثم الغاب في حماة فجسر الشغور سيكون أول السباق ، لتتابع بعدها القوات الحربية العمل في بقية محافظة ادلب ، لتبقى معركة الشرق وبعدها جميع سوريا محررة بإذن الله .