قيادات وطنية وعربية تقدم شهادتها بالقائد الشهيد أبو علي مصطفى
اطميزة*: اختار قدره .. فاختاره القدر ليكون قائدا قدوة في النضال
تفرض المصطلحات اللغوية أحياناً نفسها على الكاتب متناقضة مع قناعاته. وهذا هو حال “رحيل أبو علي” الذي غادرنا جسداً وبقي معنا روحاً وفكراً ونضالاً وتضحية.
رحل أبو علي مصطفى مخلفاً وراءه انموذج نضال وتضحية، ومدرسة كفاحية لا تنضب في تخريج المناصل تلو المناضل.
قمر الشهداء : أبو علي مصطفى
شهيداً لحق برفاقه المناضلين الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض فلسطين بل كل أرض تعشق الحياة وتنجب المناضلين. شهيداً لحق به شهداء من رفاقه ساروا على درب أبو علي مصطفى.
أبو على مصطفى مسيرة طويلة من النضال والعطاء والتضحية تكللت بالشهادة، وسيرة نبيلة وعطرة جعلته يتبوأ مكانة كبيرة في التاريخ الوطني الفلسطيني وفي قلوب الفلسطينيين، ويكون علامة بارزة في العطاء والفداء.
أبو علي مصطفى أنار طريق الشهادة لمن سبقه بعطائه وكفاحه وطريق من لحق به مقدماً لهم الانموذج والمثل في العطاء والتضحية. فاستحق أبو علي مصطفى أن يكون قمراً يسطع في سماء دنيا الإنسانية والكرامة والتضحيةوالفداء.
نعم انت قمر الشهداء بجدارة يا رفيقنا الراحل أبو علي مصطفى.
وعدنا لنقاوم ولن نساوم :
ما كان متسرعاً في خطاه يوماً ما، بل كانت حساباته تسبق قراراته عشق ارض فلسطين وزيتون عرابة فخطى خطاه عائداً اليها.
عاد وهو يحمل نهجاً وطنياً ثورياً وبرنامج عمل وطني وحدوي كانت الساحة الفلسطينية بأمس الحاجة له.
اختار أبو علي مصطفى قدره عندما اختار طريق النضال، أن يكون حيث يؤمن ويقتنع، حيث اللهب ومتطلبات النضال، حتى لو كلفه ذلك حياته. ولأن أبو علي اختار قدره فقد اختاره القدر ليكون قائدا قدوة في النضال
عدنا لنقاوم / نهج نضالي سيبقى مرتبطاً باسم وروح الرفيق أبو علي مصطفى وبعدها.
نعم “إننا أمام ذكرى أليمة وحزينة، ولكننا بالمقابل أمام ذكرى رجل، كرّس جلّ حياته للنضال من أجل شعبه، من أجل وطنه وقضيته، من أجل الفقراء والمحرومين، ومن أجل الحق والعدالة والكرامة الوطنية. إننا أمام رجل كرس جُلَ حياته ، لوضع القيم والمُثل السياسية والفكرية والأخلاقية والإنسانية موضع التنفيذ. أبو علي الفلسطيني القومي العربي الأممي بدأ مسيرته محارباً من أجل تحرير وطنه من الاحتلال الصهيوني، واستشهد محارباً على أرض الوطن”.
“أيها القائد الذي اختار هو مكان استشهاده. فأرض الوطن هي الأكثر دفئاً، وهي التي تحول جثمان الشهيد إلى آلاف ومئات آلاف البنادق، وإلى ملايين حبوب الحنطة، وزهور الليمون”. هكذا وصفوك رفاقك من حركة التحرر العربي عند رحيلك.
جاء صاروخ الغدر والخيانة، صاروخاً يحمل في طياته كل أشكال الحقد والكراهية للإنسانية، لتعاقب أبو علي مصطفى على نهجه الثوري وخطه الوطني.
نعم نال الصارخ الجسد الطهور فمزقه وسالت دماؤه ينابيع، ولكن تحولت فتات لحمه الى رسائل تحمل الأمل والحب في الحياة والحرية. كانت قطرات دمه ماء يرتوي به كل ظمآن للحرية والتضحية والنضال.
فجاءت أصوات رفاقك تناشد روحك ودمك وجسدك:واننا على العهد يا رفيقنا سائرون. وسنبقى الاوفياء لمبادئك وافكارك ونهجك.
نعم انهم سائرون على خطاك في تحرير الأرض والانسان.
نعم صدقوا ما عاهدوك عليه
فنم قرير العين يا قمر الشهداء
* الرفيق فرج اطميزه / أمين عام الحزب الشيوعي الأردني
*الرفيق جميل مجدلاوي القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
مجدلاوي*: حين صاح أبو علي مصطفى بالجندي السوري «انتباه يا عسكري»
سأقدم شهادات حية ومباشرة عن الرفيق الشهيد أبو علي مصطفى وبدون أية مقدمات:
الشهادة الأولى: عن تواضع الرفيق، ورفاقيته العالية:
في عام 1979 وكان الرفيق أبو علي يكتب أحد أقسام التقرير الذي سيقدم للمؤتمر الرابع للجبهة، أراد أن يبتعد عن المكتب ليتفرغ بضعة ساعات لكتابة التقرير، فطلب من الرفيق ملّوح يومها مفتاح شقته، وبعد ثلاث ساعات اتصل بنا في مكتب قيادة الأرض المحتلة ودعانا ملّوح وأنا، وكنا لا زلنا «عزّاباً» لغداء أعده بنفسه، وذهبنا فعلاً، وتغدينا ثلاثتنا بأحلى صحن مجدّرة.
الشهادة الثانية: عنفوان المناضل ونظافة يده:
في إحدى الاستعصاءات أو الأزمات المالية التي مرّت بها الجبهة، وتقطعت فيها صرف مخصصات المناضلين المتفرغين في الجبهة، علم أحد أقرباء الرفيق أبو علي بحقيقة أوضاعنا المالية، فبادر بإرسال مبلغ محترم للرفيق أبو علي شخصياً، فما كان من الرفيق أبو علي إلا أن سلّم المبلغ للمسؤول المالي طالباً منه إيصال بقيمة المبلغ باعتباره تبرعاً للجبهة مع الشكر للمتبرع.
الشهادة الثالثة: البعد الإنساني في حياته وممارسته:
في آخر دورة للمجلس المركزي وقد عقدت في غزة صيف العام 2000، وبعد الثانية عشر ليلاً، تذكر أنه لم يأخذ دواءه في موعده، ولابد أن يأكل شيئاً قبل أن يتناول دواءه، فقلت له، نطلب من المطبخ شيئاً لنأكله، فقال لي، خلّي العمال مرتاحين، قلت له، إذن نذهب إلى بيتنا ولم يكن بعيداً عن الفندق، فقال لي لماذا تزعج إم محمد بعد منتصف الليل، فلم يبق سوى أن نخرج من الفندق، ويتناول الرفيق سندويشين من الفلافل.
الشهادة الرابعة: الشجاعة ورباطة الجأش:
أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 1982، ذهبنا بمعية الرفيق أبو علي إلى مناطق البقاع والجبل اللبناني وفي إحدى المواقع التي يتواجد فيها الجيش السوري فوجئنا بإطلاق النار على سيارتنا، فقفز الرفيق أبو علي من السيارة متوجهاً نحو الجندي الذي يطلق النار، صائحاً به انتباه يا عسكري، فما كان من الجندي إلا أن أوقف النار مرتبكاً، وعندها طمأنه الرفيق وربت على كتفه بعد أن رجاه الجندي بأن لا يبلغ مسؤوليه، وأعتقد أنه لولا رباطة جأش الرفيق أبو علي ومبادرته الشجاعة، لاستمر إطلاق النار بكل ما يمكن أن يترتب عليه من نتائج.
*الرفيق جميل مجدلاوي القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
*عبدالعزيز خضر مسؤول دائرة الرقابة المركزية في حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
خضر*: كان يخفي خلف هذا الوجه الباسم صلابة نادرة وحزما واصرارا قل نظيره
في يوم استشهاد الرفيق ابو علي مصطفى 27/8/2001 كنت ببغداد بصحبة الرفيق سامي عوض الله في مهمة حزبية واستأذنته في حينه للذهاب إلى أحد الأماكن لقضاء حاجة خاصة بعملي، وفي أثناء ذلك اتصل بي الرفيق طالبا مني الحضور فورا لامر هام وصوته يظهر ان هنالك امر جلل قد حدث يستدعي عودتي ففعلت وعدت سريعاً، فوجدته والدموع تملأ عينيه…سألته: ما الأمر؟ فقال لي لقد تم اغتيال أبو علي.
نزل علي الخبر نزول الصاعقة، فكان قرارنا الفوري ان يجب علينا العوده الى عمان لمتابعة تداعيات الموقف عن قرب فهذا أبو علي الأمين العام للجبهة الشعبيه والذي اغتاله العدو الصهيوني لما يمثله قائد كابو علي في الداخل…فاخذ شريط الذكريات بالتداعي أمامي.
حول تلك الايام التي عرفت بها أبو علي عن قرب، حيث أن وجودي ببغداد وعودتي إلى الأردن، لم تسمح لي بمعرفته كثيرا عن قرب رغم معرفتي به كنائب للأمين العام وعضو بالمكتب السياسي للجبهة من خلال زياراته الرسميه للعراق في السبعينيات، إلى أن أقام ببغداد مسؤولا لما كان يسمى بالقيادة الخلفيه للجبهة أثناء اندلاع الحرب الأهليه بلبنان أواسط السبعينات من القرن الماضي، فاكتشفنا فيه خصالا لا توحي بها ملامحه اللطيفة. فقد كان يخفي خلف هذا الوجه الباسم صلابة نادرة وحزما واصرارا قل نظيره….صارما في المواجهه لا يعرف التنازل او المهاوده مبدئي الى ابعد الحدود بوصلتهم فلسطين ولا يحيد عن ذلك….منضبط لا يعرف التسيب الحزبي ملتزم بنظام الحزب الداخلي وبرامجه وسياساته. كان له مكتب داخل مكتب الجبهة، كان اول الحضور الى المكتب صباحا ومساء، فيما مسؤول المكتب يأتي متأخراً رغم أن سكنه قريب ولا يحتاج سيارة تقله. اذا نظرت الى مكتبه وجدته نظيفا لا أوراق عليه حيث كانت لا تمكث عليه طويلا كان مرتبا منظما دقيقا في عمله.
*عبدالعزيز خضر مسؤول دائرة الرقابة المركزية في حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني