أخبار عربية

السعودية من انغماس في الوحل اليمني إلى مغامرة “حرب إقليمية” في سورية

الخبر الذي نقلته شبكة CNN الأمريكية نقلاً عن مصادر سعودية أكدت وجود أكثر من 150 ألف جندي، معظم الأفراد سعوديين مع قوات مصرية وسودانية وأردنية داخل السعودية حالياً، وأن هذا يأتي كجزء من إعدادها لمكافحة تنظيم “داعش” في سورية. هذا الخبر لم يكن ليمر مرور الكرام على المراقبين، خاصة أنه يأتي بعد أقل من 24 ساعة على تصريحات أحمد العسيري الناطق باسم القوات السعودية في الحرب على اليمن، والتي أكد فيها استعداد بلاده لخوض حرب برية ضد تنظيم داعش في سورية.

ويرى الكاتب عريب الرنتاوي في مقال نشر اليوم في جريدة الدستور، أن الحديث السعودي عن 150 ألف جندي، هو قوام القوة البرية المقترحة، يطرح تساؤلاً حول إمكانية تجميع هذا العدد. ويضيف الرنتاوي “في اليمن، وحيث امتلكت السعودية تفويضاً دولياً لحفظ خاصرتها الجنوبية الضعيفة، لم تنجح المملكة في حشد هذه القوة، واضطر بعض حلفائها للاستعانة بـ “بلاك ووتر” لجلب مزيد من “المقاتلين في سبيل الحرية” … ماذا عن سوريا، المهمة أصعب بلا شك، والتردد والتحفظ سيطبعان مواقف الدول الحليفة، من ماليزيا حتى الباكستان، مروراً بمصر والأردن وربما بعض دول الخليج ذاتها”.

ويضيف الرنتاوي: هي تركيا التي يمكن أن تحدث فرقاً، وهي تركيا التي يمكن أن تقلب “المقترح” السعودي رأساً على عقب. إن قُدّر لهذا المقترح، بعد “الترحيب” الأمريكي المفتوح، أن يجد طريقه للترجمة، فإننا سنكون أمام “سياسة حافة الهاوية”، التي قد تستجر المنطقة برمتها إلى أتون حرب إقليمية شاملة، وربما تشعل شراراتها حرباً بين العملاقين، يجهد الكبار في تحاشيها بكل ثمن وتحت أي ظرف.. ولهذا يمكن القول، إنه بالقدر الذي يثير فيه المقترح ارتياح بعض المتحمسين لحسم الحرب ضد التحالف الروسي – الإيراني – السوري، بقدر ما ينتج هذا المقترح، ومن داخله، عوامل تعثره و”لا واقعيته”.

وفي مقاله في جريدة الغد تحت عنوان: “هل تغامر السعودية؟” أشار الكاتب فهد الخيطان إلى أن الوضع في سورية مختلف تماماً عن اليمن، والتدخل العسكري وحتى وإن كان مبرره محاربة “داعش” في سورية، فهو يعني أيضاً مواجهة مفتوحة مع إيران وروسيا والجيش السوري، وحزب الله.

ويضيف الخيطان “بمعنى آخر الانتقال من مرحلة الحرب بالوكالة مع إيران إلى الحرب المباشرة. وفي ضوء التسريبات عن حجم وعديد القوات المرشحة للمشاركة في العملية، يبدو جلياً أن الهدف من التدخل يتعدى القضاء على”داعش”، وصولاً إلى فرض توازن جديد لميزان القوى ميدانياً لصالح قوات المعارضة المحسوبة على الرياض.

ويلفت الكاتب الخيطان في مقاله إلى أن “تركيا تبدو مشلولة تماماً في الشمال، وعاجزة عن إسعاف القوى الحليفة لها، ناهيك عن انشغالها بالتحدي الكردي؛ داخلياً وخارجياً. أما الولايات المتحدة، فيبدو من تصريحات الرئيس أوباما المرحبة بالتدخل السعودي عدم نيّتها المجازفة عسكرياً في سورية، والاكتفاء بالضربات الجوية لشل قدرات “داعش”، تاركة المسرح للروس لفرض وقائع جديدة ربما تساهم آجلاً أم عاجلاً في دفع الجميع إلى طاولة المفاوضات كخيار لا بديل منه.”

ويختم مقاله بالتساؤل: هل تقدم السعودية حقاً على هكذا مغامرة؟

الدكتور موسى العزب عضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية أكد في تصريح خاص لـ نداء الوطن، أن المعطيات والقدرات والوقائع على الأرض وتورط السعودية بعدوان مُكلف في اليمن، وتعرّض مناطق جغرافية في جنوب السعودية لاختراقات كبيرة، تُظهر صعوبة وقوع تدخل قوات سعودية على الأرض، مضيفاً “أعتقد بأن إعلان السعودية عن استعداد قواتها للتدخل البري في سورية إلى جانب “الحلفاء”، يهدف إلى تطمين جماعاتها في سورية بأنها تقف إلى جانبهم، بعد تعرضهم لهزائم متلاحقة وظهور مؤشرات انهياراتهم. ويأتي ذلك خاصة في ظل غياب موقف أمريكي واضح وتردد تركي ميداني.”

ولفت العزب إلى أنه من الصحيح أن السعودية المأزومة والمعزولة عالمياً ممكن أن تقدم على مغامرة متهورة في سورية، ولكن يقف أمام ذلك عدد كبير من المشاكل والمعيقات الذاتية والموضوعية، ومن الصعوبة أن تقدم القيادة السعودية على الدخول في حرب صريحة ضد “داعش” دون أن تعرض خطابها وتحالفاتها المذهبية وتعبئة مجتمعها وجيشها التكفيرية للخطر والانقسام.

وفيما يتعلق بالموقف الأردني نوه الدكتور العزب إلى أنه من الصعوبة أن يندفع الأردن في مغامرة برية في سورية وهو يأخذ بعين الاعتبار بأن سورية قد أعلنت بوضوح رفضها لمثل هذه التدخلات، وهددت بضربها، والأردن يدرك جيداً بأنه لا يمتلك عمقاً جغرافياً يمكّنه من المناورة البرية، وقد يلعب دوراً دفاعياً عن عمق السعودية وتشكيل عمق لوجستي لها في حالة تهورها في عمليات عسكرية في المنطقة.

وزير الخارجية السوري وليد المعلم أوصل رسالته بحسم واضح: “أي تدخل عسكري في سورية دون موافقة الحكومة السورية يعني عودة هؤلاء إلى أوطانهم بصناديق خشبية”. فهل ستشهد المنطقة حرباً إقليمية تخلط كافة الأوراق، أم ستعود كافة الأطراف إلى جنيف أواخر هذا الشهر ولكن بعد أن تكون المعطيات على الأرض قد فرضت أجندة جديدة للتفاوض. الأيام القليلة المقبلة كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى