68 خطوة باتجاه فلسطين.. باتجاه عودتنا.. والعنوان “المخيم”
في لقاء مع أحد الوفود التضامنية التي زارت فلسطين، وتحديداً في رام الله، وخلال تبادل الأحاديث سألني أحد المتضامنين سؤالاً بدا للحاضرين بالسؤال التافه ولكنه في التفاصيل يحمل الكثير من المعاني المبطنة, قال لي، بعد ستين عام من التهجير والمعاناة والقتل وكل هذه الدماء ألم تملّوا؟
عَلت علامات الاستغراب الحاضرين متلهفين لسماع الجواب، ظانين أن جوابي سيكون حدياً وأجيب بالنفي, ولكني بكل هدوء أجبته, سأدعك تعرف الإجابة لوحدك بعد الغداء, ستسمع الجواب من أطفال المخيم.
بعد وجبة المسخن, والتي أيضاً خلال تناولها تطرّق البعض إلى تاريخها وارتباطها بالهوية الفلسطينية ومحاولات الاحتلال لتسويقها على أنها طبخة “إسرائيلية” أمام العالم, توجهنا إلى مخيم قلنديا لعمل جولة ميدانية والتعريف بأوضاع المخيمات والإطلاع على الوضع في المدارس تحديداً.
كانت المدرسة تقيم اليوم السنوي لطلبتها المسمى باليوم المفتوح والذي يشمل معارض فنية ووطنية يقيمها الطلاب ويتم تكريم المتفوقين من الطلبة, وأثناء الجولة وإبداء الوفد انبهاره بقدرة الأطفال على تجسيد فلسطين في كافة الأعمال الفنية من لوحات أو أشكال زخرفية بحيث لم يكن هناك عمل إلا ويوجد فيه ما يرمز إلى فلسطين, أثناء ذلك حضر أحد المعلمين يخبرنا أن هنالك عرض مسرحي يقيمه الطلبة، فتوجهنا على الفور إلى الساحة وتمترسنا على الكراسي بانتظار العرض.
كان المشهد عبارة عن خيمة صغيرة وسط اللوج ويافطة صغيرة مكتوب عليها أهلاً بك في مخيم السخنة, في الخيمة كان يجلس طفل وطفلة لم يبلغا من العمر أكثر من عشر سنوات, يؤديان دور زوج وزوجة, الزوجة تقوم بإعداد الطعام، بينما زوجها منهمك بقراءة شيء ما بين يديه, تنهره الزوجة أكثر من مرة أن يقوم لإحضار بعض الحطب، ولكن هو في عالم آخر, بعد عدة محاولات، تستشيط الزوجة غضباً فتقوم مسرعة باتجاهه وتسحب الورقة من يده وتقول ما الذي يشغل بالك وما الذي تقرأه, ينظر الزوج بكل برودة أعصاب إلى زوجته ويقول “هاتي الورقة يا مرا, الزوجة ما زالت في حالة غضب فترفض أن تعيد الورقة إلا إذا أخبرها ماذا يوجد فيها, ينهض الزوج مسرعاً نحو باب الخيمة يتلفت خارجاً ثم يعود مسرعاً إلى مكانه, يشدها من يده ويجلسها بجوراه ويقول: اسمعي شو بدي أخرفك هاظ بيان الليلة توزع, بيان للفدائية, بقوله فيه إنه بدهم إيانا نلتحق بصفوف الثورة, صفنت الزوجة قليلاً في وجه زوجها وقالت: وإنت شو بدك تعمل؟
قالها بدي أروح, بدي أروح وأرجع فلسطين, مش منطق انظل قاعدين بالخيمة هاي, بدي أروح وان شالله ما بطول, خليني أقوم أجبلك شوية حطب قبل ما أتسهل، وقبل أن يهمّ بالوقوف على قدميه, سارعت الزوجة لتمسك بيده وتقول: وقف شوي.. فش داع للحطب.. منتغدى بفلسطين.. هيني جاي معك.