وكالة الغوث تمرض ولا تموت
المتابع لاخبار الوكالة في السنوات الاخيرة، وتهديدات الولايات المتحدة على لسان ترامب بانهاء عملها ومن ثم وقف الدعم المالي المفروض تقديمه خلال عام 2019, ودعمها السياسي اللامحدود لسعي الكيان الصهيوني لانهاء الوكالة واستبدالها بالمفوضية , ومن ثم الضخ الاعلامي اللامتناهي بان الوكالة تعاني من عجز مالي سيعيق استمرار عملها الا اذا تم تقليص خدماتها في المجال الصحي والاجتماعي والتعليمي , ومن ثم اقناع العالم بان من يقود قطاعات الأونروا في الاردن وسوريا وفلسطين وقطاع غزه قد أثبت عليهم تهم الفساد في الإدارة وان هناك تحقيقات دولية في هذا الموضوع , وتتلخص نتائجة بأن الاموال التي تتبرع بها دول العالم للاجئين الفلسطينين يتم استخدامها لاغراض شخصية ومكافئات ومصاريف سياحية واستجمام , لذلك قامت العديد من الدول الاوروبية الداعمة للوكالة بوقف مخصصاتها السنوية او حتى الدعم اللامشروط الذي يقدم تحت مسمى حالات انسانية عاجلة , وأدى ذلك الى اعطاء تصورلدى العالم أجمع أن الوكالة تمر في حالة موت سريري وأن الوضع ميؤوس منه وأن القادم مظلم وقد تكون ثماره إنهاء وكالة الغوث .
واعتقد الجميع ان مؤتمر الامم المتحدة لمناقشة استمرار الوكالة من عدمه أنه سيكون اللحظة التاريخية التي تتنظرها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لإعلان موت وكالة الغوث والتخلص من تاريخ امتد لاكثر من سبعين عاما كان يذكر العالم بمعاناة شعب تعرض للاحتلال والتمييز العنصري والتشريد والقتل والتعذيب والسجن وكل اشكال القمع على يدي الكيان الصهيوني وبدعم من الولايات المتحدة واصدقائها , الا ان ثمار المؤتمر كانت لصالح استمرار وكالة الغوث لثلاث سنوات قادمة وبأغلبية ساحقه فاقت 95% من اصوات الدول المشاركة بالتصويت .
وبناء على ذلك القرار التاريخي بدأت الوكالة تستفيق من حالة الموت السريري التي تمر بها حيث بدأت تتدفق عليها الأموال التي جمدتها بعض الدول المانحة من طرف ومن طرف آخر قدمت عدد من الدول الاوروبية المساعدات المالية لتستطيع الوكالة تجاوز أزمتها المالية التي فاقت 90 مليون دولار لعام 2019 . ولينعكس ذلك على بعض القرارات الإيجابية والمتمثلة في اعادة عدد من الموظفين المفصولين من قطاع غزة الى عملهم وفتح باب التعيين للموظفين الجدد في مجال التعليم في بداية الفصل الدراسي الثاني يناير2020 والإعلان عن ان الارباح السنوية لأموال الموظفين التي يتم استثمارها لعام 2019 قد فاقت 15% .
ولكن في المقابل لازالت العديد من التقليصات التي تعرضت لها اجهزه الوكالة من مؤسسات ومراكز صحية ومدارس، مستمرة وتحتاج الى قرارات وسياسات جديدة لإعادة احيائها ليستفيد منها اللاجئين الفلسطينيين في مناطق الشتات المختلفة .
اخيرا فان وكالة الغوث هي قضية شعب وليست مجرد مؤسسسة تم تشكيلها لتقديم خدمات ويمكن انهائها بقرار مرتبط بمصلحة او موقف ما , وان وكالة الغوث قد تمرض ولكن لا تموت