وقفة مع خطاب “القلّابات” والكراهية! / ماجد توبة
لم أصدق عيني وأنا أقرأ تعليقا لمسؤول سابق أمس يقترح فيه، هكذا بكل بساطة! “تحميل اللاجئين السوريين في قلابات ورميهم خارج الحدود”، وذلك حلا للأزمة الاقتصادية!!
سبق وأن قرأت تعليقات ومداخلات لهذا المسؤول السابق ولغيره على مواقع التواصل الاجتماعي، كما في تعليقه المذكور الأخير، وقد كانت تصريحات مشابهة بمنطلقاتها. لا يقدر فيها مثل هؤلاء “النخبويين” خطورة وفجاجة ما يطلقونه من كلمات وتوصيفات ومواقف، لا يمكن تصنيفها إلا في باب “الشوفينية” والعنصرية، بل والتي يمكن أن تندرج – في حال تطبيقها لا سمح الله- ضمن الجرائم ضد الإنسانية التي يجرمها القانون الدولي.
يمكن أن تتوقع مثل هذه التعليقات والمواقف المتهافتة من أناس عاديين، ليسوا مسؤولين أو سياسيين أو مثقفين، وتدرجها حينها ضمن سياق الهذر و”فشّات الخلق”، أو التعبيرات الغاضبة لبعض الانفعالات لأناس عاديين لا يتحلّون بوعي عميق، ولا يمكن لأحد أن يحمل مجتمعا أو نخبة سياسية أو حكومة مسؤولية وذنب ما يتفوهون به.
لكنك لا يمكن أن تقبل مثل هذه التصريحات والتعليقات “الشوفينية” من شخصية سياسية أو مسؤول سابق أو حالي، لا يقدر خطورة ما يتحدث به، ولا تأثيراته الإنسانية والسياسية السلبية، والتي تتعاظم خطورتها وتأثيرها السلبي من كونه كان مسؤولا رفيعا، وربما افترض البعض أنه يعبر عن موقف رسمي، أو على الأقل رغبة أو توجه رسمي كامن، وهو أمر بلا شك غير صحيح ولا دقيق، ولا يعكس إلا سقطة شخصية من صاحبها.
خطورة مثل هذه التعبيرات والمواقف الشوفينية هي في ما تثيره من موجات كراهية ضد بعض المكونات المجتمعية، أو ضد اللاجئين السوريين، وهي تهيئ، عندما تصدر عن بعض من يحسب على النخب السياسية والوطنية، بصورة ما أرضية خصبة للكراهية ومواقف عدائية نظرية أو ضمن الوعي يمكن أن تتحول في أي لحظة، إن لم تجد جهدا مجتمعيا ورسميا يتصدى لها، ترجمة خطيرة على الأرض وفي الواقع.
ثمّ؛ لا يمكن حرف النقاشات الوطنية حول الأزمة الاقتصادية والسياسية التي نمر بها، إلى خلق أزمات وحروب دونكيشوتية مع اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل وصروف الدهر لتلقي بهم في غياهب اللجوء والمعاناة. نعم ثمة أزمة وأعباء لدينا مع مشكلة اللجوء ولكنها ليست مع اللاجئين!
هذه السقطات في التعليقات والمواقف التي يعبر عنها بعض المسؤولين السابقين تعيد الى الواجهة جدل آليات تصعيد النخب والمسؤولين، وعقمها في الكثير من الحالات، لاستنادها إلى حسابات وأبعاد غير موضوعية ولا مؤسسية.