مصر: البرلمان يُسقط عضوية «نائب التطبيع»
انتصر مجلس النواب المصري، يوم أمس، للإرادة الشعبية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، إذ وافق، بغالبية أعضائه، على إسقاط عضوية توفيق عكاشة، الذي بات معروفاً باسم «نائب التطبيع»، بعد لقائه السفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورين، في ما اعتُبر سابقة في تاريخ العمل البرلماني في مصر.
وأعلن رئيس مجلس النواب علي عبد العال أنه تم إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة بشكل رسمي، وذلك بموافقة 465 نائباً، في مقابل رفض 16 نائباً، وامتناع تسعة نواب عن التصويت، وبالتالي خلو مقعده الانتخابي في الدائرة الرابعة ومقرها طلخا ونبروة في محافظة الدقهلية في دلتا النيل.
وأوضح عبد العال أنه خلال الجلسة المسائية توافرت الغالبية المطلوبة دستورياً لإسقاط العضوية البرلمانية، وهي ثلثا أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 596 نائباً.
وتنص المادة 110 من الدستور المصري على أنه «لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتُخب على أساسها، أو أخلَّ بواجباتها… ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء».
وأثار قرار إسقاط العضوية عن عكاشة جدلاً برلمانياً، باعتبار أن لا نص دستورياً صريحاً يفرض هذه العقوبة على عضو في مجلس النواب في حال لقائه سفير دولة أجنبية.
لكن رئيس البرلمان علي عبد العال أوضح أن إسقاط عضوية عكاشة «لا يتعلق بلقائه سفير إحدى الدول الأجنبية، وإنما بالأمور المتعلقة بالأمن القومي التي تناولها النائب خلال اللقاء» مع السفير الإسرائيلي.
وكان عكاشة، الذي يملك قناة «الفراعين» الفضائية، قد استضاف، يوم الأربعاء الماضي، السفير الإسرائيلي حاييم كورين على العشاء، وذلك في منزله في قرية ميت الكرماء في محافظة الدقهلية.
ونشر عكاشة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للقاء، وأرفقها بعبارة «مع السفير الإسرائيلي ومناقشة حول كتابي الجديد (دولة الرب والماسونية) وقضايا عدة أخرى تهم مصر، ومن بينها أزمة سد النهضة».
وأثار اللقاء بين عكاشة وكورين عاصفة من الانتقادات، على المستويين الشعبي والبرلماني.
وتقدمت كتلة «في حب مصر»، القريبة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تضم 120 نائباً، بطلب لإسقاط العضوية عن النائب المصري المثير للجدل، فيما طالب عدد من النواب بإحالته الى النيابة العامة ومحاكمته بتهمة التخابر.
وفي جلسة عاصفة، يوم الأحد الماضي، قام النائب الناصري كمال أحمد، بضرب عكاشة بحذائه، واصفاً هذه الخطوة بأنها رسالة الى الكنيست الإسرائيلي والكيان الصهيوني، وفقاً لما قال في حديث سابق الى «السفير».
من جهته، قال النائب حسن بسيوني، رئيس اللجنة الخاصة بهذه القضية إنه «عقب الاطلاع على المستندات والمواد ذات الصلة بموضوع التحقيق، خلصت لجنة التحقيق إلى ثبوت مخالفة النائب توفيق عكاشة لأحكام الدستور والقانون ومبدأ الفصل بين السلطات».
وأضاف بسيوني أن هذه المخالفة تحققت بأن «قام عكاشة، وهو عضو من أعضاء السلطة التشريعية، بلقاء سفير إحدى الدول الأجنبية في منزله، والتباحث معه في شأن من الشؤون الديبلوماسية والدولية الجاري التفاوض في شأنها بمعرفة جهات الدولة المعنية مع دولة ثالثة على نحو يمثل مساساً وإضراراً بالأمن القومي للبلاد، وانتقاصاً من السيادة المصرية، ودعوة للغير في التدخل في شؤونها».
وأشار بسيوني إلى أن «عكاشة أقر خلال التحقيق، بمناقشة مسألة سد النهضة الإثيوبي، وما يرتبط به من مسائل، مع سفير تلك الدولة، وإطلق وعوداً في مسائل لا صلاحية قانونية له، ولا صفة له بالتكلم باسم الدولة المصرية في شأنها، فضلاً عن أنه لم يقم بإخطار مجلس النواب أو رئيسه أو مكتبه بذلك».
واعتبر بسيوني أن هذا التصرف «عرّض الموقف التفاوضي المصري في شأن مسألة سد النهضة للضرر، وأخلَّ بالمركز السياسي والديبلوماسي التفاوضي المصري وبالمصالح القومية».
وكانت لجنة التحقيق البرلمانية قد أوصت بحرمان عكاشة من الاشتراك في أعمال المجلس حتى نهاية دور الانعقاد الحالي، والذي ينتهي في تموز المقبل، لكن مجلس النواب رفض هذه التوصية، وعقد جلسة للتصويت على إسقاط العضوية.
يذكر أن توفيق عكاشة كان دائماً محل جدل، وفي أحيان كثيرة محل تهكّم، بسبب آرائه في «ثورة 25 يناير»، وآرائه الغريبة عبر قناة «الفراعين» التي يملكها.
وبدأ عكاشة حياته الإعلامية في العام 1990، حين كان مقدماً لبرنامج «أحزاب وبرلمان» على التلفزيون المصري، قبل أن يؤسس قناة «الفراعين» في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وبعد «ثورة 25 يناير»، تحوّلت قناة «الفراعين» الى منبر للهجوم على شباب الثورة، الذين اتهمهم بتنفيذ مخططات «ماسونية» و «صهيونية» لهدم مصر، على حد زعمه.
وعقب صدور قرار إسقاط العضوية عن عكاشة، أعلنت قناة الفراعين وقف برامجها بصورة نهائية وعرضها للبيع. وبثت القناة الفضائية إعلاناً، على خلفية سوداء، جاء فيه: «تتقدم قناة الفراعين بالشكر إلى الشعب المصري العظيم، وإلى مشاهديها في كل مكان في الأمة العربية، وتعلن إيقاف بث برامجها بصفة نهائية، حيث قرر مجلس الإدارة تصفية أعمال القناة وتجميد أنشطتها وعرضها للبيع. وتتقدم بخالص الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي».
وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام مصرية، نقلاً عن مصدر حكومي، أن مجلس إدارة المنطقة الإعلامية الحرة التابعة للهيئة العامة للاستثمار سيعقد اليوم اجتماعاً لاتخاذ القرار المناسب بشأن وقف بث قناة «الفراعين» بناءً على خمس شكاوى قُدمت ضدها على خلفية التطبيع مع إسرائيل وتجاوزاتها ضد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
نقلاً عن جريدة السفير