- أبو دقة: الأدوات السلمية أعطت للمسيرة الزخم أمام العالم لهذا العمل الإبداعي، والذي عبّر عن قضيتنا مع العدو. وأضافت شكلًا نضاليًا نوعيًا في مقاومتنا للاحتلال
- المالحي: لا يمكن أن يتنازل الشعب الفلسطيني عن حقوقه السياسية مقابل جوانب إنسانية. كما أن الحل الآت يتطلب من الكل الفلسطيني العودة إلى الثوابت الوطنية الفلسطينية
منذ 30 آذار لهذا العام، ولما يزيد عن 34 أسبوع حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، يتظاهر الفلسطينيون في قطاع غزة المحاصر بشكل أسبوعي، فيما أسموه مسيرات العودة وكسر الحصار. أسلوب جديد من أساليب النضال الفلسطينيين ابتدعه الغزّيّون أجبر المنظومة الدولية، بما فيها سلطات الاحتلال، على الإقرار بحقّهم في النضال وكسر الحصار.
“إن هذا الإبداع الفلسطيني المتمثل بمسيرات العودة يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، وعلى الرغم من الحصار الجائر الذي يفرضه الاحتلال، وبعض العربان ومحاولات كي الوعي الفلسطيني، بأن الفلسطيني متمسك بحقه في العودة وتقرير المصير”، كان هذا ما استهل به عماد المالحي، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، حديثه لـ”نداء الوطن” حول مسيرات العودة في قطاع غزة.
من جهتها تقول مريم أبو دقة، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن “المسيرات حققت إنجازات فلسطينية كثيرة أبرزها إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية التي اعتقد الكيان الصهيوني أن حق العودة أصبح من الماضي، ومن الممكن أن يتجاوزه في غفلة من الزمن، إلا أن المسيرات أبرزت بقوة أن حق العودة مغروز في عقول وقلوب كل فلسطيني؛ الطفل والشيخ والمرأة والرجل، ولم تتحقق نبوءة جولد مائير(الكبار يموتون و الصغار ينسون)، فنجد الأطفال في مقدمة الصفوف للمطالبة بحق العودة.”
مسيرات العودة.. فكّ الحصار أم تثبيت حق العودة؟
يقول عماد المالحي؛”إذا كان السؤال عن الجدوى من هذه المسيرات فلنقرأ حجم الأزمة التي يعيشها الاحتلال نتيجة الطائرات والبالونات الحارقة، والحشود الهائلة التي تخرج مطالبةً بحقها في العودة لديارها التي هُجّرت منها، ولنقرأ ما قاله يسرائيلكاتس، وزير الاستخبارات الصهيوني؛ (“لا معنى أن يكبر الأطفال الإسرائيليون على وقع صفارات الإنذار”)، بالإضافة لما يقوله الاحتلال عن تأثير هذا الفعل الفلسطيني على مستوطنات غلاف غزة.”
ويرى المالحي أنه “لا يمكن الفصل بين أهداف مسيرات العودة المطالبة بكسر الحصار لما لهذا الحصار من آثار سلبية تعمل على تقويض مقومات صمود هذا الشعب العظيم كفعل تكتيكي، وبين الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وفي المقدمة منها حق العودة وتقرير المصير”، ويتابع، “لا يمكن أن نقرأ هذه المسيرات في إطار محاولات البعض استثمارها لتحسين مواقفه، وإنما علينا أن نقرأها في إطار فهمنا بأنها صيرورة مستمرة لتحقيق الهدف الاستراتيجي.”
ويقول، “إنه من الخطأ عزل ما يجري في غزة عن حملة الاعتقالات التي يقوم بها الاحتلال يوميًا في الضفة الغربية والقدس، والحراك في الأراضي المحتلة عام 1948، كما أنه يجب أن يُقرأ في سياق التصدي للمشروع الأمريكي المسمى صفقة القرن.”
بدورها تقول مريم أبو دقة: “إن مسيرات العودة هي شكل نضالي جديد وهام يقدمه الشعب الفلسطيني منذ العقدين الأخيرين، وقد حققت من الإنجازات أنها: أعادت الوحدة الوطنية بأروع صورها بالميدان، وأبرزت المخزون النضالي في قمته ووحّدت لأول مرة رايته (علم فلسطين) فشارك بها كل ألوان الطيف وكل الفئات الاجتماعية. كما أنها وفّرت ديناميّات حيوية لرفع الاجراءات العقابية والحصار عن غزة، وأظهرت الوجه القبيح لدولة الكيان الصهيوني وجرائمه أمام العالم بما يقترفه بالشعب الفلسطيني.”
وتتابع حول إنجازات مسيرات العودة قائلة: ” لقد طورت المسيرات باكورة العمل الوطني، وإن استمرت مشاهد الانقسام حاضرة. بالإضافة إلى توظيف طاقات الجماهير والأحزاب بشكل هائل في المسيرات. كما أظهرت إبداعات أبناء شعبنا وطرق نضاله التي أذهلت العالم وبوسائل بسيطة وأثبتت للعالم مدى تمسك شعبنا بحقه.”
وترى أبو دقة أن؛ “الأدوات السلمية أعطت للمسيرة الزخم أمام العالم لهذا العمل الإبداعي، والذي عبّر عن قضيتنا مع العدو. وأضافت شكلًا نضاليًا نوعيًا في مقاومتنا للاحتلال، وتم تحويل كم كبير من الشباب المحبط إلى نموذج بطولي”، مُضيفةً أن ضعف وحالة الإرباك للعدو دفعته للتصعيد، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة أبناء شعبنا. كما ترى أن إشراك المقاومة الشعبية لكل قطاعات شعبنا أسهم في التصدي لصفقة القرن، وأصبحت القضية الفلسطينية على سدة جدول أعمال المجتمع الدولي، إضافة إلى الدور الفعال للمرأة والشباب؛ ما غيّر الرأي العام ليتجه لصالح الشعب الفلسطيني. وتستدرك قائلةً: “فك الحصار هو هدف تكتيكي ومرتبط بالهدف الاستراتيجي – حق العودة – و يجب الاستمرار في النضال لكسر الحصار من أجل تعزيز صمود شعبنا ومقاومته.”
الدور القطري والوساطة المصرية في غزة
أما فيما يتعلق بالدور القطري فيرى المالحي أنه دور مشبوه، ويقول: “إن هذه قطر التي باتت وظيفتها تمرير المشاريع الإمبريالية الأمريكية وحليفتها إسرائيل في المنطقة، تحاول كسب الودّ الأمريكي في ظل مقاطعة مصر والسعودية، وبعض دول الخليج، وذلك من خلال سعيها لتسويق صفقة القرن. كما أنها ترغب أيضًا بتمرير مشروع الحل الاقتصادي من خلال دعوتها لفتح سوق العمل الإسرائيلي واستقبال العمالة الفلسطينية، والأكثر من هذا الدور المشبوه بأن تعمل على تهديد الشعب الفلسطيني بأن الكيان الصهيوني سيقوم بشنّ عدوان على القطاع في حال استمرت المسيرات”، مُضيفًا، “وظيفة الدور القطري باتت مكشوفة، وهي تمرير صفقة القرن عبر البوابة الإنسانية.”
أما فيما يخص الدور المصري، فيرى المالحي أنه دور ملتبس ومركّب؛ إذ تريد الدولة المصرية تأمين أراضيها في سيناء من أي تهديدات قد تأتي عبر غزة، وتريد أيضًا استعادة مكانتها الإقليمية من خلال الدور الذي تلعبه في غزة، وبنفس الوقت تخشى من سحب ورقة المصالحة الفلسطينية من بين يديها لصالح خصومها. ويستدرك قائلًا: “رغم عدم إنجاز مشروع المصالحة الذي ترعاه مصر حاليًا، إلا أن الدور المصري دور هام للغاية بالنسبة للقطاع بحُكم الموقع الجغرافي، لكن الإشكالية الحقيقية أنه يتم التعامل مع غزة كملف أمني بشكل حصري، وليس كملف سياسي، إضافة إلى محاولة ضبط إيقاع المسيرات في غزة حتى لا تخرج عن نطاق السيطرة، لكن لا يمكن أن تمرّ المناورات المصرية على الشعب الفلسطيني الذي قدّم هذا الكمّ من الشهداء.”
ويؤكد المالحي أنه؛ “لا يمكن أن يتنازل الشعب الفلسطيني عن حقوقه السياسية مقابل جوانب إنسانية. كما أن الحل الآت يتطلب من الكل الفلسطيني العودة إلى الثوابت الوطنية الفلسطينية، وإجبار طرفيّ الانقسام على الرضوخ للمطالب الشعبية الفلسطينية بإنهاء هذا الانقسام المدمّر، الذي كلّف الشعب الفلسطيني كثيرًا، والذي عمل على ضرب المشروع الوطني الفلسطيني”.
ويشدد؛ “على قيادة السلطة أن تغادر مربع الاستئثار بالقرار الفلسطيني، والاستناد إلى أن المفاوضات هي المدخل لتحقيق الدولة، كما أنه يجب على حماس أن تعي جيدًا أن المشاريع المشبوهة لا تخدم القضية الوطنية الفلسطينية”.
ويختم قائلًا: “إن المطلوب للتصدي لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية هو التأكيد على الثوابت الوطنية الفلسطينية وإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني المقاوم.”
وتتفق عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، مريم أبو دقة، مع المالحي حول الدور القطري، وتقول: “بالنسبة لنا الدور القطري ليس دورًا إنسانيًا بعيدًا عن الاستغلال، وهو مرتبط بأهداف سياسية خاصة، ومرتبط بعلاقات وثيقة مع الاحتلال، وما يقوم به لا يمكن دون قرار إسرائيلي، وبطبيعة الحال هناك دور مصري مختلف يجري من أجل إنهاء الانقسام و منع التصعيد « أي الوصول لتهدئة مع الاحتلال ولكن عن طريق الكل الوطني.»
أما فيما يخص الدور المصري فتؤكد أبو دقة أنه “دور مختلف حيث ملف المصالحة بتكليف من الجامعة العربية، وهو الدور المنطقي حيث فلسطين حدود مصر وأمنها القومي، إضافة إلى أن أمن فلسطين وغزة تحديدًا أمن لمصر، كما أن أي تدمير لفلسطين سيرمي بظله على مصر بكل المقاييس.”
تختم أبو دقة عن الدور المصري، قائلةً: “كل التنظيمات مجتمعة ومقتنعة بأن الدور المصري هو الذي يجب أن يرعى المصالحة، ولن يكون أي دور آخر مفيد بل سيعرقل المصالحة، كذلك وزن مصر وثقلها وموقعها يؤثر في التأثير على طرفيّ الصراع في الوصول إلى حل بالدرجة الرئيسية؛ إنهاء الانقسام.”