ماهر الطاهر القيادي في الجبهة الشعبية يكشف لـ نداء الوطن موقف الجبهة من المجلس الوطني الفلسطيني ومستقبل منظمة التحرير
انطلقت رؤية ومواقف الجبهة الشعبية، تاريخيًا، ومازالت، من المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، هذا ما بدأ به مسؤول دائرة العلاقات السياسة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ماهر الطاهر، حديثه لنداء الوطن ردًا على سؤاله عن أسباب مقاطعة الجبهة للمجلس الوطني، مضيفًا «لو أردنا أن ننطلق من مصالح فئوية وتحقيق مكاسب فئوية لكنا فكرنا بحضور المجلس الوطني الفلسطيني، ولكن انطلاقًا من رؤيتنا للمصلحة الفلسطينية العليا رأينا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن هذا المجلس وبالشكل الذي انعقد فيه، والمكان الذي انعقد فيه، تحت سطوة وفي ظل الاحتلال، وفي ظل حالة الانقسام العميق الذي تعيشه الساحة الفلسطينية، سيؤدي إلى مزيد من الشرذمة والانقسام في الساحة الفلسطينية، وسيؤدي إلى المزيد من المشكلات، وسيُعقّد إمكانية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية».
وتابع «هناك اتفاقات توصلنا إليها كفصائل فلسطينية خلال السنوات الماضية؛ وقّعنا اتفاق القاهرة عام 2005،ووقّعنا وثيقة الوفاق الوطني، التي صاغها الاخوة والرفاق الأسرى في سجون الاحتلال، ووقّعنا اتفاق عام 2011، كما اجتمعنا في اللجنة التحضيرية في بيروت، وهذا الاجتماع ضم كافة الفصائل الفلسطينية من أجل التحضير لدورة شاملة وتوحيدية للمجلس الوطني الفلسطيني»، مؤكدًا أن الجبهة لا تزال ملتزمة بهذه الاتفاقات على الرغم من عدم ترجمتها وتطبيقها.
وعن هذه الاتفاقات، قال الطاهر «اتفقنا منذ سنوات على ضرورة أن يكون هناك اجتماع لما سمي بلجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، التي تتضمن الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وأعضاء اللجنة التفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس المجلس الوطني، وشخصيات مستقلة، لكن لم يتم ترجمة ذلك أيضًا، لذلك نحن انطلقنا في رؤيتنا بمقاطعة هذه الدورة للمجلس الوطني من ضرورة تطبيق هذه الاتفاقات لكي لا نكرّس حالة الانقسام، ونزيد الأمور تعقيدًا بالساحة الفلسطينية، ودعونا لمجلس وطني توحيدي شامل، يضم كافة القوى ويعبر تعبيرًا حقيقيًا عن الشعب الفلسطيني، داخل الوطن المحتل، وخارجه، وأيضًا قلنا لابد أن يعقد المجلس الوطني بعيدًا عن سطوة الاحتلال، ودعونا لعقد دورة المجلس الوطني في الخارج، على أساس توحيدي شامل، وعلى أساس أن يضم كل المكونات السياسية للشعب الفلسطيني».
وأكد الطاهر أن الجبهة حاولت جاهدة ودفعت الأمور بهذا الاتجاه، وأجرت حوارًا مع وفد كبير من اللجنة المركزية لحركة فتح، في القاهرة، وناقشت الأمر على مدى ثلاثة أيام.
في معرض الحديث عن اللقاءات مع مركزية فتح، يقول الطاهر:»الاخوة في حركة فتح لديهم رأي بأنه لا يمكن أن يتم عقد مجلس وطني فلسطيني توحيدي وشامل ما لم يتم انهاء الانقسام، وما لم تسلم حماس السلطة بشكل كامل في قطاع غزة. نحن قلنا أن لابد من إجراء المزيد من الحوارات، ولابد من مواصلة الجهود لإنهاء الانقسام، والالتزام بالاتفاقات تحضيرًا للمجلس الوطني الفلسطيني، وضرورة أن يتم عقد اجتماعات اللجنة التحضيرية التي عقدت في بيروت، والتي اتخذت قرار في حينه بضرورة انتظام واستمرار اجتماعاتها»، مشيرًا إلى أن تلك النقاشات مع حركة فتح لم تستطع أن تتوصل إلى نتائج موحدة».
وأوضح أنه في ختام الحوارات طلبت الجبهة ضرورة أن يتم تأجيل المجلس الوطني الفلسطيني، وعدم انعقاده في الثلاثين من شهر نيسان، لإعطاء المزيد من الفرص من أجل إنهاء الانقسام، دون استجابة من حركة فتح بالنسبة لهذا الموضوع، وبالتالي اتخذت الجبهة الشعبية قرارها بعدم حضور هذه الدورة، مشددًا أن هذا لا يعني خروج الجبهة الشعبية من منظمة التحرير الفلسطينية.
أما بشأن الموقف من منظمة التحرير الفلسطينية، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية «بالنسبة لنا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فإن منظمة التحرير إنجاز، ومكسب وطني كبير يجب الحفاظ عليه، ونعمل بكل ما نستطيع للدفاع عن المنظمة ميثاقها وبرنامجها، وندعو لإعادة بناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية، وعلى أساس الشراكة الحقيقية، وعلى أساس برنامج سياسي واضح يقوم على قاعدة المقاومة، والتصدي للاحتلال، والتمسك بكل الثوابت الوطنية الفلسطينية، وإلغاء اتفاقات أوسلو، وسحب الاعتراف باسرائيل»مؤكدًا مرة أخرى «سنبقى نتمسك بمنظمة التحرير، ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني، لأن منظمة التحرير هي الخيمة، وهي المكسب القانوني والسياسي، الذي يوحّد الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، وستستمر جهودنا باتجاه الإعداد لعقد مجلس وطني فلسطيني شامل، ولن نيأس ولن نتراجع إلى أن يتم تحقيق هذا الهدف».
وعن الخطوات القادمة التي تعتزم الجبهة اتخاذها، قال الطاهر: «نحن مع الأسف نقول بأن عقد المجلس في رام الله، وبالطريقة التي يعقد بها سيعمق الانقسام، وبوجهة نظرنا قد يضعف منظمة التحرير الفلسطينية، ولذلك سنستمر بكل طاقاتنا مع القوى الفلسطينية الأخرى، وأيضًا مع الأخوة في حركة فتح، ولن نعتبر ما جرى نهاية المطاف يجب أن تتواصل الجهود لإنجاز وحدة وطنية فلسطينية حقيقية»، ويشدد القيادي الجبهاوي أن التصدي الجاد للمؤامرات المحيطة بالقضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها، وصفقة القرن، والسياسة الأمريكية، والاعتداء المتواصل للكيان الصهيوني على شعبنا، لا يمكن أن يتم من خلال مجلس وطني انفرادي، لا يمكن أن يتم إلا من خلال توحيد كل طاقات الشعب الفلسطيني وإمكانيته داخل الوطن المحتل وخارجه».
ويستدرك قائلًا: «خطواتنا القادمة هي اللقاءات مع الفصائل الفلسطينية،وتدارس السبل التي نستطيع من خلالها توحيد الصف الفلسطيني، وإنهاء مهزلة الانقسام. سنتحرّك جماهريًا كجبهة شعبية في قطاع غزة، وفي الضفة، وفي المناطق المحتلة عام 48، وفي كل مواقع اللجوء والشتات نعبىء شعبنا باتجاه ضرورة الحركة الشعبية الشاملة من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ومواجهة المخاطر الكبرى التي تعيشها القضية الفلسطينية. وسندرس بطبيعة الحال كهيئات قيادية في الجبهة، وسنتدارس مع كل الفصائل الفلسطينية ما هي النتائج والتداعيات لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بهذا الشكل، وسنحاول أن نواجه المرحلة القادمة بالمزيد من الخطوات، والحراك الشعبي، والسياسي، والإعلامي، والجماهيري، والكفاحي حتى نتمكن من توحيد الساحة الفلسطينية، ونواجه المخططات المعادية».
من جهة أخرى، قال إن الشعب الفلسطيني، ورغم الانقسام الحاصل، يوجّه رسائل للعالم أجمع، في مسيرات العودة على أرض قطاع غزة مفادها «أنه لا يمكن أن يستسلم، ولا يمكن أن يركع،وأنه مستعد لتقديم أغلى التضحيات، ولكن يحتاج لقيادة موحّده، ويحتاج لإنهاء الانقسام،ورصّ الصفوف من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، ونحن لم نيأس ولن نيأس من إمكانية تجميع الحالة الوطنية الفلسطينية، وأيضًا لن نقبل بأي صيغ موازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأننا نخشى أن يتم تحويل شعبنا إلى مجموعات سكانية. ويتابع: هناك مؤامرة تستهدف منظمة التحرير الفلسطينية، لذلك نحن نتمسك بالمنظمة، لكن على أساس ميثاقها وبرنامجها الوطني، وعلى أساس منظمة تحرير موحدة وشاملة، ومجلس وطني فلسطيني منتخب يُعبّر بشكل حقيقي عن إرادة الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه.
المجلس الوطني، والانقسام ووحدة الموقف اليساري
حول الانقسام في ظل عقد المجلس الوطني، شدّد الطاهر أن خطوة عقد المجلس الوطني بهذا الشكل، والإصرار على عقده دون وحدة وطنية، وإنهاء الانقسام، هي خطوة ستُعمّق حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية، مؤكدًا، مرة أخرى، على أن الجبهة الشعبية ستضغط كي يتحرك الشعب الفلسطيني في الضفة، وفي غزة، وفي 48 وفي كل مواقع اللجوء والشتات لإنهاء مهزلة الانقسام.
أما بشأن وحدة الموقف اليساري، قال «مع الأسف لم نتمكن من تحقيق الأمر. التقينا مع الرفاق في الجبهة الديمقراطية، والتقينا مع الرفاق في حزب الشعب، والتقينا مع الرفاق في المبادرة وفي حركة فدا، والتقينا مع القوى الديمقراطية جميعها. لكن هناك تباينات ضمن إطار القوى الديمقراطية، ولم نستطع أن نتوصل إلى موقف موحّد. نحن كجبهة شعبية قاطعنا هذه الدورة من منطلق إيماننا أنّ المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا تقتضي ألّا نساهم في تعميق الانقسام، ولكن لم نتوصّل إلى موقف موحّد بإطار القوى الديمقراطية التي اتخذت قرار المشاركة في هذا المؤتمر، وهذا يدلل أن هناك حجم من الخلافات السياسية، وخلافات في الرؤية في كيفية مواجهة هذا الوضع الذي نعيشه في الساحة الفلسطينية. الاختلاف فيما بيننا كقوى ديمقراطية يجب ألّا يعني أننا لن نستمر باللقاءات بالفترة القادمة من اجل توحيد المواقف، ومحاولة بلورة رؤى مشتركة على الرغم من كل التباينات التي حصلت فيما بيننا.»
وختم قائلًا «طبعًا نحن كنا كجبهة شعبية نتمنى أن يتم اتخاذ موقف موحد من قبل القوى الديمقراطية، ولو تم اتخاذ هذا الموقف لتغيّرت الأمور، لكن مع الأسف هذه هي النتيجة. بكل الأحوال الشعب الفلسطيني يواصل كفاحه، على الأرض وفي الميدان، موحَّدًا ويناضل في كل المواقع والأماكن. محاولاتنا لإنهاء الانقسام ستستمر وتتواصل، وعلينا في المرحلة القادمة أن ننفض الغبار عن أنفسنا، وأن يكون هناك مزيد من الحركة السياسية، والجماهيرية والكفاحية لمواجهة المخاطر التي تعيشه القضية الفلسطينية».