أخبار عربية

عن تركة العدوان

يُشكّل الانسحاب الإماراتي الجزئي من اليمن فرصة جيدة لقراءة جادة لأهداف قوى العدوان على هذا البلد العربي، فرغم شبكة الذرائع التي سوّقها المعتدون وأتباعهم من أبواق إعلامية ورسمية، يبدو الآن الانسحاب ممكنًا وطبيعيًا، رغم أن الأهداف المُعلنة ارتباطًا بتلك الذرائع لم تتحقق ولو جزئيًا.

زعمت قوى العدوان أنها ترغب بمساعدة الشعب اليمني، من خلال دعم سلطات حليفها المخلوع عبد ربه المنصور هادي، وهذا اليوم أبعد ما يكون عما آلت إليه الأوضاع، إذ أن هادي لا يكاد اليوم يمتلك سلطة على مرافقيه المقربين، والجنوب الذي سيطرت عليه قوى العدوان، لا يحكم فيه هادي على شيء، فيما تتناحر عصابات وميلشيات وتشكيلات مسلحة تتبع أطراف العدوان، وإذا كانت الذريعة الثانية هي حماية السعودية من تهديد قد يأتيها من سيطرة فريق يمني يُخاصمها على اليمن، فإن مطارات السعودية وعمقها قد بات تحت وطأة الاستهداف المباشر.

إذ تنسل قوى العدوان واحدة تلو أخرى لخارج اليمن، بداية بقطر عسكريًا وإعلاميًا، ثم الإمارات و السودان بانسحاباتٍ جزئيةٍ بعضها مُعلن وبعضها غير مُعلن.

علينا ألا نخدع أنفسنا بالقول بفشلٍ كامل لهذا العدوان بتحقيق أهدافه، إلا إذا كنّا قد صدقنا الأكاذيب والذرائع التي تم ترويجها كغطاءٍ للعدوان، كالحديث عن أمن دول الخليج أو حقوق اليمنيين، أو كنا أصلاً نتخيل أن لدى هذه الطغم الحاكمة الحد الأدنى من القدرة على اتخاذ قرارات الحرب والسلم دون إذنٍ أو أمرٍ مباشر من البيت الأبيض.

خلال أكثر من خمسة أعوام منذ بداية العدوان تم إلحاق دمار هائل باليمن، وتسوية مرافقه وقدراته بالأرض، ودفع شعبه للمجاعة، والموت بالأمراض والأوبئة، وشكّلت قوى العدوان طيف هائل من الميلشيات التي ستُؤثر سلبًا في استقرار هذا البلد لسنواتٍ قادمة.

عملت الإمارات قبل انسحابها على تقسيم اليمن، وستُواصل العمل على ذلك بعد الانسحاب، بواسطة ميلشياتها وأذرعها المختلفة.

هذا ما دخلت قوى العدوان لتفعله باليمن، منع هذا البلد من أي فرصة لمستقبلٍ حر مزدهر، وإن كانت قد أخفقت في تحقيق كامل أهدافها بفضل مقاومة اليمنيين الباسلة وصمودهم الأسطوري.

أمام الشعب اليمني طريق طويل لدحر العدوان، واستعادة هذا البلد لأدنى وأبسط مقومات الحياة، وعلينا جميعًا واجب تجاه ذلك.

 

 

 

المصدر
بوابة الهدف
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى