رغم قهر السجّان.. عشرات الأسرى يُواصلون الإضراب عن الطعام في المعتقلات الصهيونية
بظروف اعتقالية وصحيّة قاتلة
يخوض عشرات الأسرى الفلسطينيين معركة الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال، رفضًا واحتجاجًا على سياسات السجان الصهيوني الفاشية والقمعية بحقهم، والتي لا تبالي بأية قوانين دولية أو إنسانية، وتُواصل الإجراءات العقابية الجماعية والتنكيل بحقّهم.
من بين هؤلاء، يواصل 3 أسرى الإضراب المفتوح عن الطعام، منذ فترات متفاوتة، رفضًا لاعتقالهم الإداري التعسفي بدون تهمة أو محاكمة. أقدمهم الأسير أحمد غنام (42 عاماً) من مدينة دورا قضاء محافظة الخليل، والذي يُواصل الإضراب منذ 73 يومًا. في حين يخوض كلٌ من الأسير إسماعيل علي (30 عاماً) من بلدة أبو ديس قضاء القدس منذ 60 يوماً، والأسير طارق قعدان (46 عاماً) من محافظة جنين منذ 54 يوماً.
ويُواصل الأسرى الثلاثة إضرابهم وسط تحذيرات من المؤسسات الحقوقية المُتابِعة لأوضاعهم من خطورة حالتهم الصحية، التي تشهد تراجعًا يومًا بعد يومًا، إذ يُعاني المضربون من أوجاع حادة في كافة أنحاء الجسد وانخفاض في الوزن وعدم وضوح في الرؤية وضعف وهزال شديدين، وكثيرٌ منهم لا يستطيع المشي لمسافات طويلة ويستخدمون الكرسي المتحرك و”الووكر” للتنقل.
ووفق هيئة شؤون الأسرى فإنّ بعض المضربين مُصابٌ بأمراضٍ قبل الاعتقال، وهؤلاء بحاجة لمتابعة طبية حثيثة لوضعهم الصحي، كحالة الأسير غنّام الذي يشتكي من إصابته بمرض السرطان في الدم، وهناك خطورة حقيقية على حياته بعد مضي شهرين ونصف الشهر على إضرابه، بسبب ضعف المناعة لديه.
في المقابل، تتعمّد إدارة معتقلات الاحتلال المماطلة بتنفيذ مطالب المُضربين، وتُمارس بحقهم جملة من السياسات العقابية، تتمثل بعمليات النقل المتكررة بين السجون، عبر ما يُسمى “بالبوسطة”، بهدف إنهاكهم وثنيِهم عن الاضراب، إضافة إلى زجّهم داخل زنازين العزل التي لا تصلح للعيش الآدمي وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، عدا عن حملات التفتيش القمعية التي تتعمّد قوات السجون تنفيذها في زنازين المعتقلين، إلى جانب أساليب الضغط والإرهاب النفسي.
بالتزامن، يُواصل أكثر من 140 أسيرًا، بينهم قيادات، من عدّة سجون صهيونية، الإضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجًا على استمرار سلطات الاحتلال في تعنّتها إزاء تنفيذ مطالب الحركة الأسيرة، في مقدّمتها إزالة أجهزة التشويش المُسرطنة، وذلك بعد فشل عدة جلسات حوار مع إدارة السجون، التي تنصّلت مما تم الاتفاق عليه بشأن تحييد الأجهزة.
وفي الوقت الذي تُؤكد فيه الحركة الأسيرة على أنّها مستمرة بالتصعيد، ببرنامج نضالي مُتعدد الخطوات، من ضمنه الإضراب، الذي يُواصل الاتّساع، ما لم تقدم إدارة السجون حلولًا تُنهِي أزمة أجهزة التشويش المسرطنة، مع بدء تنفيذ المطالب. تُمارس سلطات الاحتلال صنوف متعددة من الضغوط على الأسرى المضربين، لدفعهم إلى التراجع عن الخطوات الاحتجاجية التي يخوضونها، وأهمها وأكثرها تأثيرًا الإضراب المفتوح عن الطعام، إذ نقلت غالبية الأسرى المُضربين من الأقسام العامّة إلى زنازين العزل. إلّا أنّ أيًا من أساليب الضغط هذه لم تُؤتِ أكلها، بل أعلنت الحركة الأسيرة في بيانٍ لها مؤخرًا أنّها تعتزم رفع سقف مطالبها إذا ما استمرّت إدارة سجون الاحتلال بسياسة المماطلة والتنكّر للمطالب الحالية.
وتُؤكّد المُؤسسات الحقوقية المعنية بالأسرى أنّ “موقف إدارة معتقلات الاحتلال مُستمد بشكل أساسي من الموقف السياسي، الهادف إلى إبقاء الأسرى كأداة للتجاذبات السياسية الحزبية، بالتزامن مع الانتخابات، إلى جانب فرض المزيد من السياسات التنكيلية والانتقامية على الأسرى الفلسطينيين لإرضاء الشارع الإسرائيلي”.
يُشار إلى أنّ معركة “التصدّي لأجهزة التشويش” بدأت فعلياً منذ شهر فبراير 2019، إذ قررت سلطات الاحتلال نصبها لإفشال مساعي المعتقلين التواصل مع العالم الخارجي، عبر التشويش على اتصالات الهواتف المحمولة، في الوقت الذي تمنعهم من التواصل مع ذويهم وأطفالهم، وتحرمهم من زيارات عوائلهم، في أحيانٍ كثير.
وسرعان ما أعقب هذا القرار الصهيوني خطوات نضالية من الأسرى لمواجهتها، قابلتها سلطات السجون بعمليّات قمع وحشية، وُصفت بأنّها الأعنف منذ سنوات، منها عملية القمع الكبيرة في معتقل “النقب الصحراوي”، في مارس، والتي أُصيب فيها العشرات من الأسرى بإصابات بليغة، ما يزال البعض يعاني آثارها حتى اليوم.