د. عصام الخواجا في مسيرة وسط البلد: بسالة المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني واستمرار حرب الإبادة الصهيوأمريكية تعزل الاحتلال دولياً

خرجت مسيرة جماهيرية، ظهر يوم الجمعة 23 أيار 2025، والتي انطلقت من أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة عمان، وعلى امتداد شارع الملك طلال، بدعوة من حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، والملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن، تحت عنوان:
في وحدتنا قوة، وفي استقلالنا عزة، وفي دعم صمود أهلنا شرف..
حيث ألقى الدكتور عصام الخواجا، نائب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية كلمة الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن نصها التالي:
الأخوات والأخوة
شابات وشباب الأردن
أبناء شعبنا الأردني العظيم ، من الرمثا إلى العقبة ، ومن المفرق إلى الأغوار
أبناء شعبنا الأردني الباسل ، في القرى والبوادي والمخيمات
أبناء وأحفاد شهداء الأردن ، كايد المفلح العبيدات ومحمد الحنيطي وفراس العجلوني وموفق السلطي … ابناء وأحفاد الشهيد خضر شكري يعقوب ، أحد شهداء معركة الكرامة ، والذي قال في آخر رسالة له قبل استشهاده ، طالباً ضرب موقعه ، قائلاً ” الهدف موقعي .. إرمي إرمي”
أخوات وأخوة الشهداء ماهر الجازي الحويطات ، وعامر قواس ، وحسام أبو غزالة ، وكل شهداء الأردن الذين ارتقوا دفاعا عن الأردن وفلسطين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم على حضوركم ومشاركتكم
أحييكم على كل ما تُقدِمونَه ويقدِمُه الشعب الأردني دعماً واسنادا لكفاح الشعب العربي الفلسطيني في غزة والضفة وفي كل بقعة من أرض فلسطين .. بالرغم من شعورنا المشترك أننا لا نقدم كل ما يمكن .. وإحساسنا الدائم أننا مقصرون … يراودنا شعور بالعجز لأننا بالتظاهر في الشوارع والساحات ، وتوظيف الكلمة والهتاف والموقف ، انما نقدم فقط اليسير اليسير ، أمام عظمة شعب فلسطين ، وعظمة عطاءه .. شعبنا الصامد ، الصابر ، والمقاوم في غزة ، شعبٌ يقدم أسطورة تلو اسطورة ، في الثبات وتحمل ما لا يتحمله ولم يتحمله بشر على مر التاريخ الذي عرفناه.
شعبٌ ولادٌ لقادة عظماء منذ بدأ مشروع الاحتلال .. منذ ما قبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير ، وعز الدين القسام ، وعبد القادر الحسيني .. وجيل شهداء الانتفاضات الفلسطينية : فراس عودة ومحمد الدرة وباسل الأعرج .. وقادة المقاومة الفلسطينة لشهداء : أبو جهاد، وفتحي الشقاقي، واسماعيل هنية، أحمد ياسين، وأبو علي مصطفى، وعمر القاسم، ومسلسل طويل لا ينتهي ..
سأتوقف قليلاً عند القائدٍ المقاومٍ ، يحيى السنوار أبو ابراهيم .. القائد الشهيد المشتبك، ومعه ثلة من قادة المقاومة، الذي استشرف الحاجة لصنع فعلٍ أصبحنا نَعرِفُه اليوم بالسابع من أكتوبر المجيد وملحمة طوفان الأقصى .. لقد أعلن أبو ابراهيم في إحدى خطبه قبل هذا التاريخط، وأقتبس ” أننا سنقوم بما يجبر الاحتلال على أحد خيارين ، إما الانصياع للقرارات الدولية التي تؤكد الحق الفلسطيني، أو أن نجعل هذا الاحتلال في حالة تناقض وتصادم مع الإرادة الدولية ونعزله عزلاً عنيفاً شديدا، لتنتهي حالة اندماجه في المنطقة وفي العالم كله، وتنتهي حالة الانهيار في جبهات اللاءات التي كانت خلال السنوات الماضية ..” انتهى الاقتباس ..
أستشهد بهذه القراءة الاستشرافية الإستراتيجية العميقة حتى أرُدَ على كل أصحاب الخطاب الانهزامي، الذين يقيسون نتائج الصراع المحتدم ، والمقاومة المتصاعدة والمستمرة، بمقياس الخسائر المادية والتدمير وأعداد الضحايا من الشهداء والجرحى، ويُبَخسون من قيمة الانجازات التاريخية التي تراكمت وبدأت تحدث تحولات كبرى .. فالمقاومة الفلسطينة لم تعد وحدها .. وتعدد ساحاتها من فلسطين إلى لبنان واليمن والعراق أصبح واقعاً، حتى لو حصل مَدٌ هنا وجزرٌ هناك، لكن فكرة وبذرة المقاومة للاحتلال الصهيوني تعززت وترسخت .. انتشرت وتأسست أدواتها الحية .. تحتاج لبعض الوقت لإحداث التغيير في المسارات، وهذا صحيح، وهو أمر طبيعي، فتغيير مسارات التاريخ لا يأتي بضربة قاضية مفاجئة، بل بالتراكمات، وهذه التراكمات أصبحت ملموسة لدينا .. نستشعرها، لمن يريد أن يقرأ بعلمية وموضوعية .. لقد فتحت المقاومةُ الطريقَ واسعاً أمام أفاق حقيقية، ستؤدي حتماً إلى انهيار وتفتت كيان الاحتلال، وستؤدي حتماً إلى انتهاء مشروعه وصولاً إلى تحرير فلسطين .. انما النصرُ صبرُ ساعة.
إن ما استشرفه القائد الوطني الفلسطيني الفذ يحيى السنوار، نشاهد تداعياته راهناً، فتصريحات قادة الاحتلال من جدعون ساعر وزعماء المعارضة في كيانه، من لابيد وغولان ويعالون وإيهود أولمرت وغيرهم، تعبر عن قلق متدحرج، جوهره التحول في مواقف الدول والرأي العام العالمي، الذي كان يطغى عليه المناصرة والتعاطف والتفهم لرواية التضليل الصهيونية الكاذبة، وانتقال هذه الدول وهذا الرأي العام إلى نقد دولة الاحتلال واتهامها بارتكاب مجازر الابادة الجماعية، وتحذير بعض قادة الاحتلال السابقين من تنامي عزلة دولة “اسرائيل” في العالم، وخطر انهيار وضعها الدولي وتضرر اقتصادها، وتحولها إلى دولة منبوذة بين دول العالم، كدولة جنوب افريقيا العنصرية البائدة ، وتوصيفهم لدولتهم بأنها لم تعد دولة طبيعية .. بالتأكيد نحن لم ولن نعتبرها دولة طبيعية ..
إذا أضفنا إلى ما سبق ما صدر مؤخراً عن قادة دول استعمارية بامتياز : فرنسا وبريطانيا، إضافة ألى كندا، باعتبار ما يقوم به جيش الاحتلال خرقٌ للقانون الدولي الانساني، ويعلنون بشكل مشترك رفض وإدانة التهجير القسري داخل قطاع غزة، ومطالبتهم بالوقف الفوري للأعمال العسكرية لجيش الاحتلال، والسماح الفوري بدخول المساعدات الانسانية من غذاء ودواء ، ورفضهم الاستيطان في الضفة .. وإذا أضفنا إلى ذلك ما نلحظه من ترنح رواية الاحتلال والحركة الصهيونية واعلامها المهيمن تجاه قضيتين : شرعية “دولة اسرائيل”، وكذبة “معادة السامية”، وتراجع حضورهما وتأثيرهما في الرأي العام، واضطرار بعض من كانوا يدافعون عن هذا الكيان إلى التبرير والفصل الكاذب بين دولة الاحتلال التي يسمونها ديمقراطية، والحكومة الحالية التي يصفونها باليمينية المتطرفة، غير مدركين أن هذه الحكومة هي مكون عضوي في دولة الكيان الاسرائيلي .. وكلاهما، الدولة والحكومة، افراز طبيعي لهذا المشروع .. نحن نعرف ونرصد مسار التحول في المجتمع الصهيوني بغالبيته نحو مزيد من اليمينية والتطرف والفاشية … فهذه الحكومة المجرمة، كما كل حكومات الاحتلال منذ عام 1948 هي حكومات مارست القتل والتهجير والابادة بحق شعبنا الفلسطيني.
أمام مشهد التحول في الموقف الدولي، والرأي العام العالمي، وقدرة مجتمعات هذه الدول على فرض التغيير على مواقف قادتها، وأمام دولٍ وشعوب تَبعُد عنا آلاف الكيلومترات في أمريكا اللاتينية وآسيا، تعبر بالمواقف والأفعال عن دعمها للشعب الفلسطيني، وترفض الابادة، وتقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وتوقف استخدام أراضيها وموانئها لشحن العتاد والأسلحة له… تناقش برلمانتها مشاريع قوانين لحظر تجارة الأسلحة أو التجارة الحرة معه .. نجد موقفاً عربياً رسمياً مخجلاً، يُغدق تريليونات الدولارات على ترامب، دون أن يكون مقابل هذه الأعطيات قراراً فورياً من الولايات المتحدة، الدولة القادرة بقرار قاطعٍ واضحٍ يجبر حكومة الاحتلال على وقف العدوان والابادة .. ويجبر حكومة الاحتلال على السماح بدخول المساعدات واعادة الاعمار ..
إن حالة الإنكار للواقع التي يعيشها النتن ياهو، عندما يضيق ذرعاً بنقد حلفائه له ولإجرامه، إنما تعبر عن عمق المأزق وحجم الفشل وانسداد الأفق أمامه وأمام خياراته، ولا يجد سبيلاً إلا باستمرار ارتكابه وجيشه لجرائم القتل والإبادة، والتهجير القسري ، وسعيه وحكومته لإنشاء غزة الصغيرة عبر احتلال 70-75% من قطاع غزة، لتجميع 2.3 مليون فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 100 كم مربع، بين ممر موراغ جنوب خان يونس، وممر فيلادلفيا الحدودي مع مصر، غيرَ مُدركٍ، أنه وبرغم الدعم المطلق وشراكة الولايات المتحدة الأمريكية معه، فهناك طرف أساس لا يمكن تجاوزه، ولا يمكن كسره، أو تطويعه مهما فعل، هو الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
هنا أذكر شهادة بحق أهل غزة من أحد الزملاء العائدين من العمل في القطاع الصحي فيها ، قال لي أهل غزة ليسوا من طينة البشر الذين نعرفهم في صبرهم وصمودهم .. يصعب أن تعاين جسد غزي حي لا تستقرُ فيه شظية أو شظايا .. ورغم كل ما كنا نسمع، ورغم كل ما رأيت بأم عيني فشعب غزة ثابتٌ يرفض التهجير ولا ينبذ المقاومة، لا بل يحتضنها ويذخرها بكل ما هو ممكن.
في ذكرى يوم الاستقلال أقول :
فلنحمي استقلالنا ونعزِزَهُ بإلغاء معاهدة وادي عربة ، فلنحمي استقلالنا ونعززه بإلغاء اتفاقية الغاز مع الاحتلال، وإزالة القواعد الأجنبية من فوق ترابنا .. فلنعزز استقلالنا بإغلاق سفارة الكيان الصهيوني الذي يرتكب الابادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة، ويهدد أمننا الوطني الأردني، ويعلن جهاراً نهاراً نواياه وأطماعه الاستعمارية باحتلال أجزاء غالية من وطننا الأردن.
تعزيز استقلالنا يمر من خلال اصلاح القوانين الناظمة للحياة الديمقراطية، حتى يتحول النص الدستوري “الشعب مصدر السلطات” إلى أمر واقع .
نوجه التحية لشهداء الجيش العربي الذين ارتقو في معركة الكرامة وغيرها دفاعاً عن الاردن وفلسطين .
التحية لكل من يقبض على ثقافة المقاومة … التحية لليمن العظيم الذي حيد الأسطول الأمريكي وأجبر الادارة الأمريكية على وقف اطلاق النار المتبادل، وأبقى على اسناده لغزة وفلسطين، وغير ويغير في معادلات الصراع والمواجهة .. عاش شعب اليمن، شعب الإرادة التي لا تلين، شعب الوفاء والثبات ..
عاش شعبنا الأردني العظيم
الحرية للأسرى .. الشفاء للجرحى .. المجد والخلود للشهداء ، والنصر للمقاومة.