يقول عنه ميلانشون؛ زعيم اليسار الفرنسي الموحد، ونائب عن مدينة مرسيليا:
ديديه إبن مرسيليا والذي أثار كثيرا من الجدل، هو شخص ساحر ولطيف، لا يريد أن يقاتل أحدا، قضى كل سني عمره كطبيب يقوم بمداواة مرضاه، ولا يجب أن ننشغل بالجدل الدائر حوله، بل يجب التركيز على دوره العلمي المميز، ومكانته اللائقة على المستوى الدولي.
ديدييه راؤولت، طبيب فرنسي، وعالم أحياء مناعي وأحياء دقيقة. حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه ومتخصص في الأمراض المعدية. في العام 1984، أنشأ راؤولت وحدة ريكيتسيا في جامعة إيكس مرسيليا. ويقوم بتدريس الأوبئة والأمراض المعدية في كلية الطب في نفس الجامعة. كما يشغل منذ عام 2008 منصب مدير وحدة الأبحاث حول الأمراض المعدية والموسمية الناشئة. والتي يعمل فيها أكثر من 200 باحث وعالم، وتستقبل للدراسة والتدريب فيها، عددا كبيرا من أطباء الشرق الأوسط وشمال وغرب أفريقيا. كما يشرف على معهد الشرق الأوسط للأمراض المعدية والأوبئة، حيث يجمع في مكان واحد، بين أنشطة التشخيص والرعاية والبحث العلمي. وقد حصل في حياته العملية على عدد كبير من المكافآت والجوائز والأوسمة العلمية الرفيعة.
في الوضع العادي، لم يكن منتظرا منه الكثير، ولكنه حصل على اهتمام عالمي كبير خلال جائحة COVID-19 لتبنيه لرؤية خاصة، ولبروتوكول علاجي يرتكز على هيدروكسي كلوروكين بالتشارك مع أزيترومايسن
ولد راؤولت في 13 آذار 1952 في السنيغال، ودرس الطب وعلم الأحياء الدقيقة في جامعة إيكس مرسيليا. في عام 1982، تزوج راؤولت من الطبيبة النفسية والروائية ناتاشا كان، ولديه منها طفلين
تم تصنيفه من بين العشرة باحثين الفرنسيين البارزين والأكثر تأثيرا من قبل مجلة الطبيعة من حيث عدد منشوراته، وعدد الاستشهادات الخاصة به، كما يعتبر مرجعاً عالمياً لحمى كيو ومرض ويبل، ويقيم كثيرا من التواصل والتبادل العلمي مع الصين، وعديد من دول العالم الثالث.
وقد سحب عضويته من الأكاديمية الأمريكية لعلم الأحياء الدقيقة، بعد أن مُنع من النشر في مجلات الجمعية الأمريكية لعلم الأحياء الدقيقة، لعلاقاته ولمواقفة المستقلة وكشفه للأخطار الكامنة في بعض المركبات الغذائية التي تنتجها بعض الشبكات العالمية واسعة الإنتشار.
نشر أوراقا حول المناخ، وحذر من الإحتباس الحراري، وشكك في التقديرات الدولية المزعومة التي تقلل من حجم التأثيرات السلبية للصناعة المكثفة على البيئة.. وكتب ساخرا «أن الطبيعة قد نسيت الامتثال للسادة».
مع إنتشار الوباء في فرنسا، أعلن راؤولت في مقطع فيديو على موقعه الإلكتروني أن تجربة تشمل 24 مريضًا من جنوب شرق فرنسا دعمت رأيه، بأن هيدروكسي كلوروكين وأزيثروميسين كانا فعالين في علاج COVID-19. في 20 آذار نشر تقريرًا أوليًا عن دراسته في المجلة الدولية للمضادات الحيوية تفيد بأن التجارب ستستمر لضمان الحصول على نتائج قوية علميا بما يكفي، قبل اتخاذ قرار بطرح العلاج للعامة، فيما كان وزير الصحة الفرنسي يشكك بالدراسة ويقلل من قيمتها العلمية.
في حين أصدرت الجمعية الدولية للعلاج الكيميائي بالمضاد الحيوية، بيانًا تقول فيه بأن دراسة راؤولت «لا تفي بالمعايير المعتمدة لدى الجمعية «،
راؤولت، الذي كان أحد 11 عالمًا بارزًا تم تسميتهم في 11 آذار لتقديم المشورة بشأن المسائل العلمية المتعلقة بالوباء في فرنسا، ترك اللجنة بعد وقت قصير من تشكيلها؛ «لعدم معرفة أعضائها بما يتحدثون عنه».
من الواضح، بأن أطروحات البروفيسور راؤولت الثابتة والمبكرة في مواجهة الوباء وفهم سلوك المرض، وطرق علاجة، قد أزعجت كثيرا من النخب التجارية والبحثية والطبية، فتعرض بداية إلى موجة عداء وشيطنة وسخرية واسعة.
راؤولت وضع أوراق علمه على الطاولة، وأكد بأن هذا الوباء هو موسمي مثل غيرة من الأوبئة، وأن المنحنى البياني للإصابات سيرتفع، ثم يسير مستقيما قبل أن يهبط من جديد وينتهي كوباء خلال فترة قد تمتد لثلاثة أشهر تزيد أو تنقص قليلا. ولكن تم التعامل معه، فرنسيا
وعالميا بشكل غير عقلاني وغير مفهوم منذ البداية. ورغم تقديمة لدراساته الرزينة والموثقة، إلا أن الساحة العلمية قد شهدت سجالات، وإنقسمت بين معارض ومؤيد بصورة طوباوية مفاجئة، خاصة وأن إعتماد سياسات محددة، يتوقف عليه تحديد خيارات سياسية وصحية وإقتصادية ملموسة وهامة، ويلحقها تبعات إجتماعية ونفسية عميقة وبعيدة الأثر.
في واقع الأمر فإن البروفيسور قد تسبب بإزعاج النخب على محورين؛ فمن ناحية؛ كان يعمل على تحطيم النموذج الإقتصادي المالي الإحتكاري السائد، مع محاولات السوق اصطياد لحظة الكورونا لمضاعفة أرباحه، ومن ناحية أخرى كان يزعج السياسيين عندما قال منذ البداية: «لا تخافوا»!!
أزعج راؤولت بصورة خاصة، هيمنة السلطة الطبية الفرنسية والغربية المتمثلة بالمجلس الاستشاري العلمي، واحتكاراته المرتبطة بمصالح مع مختبرات ومعامل صناعة الأدوية، سيما وأن أستاذنا كان الوحيد من بين أعضاء هذا المركز الذي لم يكن يرتبط بأي مصلحة خاصة مع مثل هذه المختبرات.
باستعماله عقاقير قديمة ومتوفرة ورخيصة الثمن، عطل عمليا من سعي هذه المختبرات لفرض عقاقير باهظة الثمن تقوم على تطويرها. وتسبب بخسارتها لمبالغ هائلة. وعلى الرغم من هجوم «المجلس» الساخر عليه، واتهامه بتقديم أطروحات مزيفة، حتى وصل عند البعض بإتهامه بأنه غير متزن عقليا، إلا أن رئيس الجمهورية الفرنسية قد قام -تحت الضغط الشعبي القوي- بزيارة راؤولت في مركزة الطبي، وتحاور معه مطولا، دون أن يحدث تغيير واضح، في سياسات وزارة الصحة الفرنسية في مقارباتها في التصدي للفايروس، مع أننا قد بدأنا نشهد مؤخرا تغييرا إيجابيا بسيطا في الموقف من طرقه العلاجية، وبدأ البعض -بشكل خجول- يعطيه الحق في تجربته الخاصة، بعد أن نشرت دراسات في فرنسا والولايات المتحدة، تؤكد صحة النتائج السريرية التي سجلت في مرسيليا. وصعود مدرسة راؤولت الواقعية العلاجية، التي دعت لتوسيع الفحوصات الأفقية لحدها الأقصى، مع عزل وعلاج المرضى بما هو متوفر.. مقابل مدرسة التحفظ والإنتظار وحسابات السوق والربح.
عندما أعلن ديديه راؤولت نداء « لا تخافوا» كان يدرك حينها بأن شعباً ليس خائفاً، هو شعب واعٍ وغير قابل للإختراق والسيطرة من قبل سياسات التدجين والإحتواء السياسي والإجتماعي.