خريفٌ آخر
كلّما ضاقتْ الرؤيا اتّسع قطر دائرة الفراغ اكثر..
تموت مللاً في فصلي الخريف والشتاء وأنت تنتظر فعلا أو نشاطا ثقافيا على أقل تقدير ولا يأتي..
ولن..
“ليس هناك مناسبة أو ذكرى وفاة مثقف في هذين الفصلين من السنة، بالإضافة الى البرد الشديد الذي أصبحت تمر به البلاد منذ ثلاث سنوات”. هذا أفضل ما ستحصل عليه من مبررات.
وتنتظر..
إن ثقافة ردّات الفعل التي تتفاعل به المؤسسات الثقافية الأردنية -التي يزيد عددها على الثلاثمائة- مع الفعل المنوط بها والمسؤولية التي تجبُ؛ ما هي الا تعبيراً صارخا عن غياب الرؤيا، وضحالة الوعي الخاص بالدور، وعجز عن الممارسة.
لا تدري يا قارئ هذه الجمل القصيرة ما سرّ استمرارية هذه المؤسسات رغم قلّة الزخم المحيط بها، ورفع الدولة يدها عن دعم وإنتاج العمل الثقافي، وتدخُّلها بكلتا يديها للتضييق والاعتقال؛ وتساورك الشكوك حول جدوى وجودها ربّما، أو تفكّر حقا بأن استمرار الفراغ هو السرّ..
أقولُ: ولن تدري..
وإن أردتّ أيها المتفرّج على هذه الجثّة المسماة مجازاً بالحالة الثقافية أن تشحن مَن حولكَ بالتفاؤل ظنّا بأن الربيع قادم، والصيف كذلك، فأستطيع أن أخبركَ من الآن بأن الفصول الثقافية هنا هي: فصلٌ واحد..
خريفٌ واحدٌ ، يجمعها.