حول مفهوم الخطاب الشعبوي / فراس الكي
برز في الاونة الاخيرة مفهوم الشعبوية او الخطاب الشعبوي وهو مصطلح ارتبط ظهوره بأحلك الازمات وعند اشتداد الحاجة الى ظهور مهدي منتظر او مخلص من طراز ما.
والشعبوية ليست مفهوم حديث الظهور، اذ ان حضوره واضح منذ اقدم العصور وباشكال مختلفة ولكن ملامحه تتبلور في كل زمان ومكان بشكل مختلف.
فما حصل في المانيا عام 1933 عندما كانت تعاني من الانكسار السياسي والاقتصادي بسبب معاهدة فرساي المذلة , وبروز هتلر وحزبه النازي بخطابه اليميني الذي مكنه من الفوز بانتخابات ديمقراطية بكل معنى الكلمة, هو مثال على تجسيد الخطاب الشعبوي الذي تمكن من دغدغة عواطف الجماهير وتوظيف الحجاج الجماهيري.
واذا كان الفهم العام للشعبوية انها تستخدم الديماغوجية بشكل اساسي و عاطفة الجماهير لتحقيق هدف سياسي معين , بالتبسيط الشديد للقضايا المجتمعية المعقدة وتحويرها او تحريفها بذكاء خدمة لذلك الهدف السياسي , فانه يجب علينا اضافة حقيقة انها تمثل تجسيدا للديمقراطية الراسمالية التي تصب دائما في مصلحة طبقة دون باقي الطبقات .
اما عربيا فقد تجسد هذا المفهوم بقوة في الإسلام السياسي، وباستغلاله لعامة الشعب من مختلف الطبقات والشرائح, بدءً من الحرب الأهلية في الجزائر عام 1991م مرورا بمصر وانتهاء بالازمة السورية .
وقد تكررت أساليبه على مر السنين بتوظيف الدين وصرف النظر عن المؤامرات الكونية التي يتعرض لها هذا القطر العربي او ذاك، وتصويرها على انها حرب على الشعب المؤمن الاعزل المطالب بالحريات,, الخ من قبل نظام ديكتاتوري ( سوريا مثالا), وتمثلت ادواته لاستقطاب الراي العام العالمي بالفبركة والتضليل الاعلامي الذي لربما لديه القدرة في بعض الاوقات على خداع المفكرين والمنظرين وليس فقط البسطاء من عامة الشعب .
واخيرا ولمواجهة هذه القوى لابد من العمل على رفع مستوى الوعي الوطني والثقافي لدى جميع فئات الشعب وتغليب العقل على العاطفة وعدم النظر الى حدث سياسي معين بمعزل عن سياقه التاريخي ابدا , وثانيا لابد من تعزيز قيم الثوابت الوطنية لدى الشعب وتعزيز مفاهيم الديمقراطية الشعبية وليس ديمقراطية الغرب الليبرالية التي تتيح لاي كان المساس بالثوابت الوطنية وتسمي الخائن والمتامر على الوطن صاحب وجهة نظر .