أخبار فلسطين

جميل مزهر لـ نداء الوطن: الرئيس أبومازن يتحمّل المسئولية الكبرى في عدم حدوث اختراقات في ملف المصالحة

جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لقاء خاص مع نداء الوطن:
الرئيس أبومازن يتحمّل المسئولية الكبرى في عدم حدوث اختراقات في ملف المصالحة
تسريع التطبيع جزء من مخطط أمريكي لإعادة السيطرة على المنطقة العربية

بالتزامن مع ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تستضيف نداء الوطن، الرفيق جميل مزهر عضو المكتب السياسي للجبهة، للحديث حول مآلات القضية الفلسطينية، وقدرة المقاومة على التصدي لمشاريع تصفيتها. كما نتطرق إلى اليسار الفلسطيني والدور المطلوب منه في هذه المرحلة.

نداء الوطن: في الذكرى الحادية والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي ظل فقدان كوكبة من القيادات التاريخية من جورج حبش مروراً بغسان وأبوعلي مصطفى، ومحمد الأسود « جيفارا غزة» وغسان كنفاني ووديع حداد وأبوماهر اليماني والمئات غيرهم ، هل استطاعت الجبهة الشعبية الحفاظ على حضورها؟ وكيف؟
مزهر: الجبهة ومنذ تأسيسها تمارس كامل أنشطتها من خلال الاعتماد على الوحدة التنظيمية المدعومة بالوحدة الفكرية والسياسية، وقد نجحت الجبهة من خلال هذه الضوابط في التغلب على رحيل قادتها المؤسسين أو حتى التخفيف من شدة الضربات المتلاحقة التي شنها الاحتلال على قادتها والتي أدت إلى تغييب قيادات بارزة من الجبهة في غياهب السجون، فقد نجحت الجبهة ومن خلال الارتكاز على قاعدة العمل الجماعي، وإتقان أبجديات العمل السري إلى حماية الجبهة وضمان استمرارية قيامها بواجباتها الوطنية عن طريق قيادات رديفة واصلت تحمّل مسئولياتها وتنفيذ قرارات الهيئات المركزية. والمسألة الهامة التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار هو إيلاء الجبهة ووفقاً لأدبياتها ونظامها الداخلي لمبدأ تجديد الهيئات القيادية بشكل دوري عبر الانتخابات الديمقراطية لجميع المراتب الحزبية، هذه المسألة الديمقراطية الهامة التي تعمل على تدفق الخبرات والدماء الشابة إلى داخل هيئات الحزب، وهي التي تصنع القيادات القادرة على استكمال المشوار وأداء المهام الوطنية المطلوبة.
نداء الوطن: كيف تنظر للمشهد الفلسطيني في هذه اللحظة التاريخية؟ هل تراجع حضور القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي؟ هل ترى أن اتفاقية أوسلو وما يُسمى بالربيع العربي لعبا دوراً في جعل القضية الفلسطينية أقل أهمية وأولوية على الصعيد الدولي؟
مزهر: برأيي أن عوامل داخلية فلسطينية عمقت هذه الفجوة وعملت على إضعاف حضور القضية الفلسطينية على الصعيدين العربي والدولي، وأولى هذه الأسباب هو قيام قيادة منظمة التحرير المتنفذة بالتوقيع على اتفاقية أوسلو، ضاربة بعرض الحائط حالة الرفض للفصائل الرئيسية.

الاسم رباعي : جميل صالح عبد الله مزهر لاجئ من قرية المغار في فلسطين المحتلة تاريخ الميلاد : 16/7/1964 تاريخ الالتحاق بالجبهة / 1980 المؤهل العلمي / بكالوريوس إدارة. يعتبر من القيادات في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقطاع غزة وأحد الناشطين في الانتفاضة الأولى، تعرض للاعتقال الإداري على أيدي سلطات الاحتلال مرتين خلال الانتفاضة الأولى ، الأولى عام 1989، والثانية عام 1992. عضو مكتب سياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومسئول فرعها في غزة تعرض للاستهداف خلال حرب عدوان ( 2008-2009) على قطاع غزة، حيث استهدف منزله في معسكر النصيرات أدى إلى تدميره.

وثاني هذه الأسباب هو الانقسام الأسود والذي جاء نتاج سياسات وممارسات السلطة والصراع على مغانمها، وثالث هذه الأسباب هو الأجندات الخارجية والتي عملت على الدوام لاختراق الموقف الفلسطيني المستقل واستثماره لمصالحها، ورابع هذه الأسباب هو حالة الهيمنة والتفرد والإقصاء للقيادة الفلسطينية المتنفذة والتي عملت على تغييب المؤسسة الوطنية الجامعة وهي منظمة التحرير الفلسطينية.
كما لعب الواقع العربي المزري ونتيجة للاسقاطات المدمرة لما يُسمى الربيع العربي إلى انشغال المواطن بهمومه الداخلية وفي صراعات مذهبية واثنية وطائفية خططت لها الولايات المتحدة وربيبتها دولة الاحتلال الصهيوني وفي ظل غياب العدالة الاجتماعية وسيطرة الدكتاتوريات المرتهنة بالقرار الأمريكي والمتحالفة في السر والعلن مع الكيان الصهيوني في تغييب القضية الفلسطينية على أجندة وبرامج البلدان العربية والمجتمع الدولي.
ورغم ذلك فإن القضية الفلسطينية ما زالت تحتفظ بأهميتها كقضية عادلة على أجندة قسم مهم من البلدان والقوى ولجان التضامن المنتشرة حول العالم، ورغم نفوذ اللوبي الصهيوني وحلفائه في العالم، إلا أنه ومن خلال تسارع نشاط حركة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني ولجان التضامن مع الشعب الفلسطيني وتحقيقها الكثير من الإنجازات في الآونة الأخيرة، حدث اختراق جدي مؤثر يجب أن يشكّل دافعاً لنا ولكل المعنيين بالقضية الفلسطينية إلى محاولة إبراز القضية الفلسطينية ومعاناة شعبنا على الأجندتين العربية والدولية.
نداء الوطن: في المشهد العربي، نشهد تسارعاً في التطبيع على الصعيد الرسمي العربي في مقابل صحوة شعبية مجابهة للتطبيع، كيف تقرأ هذا المشهد؟
مزهر: المخططات الأمريكية المتواصلة لإعادة هيمنتها على المنطقة العربية وحماية أمن الكيان الصهيوني، أدى بها إلى تنشيط كل برامج تسريع التطبيع مع « إسرائيل» من خلال تطويع الطرف الفلسطيني والعربي وإجباره على الإذعان لمشروع السلام الاقتصادي، مروراً باختراق الاقتصادات العربية وخاصة اقتصادات وأسواق الخليج في ذروة التطبيع الاقتصادي بينها وبينهم حيث شهدت الأشهر الأخيرة السابقة تطوراً ملحوظاً في العلاقات الإسرائيلية سراً وعلانية، وهناك تنسيق عالي المستوى بين العديد من الدول العربية و»إسرائيل» في قضايا أمنية وعسكرية واستخباراتية وسياسية وأيضاً اقتصادية، كما ونرى فتح للأسواق العربية أمام البضائع الإسرائيلية وهذا ما نراه في الكثير من البلدان العربية.
وعلى الرغم من هذا الواقع السيء إلا أن سلاح مقاطعة الاحتلال وسحب الاستثمارات منه يتسع ويحقق نجاحات يوماً بعد يوم، وبات يؤرق قادة الاحتلال ويحاصر سياساته وجرائمه بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ويستنزف طاقاته وإمكانياته وعلاقاته لمواجهة وإحباط هذا السلاح الهام.
نداء الوطن: هل لدى الجبهة آليات للتواصل مع القوى الشعبية العربية في مجال مجابهة التطبيع؟ وهل لديها آليات لتوحيد الجهود الشعبية العربية؟
مزهر: بالتأكيد الجبهة الشعبية لديها آليات للتواصل مع القوى الشعبية العربية وحتى الدولية في هذا المجال، وهي في الآونة الأخيرة وضعت قضية سلاح المقاطعة بنداً رئيسياً على أجندتها، وهي من خلال رفاقها المنتشرين حول العالم جزء أساسي ومحرك لحركة المقاطعة الدولية BDS، وهي بصدد تطوير رؤيتها ونظرتها نحو سلاح المقاطعة لتأخذ منحى أبعد في أشكال التحرك الميداني على كافة الصعد وذلك بالتعاون مع اصدقائها وحلفائها من القوى التقدمية العربية ولجان التضامن المنتشرة حول العالم.
والجبهة بالفعل لديها آليات لتوحيد الجهود الشعبية العربية، وهذا يحتاج أولاً إلى التوافق فلسطينياً وبدعم عربي على ثابت أساسي ينظم الشكل النضالي القادر على تفعيل طاقات شعبنا في ميادين ومحاور الاشتباك، دون مقايضة شكل أو أسلوب نضالي بآخر، أي بمعنى آخر استخدام كل وسائل المقاومة المشروعة لمواجهة الاحتلال الصهيوني بما فيه العنف الثوري « المقاومة المسلحة» وصولاً لسلاح المقاطعة الشاملة.
نداء الوطن: أسطوانة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني متى ستنتهي؟ وكيف تنظر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لآليات الخروج منها؟
مزهر:استمرار الانقسام هو جرح غائر في خاصرة شعبنا الفلسطيني والذي يعاني من وطأة هذه الحالة المأساوية منذ أكثر من 12 عاماً وفي ظل عدوان وحصار صهيوني متواصل. وبرأينا أن استمرار الانقسام سببه غياب الإرادة السياسية لدى أطراف الانقسام، فكل طرف يتمسك برؤيته وأجندته الخاصة حول كيفية إنجاز المصالحة، وبرأيي ورغم بعض التدخلات الفجة في الشأن الداخلي الفلسطيني وتأثيرها السلبي على جهود إنجاز المصالحة، إلا أن استمرار الانقسام وفشل جهود المصالحة في أكثر من جولة جاءت لأسباب فلسطينية داخلية بحتة، وفي ظل غياب أدوات الضغط الشعبي على جماعات المصالح التي تتغذى على استمرار الانقسام ومعاناة الناس. وبرأيي أن الرئيس الفلسطيني أبومازن يتحمّل المسئولية الكبرى في عدم حدوث اختراقات في ملف المصالحة، باعتباره يملك مفتاح حل كل الأزمات الوطنية الراهنة عبر دعوة الإطار القيادي المؤقت أو لجنة تفعيل المنظمة أو الأمناء العامين إلى الانعقاد فوراً وبحضور الكل الوطني لمناقشة كل القضايا الراهنة وبما فيها وضع آليات تنفيذ المصالحة وفقاً لم تم الاتفاق عليها في القاهرة 2011 وبيروت 2017.
والجبهة لم تتوقف يوماً من خلالها جهودها منفردة أو بشكل جماعي من أجل الضغط لإنجاز المصالحة، والتي كان آخرها صياغة ورقة بالتشاور مع قوى رئيسية في الساحة الفلسطينية تتضمن رؤية وطنية للمساهمة في جهود إنجاز المصالحة واستعادة الوحدة ، تتلخص في ضرورة التأكيد على أن المصالحة هي الطريق الوحيد لمعالجة كافة قضايانا ومواجهة كل المخاطر والمشاريع التصفوية، وهي المصالحة القائمة على الشراكة الوطنية، والهادفة لإنهاء معاناة شعبنا، وتذليل كل نقاط الاختلاف.
نداء الوطن: وحدة اليسار الفلسطيني، هل بقيت شعاراً خيالياً؟
مزهر: على الرغم من الإشكاليات العديدة التي تواجه تنفيذ هذ الشعار إلى أمر الواقع، إلا أن مهمة تحقيق وحدة اليسار الفلسطيني كتيار ثالث في الساحة الفلسطينية هي مهمة مركزية تقع على راس أولوية برنامج الجبهة، وباعتباره أحد قرارات المؤتمر الوطني السابع للجبهة. ورغم الكثير من الإشكاليات والعراقيل التي تعترض تحقيق هذا الهدف، وفي مقدمتها حالة التباين الكبيرة في البرامج بين الجبهة وبعض قوى اليسار إلا أن الجبهة نجحت في صوغ رؤية توافقية تنظم حالة العمل بين قوى اليسار، والجبهة في الضفة والقطاع حيث تعقد اجتماعات مكثفة مع العديد من قوى اليسار وشخصيات وطنية ديمقراطية باتجاه تشكيل تجمع ديمقراطي أو ائتلاف ديمقراطي وطني شعبي واسع. ونأمل أن تتقدم هذه الجهود باتجاه بلورة هذا الجسم التقدمي قريباً دون أن تعترضه بعض الإشكاليات والتي تعيدنا مرة أخرى إلى المربع الأول.

بواسطة
أجرى المقابلة: د. فاخر دعاس
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى