ثمن الخروج السعودي من أزمة خاشقجي: أموال واستثمارات وهرولة نحو التطبيع وتراجع دورها في المنطقة
لماذا طالب الأمريكان والدول الغربية بوقف الحرب على اليمن بعد مقتل خاشقجي؟!
على الرغم من مرور أكثر من شهر على حادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وعلى الرغم من وقوع عشرات الاغتيالات لصحفيين وكتاب دون أن يتحرك للمجتمع الدولي جفن، كحادثة اغتيال الكاتب والأديب غسان كنفاني والفنان ناجي العلي والكاتب ماجد أبو شرار والكاتب ميشيل النمري، على يد الكيان الصهيوني. على الرغم من كل هذا، إلا أن حادثة اغتيال الخاشقجي لا تزال تحظى بتغطية إعلامية وتحركات دولية غير مسبوقة، وقد تكون غير مفهومة أيضاً.
الكاتبة وأستاذة الإعلام الدكتورة حياة الحويك عطية، ترى أنه وعلى الرغم من أن كل عملية قتل مدانة خاصة عندما تقترن بالغدر والوحشية، لكن بالأمس قُتل ناشط سعودي وبالكاد ذكرته وسائل الإعلام، ما يطرح تساؤلاً جدياً حول أسباب هذا الاهتمام بمقتل خاشقجي!!
تضيف عطية في حديثها لـ نداء الوطن، أن في قضية خاشقجي ثمة ثلاثة أمور: الرجل خزان أسرار عن الارهاب .. عن صفقات الاسلحة .. عن صفقات الاستثمار .. عن الاستخبارات .. عن قضايا أخلاقية وأمنية مرتبطة بكل ذلك. وبالتالي لأكثر من طرف مصلحة في الخلاص منه.
ثانياً: الرجل قريب من الإخوان او بالأحرى هو منهم، وبالتالي فإن حراكه يصب في مصلحتهم وموته كذلك ( وهنا يتجلى خطأ القيادة في السعودية).
ثالثاً: اغتياله في التوقيت المعروف كان يمكن أن يشكل مأزقا كبيرا لدونالد ترامب، حامي محمد بن سلمان، وهو في عز الانتخابات البرلمانية الأمريكية. خاصة وأن الرجل -خاشقجي- أقرب إلى الديمقراطيين بحكم تحالف هؤلاء مع الإخوان. كما أن ترامب يعيش صراعا مع مؤيدي العولمة وشركاتها العابرة للقارات بسبب سياساته الحمائية، وهذه أيضا لها مصلحة في ضرب ترامب.
وتضيف الكاتبة أنها قدّرت منذ اليوم الاول أن الجميع كان على علم بمخطط الجريمة، وتركوها تتم كي يفتحوا البازار، وفعلا تمكنوا. تركيا أولاً، السي آي إيه ثانياً ( وليس بالضرورة ان تعمل السي اي ايه لصالح ترامب، وإن كان لصالح أميركا)، وأهم ما في الأمر أنها استعادت ضابطها الذي وسمته قسيسًا .. قطر التي تحمل أكياس دنانيرها وترقص على إيقاع أردوغان الذي أثبت أنه سلطان الابتزاز .. وأوروبا التي انضمت الئ السوق متأخرة، فلم تحصل على شيئ يذكر، ولذلك ارتفع عندها – كما العادة عند تعثر الصفقات – منسوب حقوق الإنسان.
مأزق سعودي وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء
وترى الدكتورة حياة الحويك عطية أن نظام الحكم في السعودية، ورغم حجم الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها، سيخرج من مأزق خاشقجي، إلا أنه خروج مؤقت، ولكن الخروج بأي ثمن؟ هذا هو السؤال الكبير، وهذا الذي يحدده القدرة على المدى البعيد. الآن تستطيع السعودية بما قدمته من رشوة سواء للأتراك أم للأمريكيين (صفقات وأموال وامتيازات ومواقف) ولم يكن بعيداً عن هذه المواقف الطفرة التطبيعية التي رأيناها في الخليج العربي خاصة في الإمارات، تجاوز الأزمة ولكنه تجاوز مرحلي.
والخسارة الكبرى تبقى هي خسارة السعودية نفسها كما أسلفنا والأصغر خسارة بن سلمان. أعتقد أن بن سلمان سينفذ ولكن مؤقتاً، لن يبقى طويلاً في الحكم ولكنه سيبقى إلى أن ينفذ المخططات الأمريكية كلها.
وبالتالي لا هو سيحافظ على مكانته إلا لفترة وللأسف السعودية لن تحافظ على مكانتها إلا لفترة قد تكون أطول قليلاً. وبالرغم من كل رفضنا للسياسات السعودية وبحدة إلا أننا لا نتمنى له ولا لأي بلد عربي آخر أن يدمر، ولكن حكامه هم الذين يقودونه للدمار بالحروب وبدعم الإرهاب وتدمير الآخرين من العراق إلى ليبيا إلى سوريا إلى اليمن، والآن قد يأتي الدور عليهم.
الحرب في اليمن وحقوق الإنسان
الطريقة الدموية في قتل خاشقجي، والضغط الدولي على السعودية، أعاد حرب اليمن إلى المشهد الدولي، بعد صمت غير مفهوم على حجم الجرائم التي تقع هناك. وأصبحنا نرى تصريحات أمريكية وغربية رسمية تدعو إلى ضرورة وقف العدوان السعودي على اليمن.
وترى الدكتورة حياة الحويك عطية، أن موضوع الحرب على اليمن له ارتباطات بمقتل خاشقجي، إما أن الارتباطات كانت مسبقة بتدبير الجريمة أو النصح بها أو التغاضي عنها كل هذه أبعاد مرتبطة بحرب اليمن، وإما أنه عندما حصلت الجريمة نتائجها وإسقاطاتها ارتبطت بحرب اليمن. هذا كان واضحاً من مراقبة الإعلام، الأوركسترا التي كانت تجهد على رسم ايقونة وترسيم ايقونة جمال خاشجقي، تقابلها أيضاً أوركسترا تنتهز وتعزف على الوتر الإنساني في حرب اليمن مما يظهر بوضوح بأنه سيكون هناك ربط، إلى أن خرج مومبيو وطالب بوقف الحرب، ولكن وقف الحرب لماذا؟ وقف الحرب لا لتنتهي الحرب، لتنتهي الحرب العسكرية ولتدخل المؤسسات الاقتصادية الأمريكية والإسرائيلية والعولمية وغيرها، إلى شعب جائع منهك مدمر وتستعمره اقتصادياً بدل عسكرياً. كما لترسخ الانقسامات بين الشمال والجنوب وإسلاميين وغير إسلاميين ولا ننسى أن في اليمن هناك العامل الكبير والحاسم وهو موضوع القبائل، إذا تمكنوا من اللعب على ورقة القبائل ووضع قبيلة في معاداة أخرى خاصة أن قبائل الشمال غير قبائل الجنوب وخاصة للذي يعرف اليمن جيداً (حاشد وعايد) فسيكون هناك انقسام حاشد-عايد، لكن انقسام داخل عايد وداخل حاشد بين إسلاميين وغير إسلاميين بين جماعة الإمارات وجماعة السعودية وجماعة الحوثيين وجماعة صالح إلى آخره.
وتختم الكاتبة الدكتورة حياة الحويك عطية حديثها لـ نداءالوطن، بالتحذير من أن يكون مستقبل اليمن ما بعد الحرب، ربما أشد على اليمنيين من وضعها في الحرب على المدى البعيد.