زعم وزير الشؤون الاستراتيجية في كيان الاحتلال جلعاد إردان أن حركات المقاطعة BDS تضمّ في صفوفها فدائيين، وفلسطينيين لهم صلة بعمليات فدائية قُتِل فيها “إسرائيليون”.
الوزير الصهيوني ادّعى أنّه أجرى “دراسةً شاملة” تناول فيها 13 منظمة BDS منتشرة في جميع أنحاء العالم، وتوصّل إلى أنّها تضمّ 30 ناشطًا وفعالًا من “الإرهابيين” –على حدّ وصفه- تم اعتقال وسجن 20 منهم، وبعضهم نفّذ عمليات فدائية. وقال إنّ هؤلاء “يمارسون عملهم اليوم كمسؤولين كبار داخل تنظيماتهم اليسارية وبعضهم تقلّد مناصب رفيعة، في منظمات المقاطعة”. وحدّدت المحاكم “الإسرائيلية” أن جزءًا من المشمولين في التقرير يُشكّلون خطرًا حقيقيًا على الكيان.
وفي ما يزعم إردان كشفَه، وجود أكثر من 100 علاقة لمنظمات مقاومة مختلفة مع مؤسسات المقاطعة BDS. وعلاقات عميقة بين تنظيماتٍ منها الجبهة الشعبية و حركة حماس مع منظمات تنشط في مختلف مجالات مقاطعة “إسرائيل”.
وتمّت الإشارة في تصريحات للوزير الصهيوني إنّه سيجري نشر التقرير المزعوم باللغات الإنجليزية والإسبانية والألمانية والفرنسية، كما سيتم إرساله إلى القادة السياسيين والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم للعمل ضد مؤسسات المقاطعة ووقف تمويل المنظمات والمؤسسات التي تدعم المقاطعة”.
نُورد في السطور التالية أبرز ما جاء في التقرير، كما نشرته وسائل إعلام الاحتلال، بعد ترجمته من العبرية إلى العربية.
المنظمات الفلسطينية، حماس و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، اخترقت في العشر سنوات الأخيرة، مؤسسات المجتمع المدني عبر عشراتٍ من نشطائها إلى منظمات BDS، لتشجيع المقاطعة ضد “إسرائيل”، كجزءٍ من استراتيجية النضال الشاملة.
تنظر هذه المنظمات الفلسطينية إلى النضال المدني ضد “إسرائيل” على أنه صراعٌ تكميلي للنضال المسلح، وفي هذا السياق ينظرون إلى ترويج المقاطعة ضد إسرائيل كتدبيرٍ آخر على طريق تدمير دولة إسرائيل. كما ينظرون إلى منظمات المجتمع المدني والسلطة الفلسطينية وأوروبا وأمريكا الشمالية وجنوب أفريقيا كممولٍ لنشطائهم وأنشطتهم.
هناك شبكة واسعة ومترابطة من العلاقات بين المنظمات الفلسطينية المقاوِمة ومنظمات المقاطعة، إذ تم تحديد أكثر من 100 جهة اتصال، بما في ذلك الحملات المشتركة والقوى العاملة المشتركة والمساعدات الاقتصادية.
ما هي طرق عملهم؟
يكشف التقرير أن عدد المناضلين الذي كان الاحتلال اتهمهم بتنفيذ عمليات فدائية أو قتل “إسرائيليين”، وقضوا فترات في السجون “الإسرائيلية”، يتقلدون اليوم مناصبَ رفيعة في التنظيمات الفلسطينية، ومنظمات المقاطعة، وهذا يضفي عليهم شرعية، كما أنهم يضمون إلى جانبهم نشطاء آخرين ممن كانوا أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، لكنهم يتخفّون خلف مهام مختلفة كرسامين أو فنانين أو فرق للدبكة الشعبية وغيرها.
كشفت وزارة التخطيط الإستراتيجي “الإسرائيلية” أن بعض المنظمات التي تعمل على مقاطعة الاحتلال، والتي كشف عنها التقرير، تضم نشطاء وفاعلين في العمل ضد الاحتلال، يتلقون تمويلًا يصل إلى ملايين يورو، من دول ومؤسسات أوروبية إنسانية عبر عدة طرق منها الطرق البنكية والتي تم الوصول لها. وفي العام الماضي، وبفضل النشاط السياسي لوزارة الخارجية “الإسرائيلية” تم الاعتراض على عمل هذه المنظمات، واستجاب لهذا الاعتراض عدد من الدول الأوروبية، إذ قررت إعادة النظر في الأموال المحولة إلى منظمات المقاطعة.
من خلال ما كشفه التحقيق المعمّق في سياسات التمويل والجهات المموِّلة لهذه الحركات التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل والتنظيمات الداعمة لها، سوف نعمل مع وزارة الخارجية وجهات أخرى من أجل العمل على منع تمويل هذه الحركات، وخاصة بعد كشف علاقتها بالمنظمات الفلسطينية المقاتِلة.
أدّت طريقة تمويه الارتباط بالمنظمات الإرهابية إلى حقيقة أن العناصر الغربية، وخاصة في أوروبا، ترى نشاط “الإرهابيين” في الماضي والحاضر ومنظمات المقاطعة نشاطًا مدنيًا شرعيًا. في هذا الإطار، يلتقي البرلمانيون الأوروبيون بهؤلاء النشطاء، لممارسة الضغط لإطلاق سراح “إرهابيين” في سجون “إسرائيل”، أيديهم ملطّخة بدماء “إسرائيليين” ، وكذلك لتعزيز المقاطعة ضد “إسرائيل” كجزءٍ من ممارسة تكتيك محاربتها.
أمثلة على المنظمات
- اللجنة الوطنية الفلسطينية (BNC): التي تعتبِر نفسها المنظمة الرائدة لحملة BDS العالمية. لدى BNC ذراع ثقافي -أكاديمي، يشجع بقوةٍ المقاطعةَ الثقافية ويستخدم في كثير من الأحيان العنف والترهيب ضد العناصر الثقافية التي تحافظ على العلاقات مع “إسرائيل”.
يتألف تحالف BNC من القوى الوطنية والإسلامية، بما في ذلك ممثلين عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحماس.
في الآونة الأخيرة، ونتيجةً لمعلومات حول العلاقات النضالية للمنظمة، والتي نقلتها وزارة الشؤون الاستراتيجية “الإسرائيلية”، أغلقت منصة DonorBox إمكانية قيام منظمة BNC بجمع التبرعات عبر العالم.
- على رأس منظمة المقاطعة الفلسطينية (الحق)، يقف شعوان جبارين، الذي أُدين في السابق بأعمالٍ ضد الاحتلال، وهو ناشطٌ سابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأدخل للمنظمة عناصر من الجبهة الشعبية وعيّنهم في مناصب عليا. شعبان جبارين نفسه يتجول في أوروبا ويحظى بشرعية وقبول كبيرين، في أوساط غالبية حكومات أوروبا، ويقوم بجمع المال لنشاطات المقاطعة ضد “إسرائيل”.
- ليلى خالد، (50 عامًا) وهي عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (PFLP). خالد خطفت طائرة (TWA) في العام 1969، وشاركت في محاولة لخطف طائرة “العال” في العام 1970. وتعمل في تعزيز نشاط BDS، بما في ذلك جمع الأموال لهذا الغرض، مع استمرار الأنشطة الإرهابية وصِلاتٍ مع جماعات إرهابية خلال العقد الماضي.
وأشار التقرير إلى أن خالد أجرت، برفقة عضو آخر في الجبهة الشعبية وهو مصطفى عوض، جولة في البرلمانات الأوروبية، ضمن حملةٍ لدعم إطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال “الإسرائيلي”، وذلك تحت غطاء منظمة حقوق الإنسان (صامدون)، وتجدر الإشارة إلى أنه تم اعتقال مصطفى عوض والحكم عليه لمدة عامٍ، بتهمة تلقى تدريب عسكري عند حزب الله اللبناني.
وهذا كلّه وفق ما زعمه التقرير الصهيوني، الذي أعلن عنه وزير أمن الاحتلال جلعاد أرادن، ونشرت وسائل إعلام الاحتلال أجزاءً منه صباح اليوم.
جدير بالذكر إنّ حركات المقاطعة التي تنشط في دول كثير حول العالم، كبّدت الاحتلال “الإسرائيلي” خسائر فادحة، تقدّر بعشرات المليارات، ولهذا ترصد سلطات الاحتلال موازنات ضخمة جدًا لمحاربة أنشطة المقاطعة، بأعلى وأعتى التقنيات الممكنة. كما تُحارب حركات BDS عبر تجنيد القوى الصهيونية، ومنها “اللوبي اليهودي” في مختلف المحافل الدولية لمهاجمتها والتحريض ضدّ هيئاتها وأنشطتها وأعضائها.
وأكثر ما تخشاه دولة الكيان المُحتلّ، من حركات المقاطعة ونشاطها، وفق ما يقوله رئيس مععهد دراسات الأمن القومي “الإسرائيلي” عاموس يلدين هو أنّ هذه الحركات تنشط في أوساط خطيرة جدًا، بعضها لطالما ربطته بـ”إسرائيل” علاقات جيدة، وتُروّج فيها لمفاهيم وحقائق وتُوجّه دعوات للمقاطعة وسحب الاستثمارات وغيرها، وهذا في خطيرٌ إذا ما تحدثنا عن مستقبل “إسرائيل”، فمن سيقود أمريكا بعد 20 عامًا، يتعلمون اليوم في جامعاتٍ تدور فيها دعاية معادية لـ”إسرائيل”.
في المقابل يُؤكّد القائمون على حركات المقاطعة أنّها باتت سلاحًا هامًا في النضال الفلسطيني، وإستراتيجية يجب العمل عليها، في مواجهة الغطرسة والإجرام الصهيوني، الذي عادة ما يُقابَل بالصمت والإفلات من العقاب على الصعيد الدولي، وبات عدد كبير من هذه الحركات يحظى بتأييد دوليّ من حكومات ومنظمات، وكذلك شخصيات عالمية بارزة.