تحرير حلب يُمهِّد درب «تسوية شاملة»
«هدف روسيا في سوريا بات التركيز على مساعي السلام»، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معلناً بدء مرحلة جديدة تنصَبُّ فيها الجهود على اجتراح الحل في سوريا، بعد تحرير حلب. وفيما لم تكد المدينة تسترجع أنفاسها بعد خلوها من المسلحين، تم إمطارها، أمس، بقذائف حصدت عدداً من القتلى بين سكانها المدنيين.
فصائل «المعارضة» المسلحة أطلقت اولى القذائف على حلب غداة إعلان الجيش السوري سيطرته على المدينة بالكامل، ما أدى الى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة ستة آخرين بجروح في حي الحمدانية السكني.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، إن «عشر قذائف على الأقل سقطت على حي الحمدانية أطلقتها الفصائل المعارِضة من منطقة الراشدين في ريف حلب الغربي، بعد أقل من 24 ساعة على إعلان قوات النظام سيطرتها على كامل مدينة حلب».
وبينما أكدت موسكو أن الوقف الشامل لإطلاق النار في سوريا بات وشيكا، هنأ بوتين خلال اتصال هاتفي، الرئيس السوري بشار الأسد على الانتصار في حلب، وأكد أن تحرير المدينة كان «نتيجة الجهود المشتركة لكل هؤلاء الذين توحدوا لمحاربة الإرهاب»، موضحاً أن «هدف» روسيا في سوريا بات التركيز على مساعي السلام والتوصل «إلى تسوية سياسية شاملة».
من جانبه، شكر الأسد «جهود بوتين وروسيا التي كانت المشارك الأساسي مع الحلفاء في تحرير حلب»، موضحاً أن «الانتصارات في حلب طريق للتسوية السياسية في سوريا».
وكان بوتين أعلن خلال مؤتمره الصحافي السنوي، عن أمله في إجراء محادثات سلام جديدة يمكن أن تدفع جميع أطراف النزاع إلى الاتفاق على وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا.
وقال: «الخطوة التالية يجب أن تكون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية»، لافتاً إلى أن رؤساء تركيا وإيران وسوريا اتفقوا على المشاركة في محادثات سلام جديدة اقترحت روسيا إجراءها في آستانا عاصمة كازاخستان.
وأوضح أن تحرير حلب كان مستحيلا من دون مشاركة روسيا، مشيراً إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد أدى دوراً كبيراً في العملية إلى جانب روسيا وتركيا وإيران، لكنه أوضح أنه «من دون لاعب مثل أميركا، لا يمكن التسوية في سوريا».
وخلال اجتماع الرئيس الروسي بوزير دفاعه سيرغي شويغو، ذكر بوتين أن «تحرير حلب من العناصر المتطرفة يشكل خطوة مهمة جدا نحو إعادة الوضع إلى طبيعته بالكامل في سوريا، وآمل، في المنطقة بأسرها أيضاً»، مضيفاً أن «هذه العملية انتهت، وخصوصا في مرحلتها النهائية بمشاركة وتأثير مباشر، لكي لا أقول حاسم، لجنودنا».
بدوره، توجه شويغو لبوتين بالقول: «لقد اقتربنا من التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق نار كامل في سوريا»، لافتاً إلى أنه تم توفير كل الظروف اللازمة لفرض وقف إطلاق نار شامل.
وأوضح أن عملية تحرير حلب تمت على مرحلتين، قائلاً: «جرت العملية وفقا لتوجيهاتكم وبالتعاون الوثيق مع الزملاء من تركيا وإيران، ولاحقا يجب تنفيذ المرحلة التالية، وبرأيي، اقتربنا كثيرا جدا من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق نار شامل في سوريا».
وتابع شويغو أن العمل يجري بشكل فعال في مجال إعادة المدنيين إلى ديارهم في حلب، ويقوم المختصون السوريون والروس بإصلاح وإعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء.
نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أشار إلى أن «عقد مباحثات سورية – سورية في عاصمة كازاخستان آستانة الشهر المقبل، يمثل تكملة للعملية السياسية في جنيف وليس بديلا عنها».
واستبعد في حديث لوكالة «انترفاكس» مشاركة وفد «معارضة الرياض» في المباحثات المرتقبة كونها «معارضة خارجية»، مرجحا أن يمثل وفد «المعارضة» القوى الموجودة على الأرض في سوريا.
وأوضح أن وفد «المعارضة» يجب أن يشمل كذلك وحدات «المعارضة» المسلحة باستثناء إرهابيي «جبهة النصرة» و «داعش»، إضافة إلى المعارضة «المعتدلة» والأكراد.
وأشار غاتيلوف إلى أنه لا توجد اتصالات بين موسكو والإدارة الأميركية المقبلة بشأن سوريا، لكنه أوضح أن روسيا تعتبر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب شريكا أفضل في التفاوض من الرئيس الحالي باراك أوباما. وذكر أن موسكو سترحب بتكثيف واشنطن لعملياتها لمكافحة الإرهاب في سوريا، مضيفاً: «لا ينبغي أن يكون هناك أي غيرة أو تنافس بهذا الصدد. يجب علينا جميعا أن نفكر في ضرورة توحيد جهودنا».
وفي إجراء عسكري هو الأول لروسيا بعد تحرير حلب، أعلنت وزارة الدفاع نشر كتيبة من الشرطة العسكرية في المدينة تكون مهمتها توفير أمن عناصر نزع الألغام الروس وأمن المستشفى الميداني الروسي المتنقل وأمن القوافل الإنسانية، مشيرة إلى أن الكتيبة ستنفذ مهامها ضمن قوام مركز المصالحة الروسي العامل في سوريا.
وتضم الكتيبة الروسية ما بين 300 و400 جندي. والشرطة العسكرية الروسية متفرعة عن الجيش وتعمل على الحفاظ على النظام والانضباط فيه.
وكانت وسائل الإعلام الروسية ذكرت في وقت سابق، أنه تم إرسال جنود من الشيشان في إطار الشرطة العسكرية إلى سوريا، وقد أظهرهم شريط فيديو وهم يتحدثون بالشيشانية أثناء استعدادهم للمغادرة بملابس الشرطة العسكرية.
تركيًّا، أعلن «المرصد السوري لحقوق الانسان» ارتفاع حصيلة قتلى الغارات التركية على مدينة الباب شمال سوريا خلال الـ24 ساعة الماضية إلى 88 مدنياً، كان آخرها أمس حيث قتل 16 مدنيا بينهم ثلاثة أطفال، ما يرفع عددهم إلى 24 طفلاً.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعاد تكرار لازمة اقتراب قوات «درع الفرات» من انتزاع السيطرة على مدينة الباب من سيطرة تنظيم «داعش».
وقال أثناء مراسم افتتاح ميناء للغاز الطبيعي في بلدة إزمير الساحلية، إن «الجيش الحر» سيسيطر على الباب قريباً بدعم من القوات التركية، موضحاً «كانت العناصر الإرهابية في سوريا قد استهدفت ولاية كيليس (جنوب تركيا)، وصبرنا أكثر من مرة، إلا أنهم لم يتّعظوا، وعندها نفد صبرنا، واستهدفنا الإرهاب ليس فقط داخل بلادنا بل هناك أيضا (شمال سوريا)».
وتابع اردوغان: «يقولون إنه ينبغي أن يكون هناك جانب ديبلوماسي للأزمة السورية، ونحن نؤكد ذلك، ونبذل جهودا ديبلوماسية مع الأطراف المعنية، لا سيما روسيا وإيران والسعودية وقطر».
يذكر أن «داعش» نشر مساء أمس الأول تسجيل فيديو يظهر إحراق جنديَّين تركيَّين وهما على قيد الحياة.