أخبار عربية

تحالف عسكري جديد لمحاربة الإرهاب.. هل ينقذ السعودية من مأزقها؟! / بقلم: د. موسى العزب

أعلنت السعودية عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، سيكون بقيادة المملكة ومقره في الرياض! ومن بين المشاركين دول قوية مثل تركيا وباكستان النووية، إلى جانب جزر القمر والمالديف، مع غياب صارخ للجزائر وعُمان.

ماذا تضيف السعودية بحلفها الجديد هذا ونحن نعيش حالة من التخبط والهوس في تشكيل الأحلاف العسكرية وفرطها؟

ما قامت به أمريكا وتقوم به السعودية حالياً هو محاولة التفاف على التعاون الدولي وأولويات الحقوق والقانون الدولي.

من حقنا أن نسأل حكومتنا عن سبب هذا الالتحاق المتسرع بمثل هذه الأحلاف، حتى قبل أن يتفق العالم على تعريف توافقي للإرهاب؟

التحالفات المتشكلة حتى الآن تخضع لمعايير متحركة تختار فيها واشنطن شركاءها وتحدد لهم طبيعة وحجم المهمة المناطق بهم، والآن يبدو بأن الوكيل السعودي قد كلف بمتابعة هذه المهمة، وأجندتها المذهبية.

من حقنا أن نتساءل، أين أصبح الحلف الأمريكي لمحاربة الإرهاب والذي التحقنا به في آب من العام الماضي، وتشكل من 65 دولة، ثم تصدع دون أن نحقق شيئاً؟ وماذا عن الحلف السعودي الذي قفزنا إلى عربته وهو ذاهب للعدوان على اليمن، ثم نراه الآن يتهاوى أمام صمود الشعب اليمني، ولم نرى في اليمن “السعيد” سوى تدمير هذا البلد الشقيق المُفقر؟

وأين أصبح التحالف العربي، الذي فُرض بتوصية خليجية وتبنّته الجامعة العربية بتشكيل قوة عسكرية مشتركة تحارب الإرهاب، ثم لم نسمع أين وصل؟ وماذا عن القائمة الأردنية للمنظمات الإرهابية؟

لقد رتبت الولايات المتحدة حروبها السابقة على أرضية أنه لا أحد يجرؤ على انتقاد قيامها بحروبها ضد الإرهاب، وقد وظفت الشعار الكبير للاقتصاص من أعدائها، وشنّت اعتداءات متواصلة ضد الشعوب والدول باسم حربها، والآن بتنا نرى أن هذه الميزة قد انتقلت إلى السعودية، وتتأكد الرغبة عند هذه القوى، بإبقاء الخلط بين جوهر الإرهاب، وحق الشعوب بالتنمية والمقاومة.

تعريف الإرهاب ليس أحجية لفظية أو إشكالية في البحث عن صيغ معجمية، فقد اقترب مؤتمر دوربان في جنوب افريقيا عام 2010 من وضع تعريف توافقي بأن الإرهاب “هو استخدام مدروس للعنف والتهديد بالعنف والتخويف والإكراه لأغراض سياسية أو دينية أو عرقية، وكذلك استعمال العقوبات الاقتصادية والاجتماعية، واحتلال أراضي الغير بالقوة”، وذلك قبل أن تنسحب بعض القوى الاستعمارية من المؤتمر وتعطل الجهد الدولي في هذا المجال.

والمفارقة في هذا التعريف، بأنه ينطبق إلى حدٍ كبير على مجمل ممارسات الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب وأعوانها في الإقليم.

ماذا ستقول هذه الدول الحائرة في الحلف السعودي الجديد، بما فيهم “دولة فلسطين”، عن ضرورة محاربة الإرهاب الصهيوني، وعن تدمير اليمن، وعن سيل المساعدات التي تقدمها تركيا وبعض دول الخليج والدوائر الغربية للإرهابيين في سورية والعراق؟ ماذا سيقولون عن تدمير العراق وشعبه وجيشه بذرائع محاربة الإرهاب، وعن هذه الطائرات الأمريكية التي تقصف أفغانستان وباكستان وتسقط آلاف الضحايا المدنيين على جانبي الحدود؟ هل حاول الوفد الفلسطيني مثلاً أو أي وفد أن يطلب من السعودية إطلاق سراح الشاعر الفلسطيني رشاد فياض المحكومة بقطع رأسه بتهمة ملفقة وهم الذين يقولون في بيانهم التأسيسي: الإرهاب يشكل انتهاكاً خطيراً لكرامة الإنسان وحقوقه، ولا سيما الحق في الحياة والحق في الأمن”.

الخطوة الأولى في محاربة الإرهاب، تقوم على محاربة الفساد والظلم والتخلف، والسعودية ومعظم شركائها لم يفعلوا شيئاً سوى تقوية الإرهاب ونشره.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى