بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى مرور تسعة وتسعون عاماً على وعد بلفور المشؤوم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني..
يا جماهير شعوبنا العربية.. يا كل أحرار العالم..
في مثل هذا التاريخ قبل تسعة وتسعون عاماً، أصدرت الحكومة البريطانية من خلال وزير خارجيتها ما عرف تاريخياً “بوعد بلفور” الذي بموجبه منح اليهود “حق إقامة وطن قومي لهم في فلسطين”. هذا الوعد الذي كان ولا يزال سبباً مباشراً في المآسي والجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق شعبنا الفلسطيني وأرض وطنه، وامتدت نتائجه لتُحدث العديد من التغيرات على المستوى العربي والإقليمي ديمغرافياً وجغرافياً وتاريخياً، بما يؤكد أن هذا الوعد ليس معزولاً عن اتفاقية سايكس بيكو، التي سبقته بعام، ومهدت له الطريق.
لقد كان وعد بلفور بمثابة ترسيخ للمصالح الإستراتيجية للقوى الاستعمارية والإمبريالية، التي شكلت حاضن وداعم ومُرسخ للمشروع والأهداف والوجود الصهيوني في بلادنا، منعاً لوحدتها ونهباً لخيراتها وإدامة لتخلفها واستمراراً لتجزئتها.
إن هذا الوعد الباطل شكلاً ومضموناً، من حيث عدم قانونيته وأهليته ومشروعيته وعدم أخلاقيته وإنسانيته وما ترتب عليه من نتائج، لا تزال أهدافه قائمة وقيد التنفيذ من قبل القوى الاستعمارية والإمبريالية لتطال عموم وطننا العربي، تحقيقاً لسايكس بيكو جديد، يعيد رسم خريطته وحدوده، ويعطي لدولة العدو الصهيوني دور محوري ومركزي فيه، يتعدى الوعد الذي تحقق بقيام دولته إلى ترسيم يهوديتها، وعليه فإن جبهة الصراع مع هذا العدو والقوى الحاضنة والداعمة له لا يمكن تجزئتها، كما لا يمكن تجزئة القضية الفلسطينية أو عزلها عن القضية العربية، التي باتت واضحة أكثر من أي وقت مضى، فهي كانت ولا زالت جزء لا يتجزأ كقضية وكحركة تحرر وطني، من القضية وحركة التحرر العربية المطلوب استعادتها واستنهاضها وتوحيد فعلها وممارستها، على طريق الوحدة والانعتاق والتحرر والاستقلال والتقدم.
في ذكرى وعد بلفور، الذي نستحضر ذكراه المشؤومة وأهدافه العميقة والكبيرة والمحفورة نتائجه في الواقع المعاش اليوم، نؤكد على ضرورة أن تتعدد وتتنوع أشكال ووسائل المجابهة له ولبريطانيا التي سنته، وفي هذا السياق نتوجه بتحياتنا وتقديرنا للجنة “مئوية وعد بلفور” ولكل المؤسسات والشخصيات المحلية والإقليمية والدولية التي تقف خلفها، وذلك من أجل إجبار بريطانيا على تحمل مسؤولياتها عن تبعات هذا الوعد المشؤوم الذي أدى إلى اقتلاع شعبنا الفلسطيني وتشريده واحتلال أرض وطنه، وندعو إلى أوسع حملة دعم وإسناد لها. كما نثمن عالياً قرار لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” الأخير، الذي أكد على عدم شرعية وقانونية أي تغيير أحدثه الاحتلال في بلدة القدس القديمة ومحيطها، وعلى أن الأقصى مكان وتراث إسلامي خالص، ونفى وجود صلة لأي مواقع يهودية في الحرم القدسي، ونعتبره إنجاز مهم يجب البناء عليه ودحض الرواية الصهيونية التي قام عليها الكيان الصهيوني على أرض فسطين.
جماهيرنا الوفية..
إن صراعنا الوجودي مع المشروع والكيان الصهيوني، ومهما طالت فصوله لن يجعلنا نكل أو نمل من السير على طريق النضال والكفاح وصولاً لتحقيق الانتصار المرهون باستعادة مشروعنا الأساسي وأسسه الملازمة، مشروع التحرير لا التسوية، والوحدة لا الانقسام، والعلم لا الجهل، والمؤسسة والتنظيم لا الفوضى والارتجال، والتوظيف الأمثل لقدرات وكفاءات شعبنا لا تبديدها، وتعظيم وتركيم الإنجازات لا تهشيمها.. وهذه بمثابة دروس مستفادة من التجربة والنتائج المحققة، تؤسس بالضرورة للدعوة الجدية للمراجعة الوطنية الشاملة، والعمل على شق نهج ومسار جديدين لنضال شعبنا لاسترداد حقه التاريخي في أرض وطنه وعودة لاجئيه وبناء دولته الوطنية المستقلة وتقرير مصيره وتحقيق أمانيه وتطلعاته المشروعة في مستقبل أفضل.
المجد لشعبنا
والحرية لفلسطين
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
دائرة الاعلام المركزي
1/11/2016